بعد سنوات على المجزرة.. المجرم لم يزل طليقًا


أحمد مظهر سعدو

تمر في هذه الأيام الذكرى الرابعة لجريمة الكيماوي التي ارتكبها النظام السوري، في غوطتي دمشق الشرقية والغربية، في 21 آب/ أغسطس 2013، وذهب ضحيتها نحو 1700 إنسان ومئات المصابين، في ظل صمت دولي مطبق، شجع القتلة على معاودة الجريمة في خان شيخون بريف إدلب، وفي مناطق أخرى من سورية.

العميد المتقاعد أسعد الزعبي قال لـ (جيرون): “لم يعرف التاريخ جريمة أشد مرارة وإجرامًا من هذه الجريمة؛ لأسباب عدة: أولًا لأنها ارتُكبت ضد أطفال من الوطن، ونفذها من يفترض أنه راعٍ لأبناء الوطن، وثانيًا لأنها جاءت ردًا على مطالب شعبية بالكرامة والحرية والإصلاح، ولذا فهي تعني القضاء على الحرية والكرامة، وتحويل الناس إلى عبيد، وثالثًا نفذها النظام بوجود لجنة التحقيق بالكيماوي في فندق شيراتون، أي رغم أنف العالم، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد أن هناك اتفاقًا بينهم، أو أن الأسد غير مبالٍ بالعالم وقوانينه وأوامره”.

وأضاف الزعبي: “إن عدم وجود إرادة دولية، لمحاسبة مرتكبي المجزرة، منح النظامَ ضوءًا أخضر لتكرارها، وهو ما حصل، بل إن النظام سلم (داعش) كميةً من غاز الخردل، عن طريق ضابط من السلمية، وطلب من التنظيم استخدام الغاز في مارع، بتاريخ 21 آب/ أغسطس 2014، وقدم شكوى إلى الأمم المتحدة بهذا الخصوص طالبًا من بعض الدول أن تتحدث عن تورط التنظيم باستخدام الأسلحة الكيماوية”.

ولفت الزعبي إلى أن “موسكو منحت غطاءً سياسيًا للنظام، بل هي من خطط لضرب خان شيخون بالسلاح الكيماوي، وتولت بعد ذلك الدفاع عن الأسد، وإرضاء المجتمع الدولي، عن طريق الاتفاق مع واشنطن على الضربة الخجولة لمطار الشعيرات، ولكن بعد سحب المخزون الكيماوي من المطار”.

وقال الطبيب منذر حاج درويش لـ (جيرون): “إن روسيا وراء كل ما يحدث، ولولاها لما تجرأ النظام على الاستمرار بارتكاب الجرائم، وهي من يحميه ويمنع محاسبته، وأنا أرى أن الجرائم ستسقط بالتفاوض غير المتكافئ وليس بالتقادم”.

في حين قال زكي هويدي عضو اللجنة العليا للمفاوضات لـ (جيرون): “العالم غير عاجز عن محاسبة النظام، إلا أن عملية المحاسبة من عدمها تخضع لأجندات ومصالح الدول المتحكمة بالصراع في سورية، سواء الدول الكبرى الممسكة بخيوط اللعبة الدولية، أو الدول الإقليمية التي لها تأثير في ساحة الصراع؛ لذلك فإن مآلات موتها بالتقادم أو عدم موتها تخضع لقرار تلك الدول”.

الناشطة أحلام ميلاجي بينت موقفها من هذا الموضوع، وقالت لـ (جيرون): “الدماء وإزالة آثارها مسألة غاية في الصعوبة دومًا، فكيف إذا كانت دماءً بريئة؟! قضايا الشعوب لا يمكن أن تسقط بالتقادم، ولا يضيع حق وراءه مطالب، وأعتقد أن ما أخّر محاسبة مجرمي الحرب في سورية هو صمت الضمير، وصراع المصالح الدولية، إلى جانب عدم امتلاكنا أدوات مناسبة”.

أحمد رمضان القيادي في المعارضة السورية قال لـ (جيرون): “ليس هناك نظام في العصر الحديث ارتكب جرائم باستخدام الأسلحة المحرَّمة دوليًا، وتركه المجتمع الدولي يواصل ذلك، كما نظام الأسد الذي استخدم السلاح الكيماوي 140 مرة على الأقل، أبرزها في غوطة دمشق في 2013، ونحن في الائتلاف الوطني السوري نعتبر مسألة محاسبة النظام على تلك الجرائم من أبرز أولوياتنا في كافة تحركاتنا مع الدول الصديقة، وقد وجهنا أكثر من مذكرة للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية والمنظمات الدولية؛ لتنظيم تحرك دولي مشترك بهدف محاكمة النظام ورموزه، كما تشكل هذه القضية محور مباحثاتنا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أصدقاء الشعب السوري”.

وأضاف رمضان: “مما لا شك فيه أن جرائم النظام لن تسقط بالتقادم، ولن يكون هناك أمن أو استقرار في سوريــة والإقليم، ما لم تتحد إرادة العالم في إنهاء حكم الاستبداد وتمكين السوريين من بناء دولتهم المدنية الحرة المستقلة التي تحترم إرادتهم، وتمكنهم من لعب دور تنموي، يناسب تاريخ بلدهم وعمقه الحضاري”.




المصدر