الغارديان: السعوديون في محادثات حول تحالف لإعادة بناء العراق و”إعادته إلى الحظيرة العربية”


أحمد عيشة

ومن شأن الميثاق أن يعطي السعودية دورًا رائدًا في إعادة بناء البلاد التي مزقتها الحرب، والسماح لها بإبعاد العراق عن منافستها إيران

أعادت زيارة الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر إلى الرياض، الأسبوع الماضي، المزيد من الدفء إلى العلاقات. تصوير: ريان كارتر/ أسوشيتد برس

يتفاوض العراق والسعودية على تشكيل تحالفٍ جديد، من شأنه أنْ يعطي الرياض دورًا رائدًا في إعادة بناء المدن، والبلدات العراقية التي مزقتها الحروب، مع إعادة تأهيل بغداد في جميع أنحاء المنطقة.

وقد تركزت الاجتماعات بين كبار المسؤولين من الجانبين، على مدى الشهور الستة الماضية، على إبعاد العراق عن جارته القوية، والمنافس المزمن للسعودية، إيران، التي ازداد نفوذها على الشؤون العراقية بشكلٍ حاد، منذ الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003.

ويُعتبر العراق، والمملكة العربية السعودية، منذ فترةٍ طويلة، خصومًا في المنطقة، لكنَّ زيارة رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر إلى الرياض، الأسبوع الماضي، ومتابعة الرحلة إلى الإمارات العربية المتحدة؛ أكسبت دفئًا للعلاقات التي تم تحسينها بالفعل من قبل، عن طريق زياراتٍ لشخصياتٍ رفيعة المستوى بين البلدين.

ويؤكد وصول الصدر إلى السعودية -وهو من زعماء الحرب الطائفية التي دمرّت العراق في الفترة من 2004 إلى 2008، والذي له روابط دائمة مع إيران- على مستوى جديدٍ من المشاركة، يمكن أن يرى في الرياض لاعبًا مهمًا في إعادة بناء معظم المدن السنيّة: الموصل والفلوجة والرمادي وتكريت.

وقال وزير الدولة السعودي السابق سعد الجبري: “إنَّ هذه الزيارة كانت خطوةً مهمة لضمان عودة العراق الى الحظيرة العربية، وهي خطوةٌ يدعمها شركاء وأصدقاء”. وأضاف: “وهذا ضروريٌّ للحدِّ من محاولات طهران المستمرة للسيطرة على العراق، ونشر الطائفية. ومن شأن مشاركةٍ أوسع بين الرياض وبغداد أنْ تقود الطريق لتعزيز الدعم الإقليمي للعراق، وخاصةً من دول الخليج. وهذا ضروري بعد استعادة الموصل من (داعش)، حيث يتطلع العراق نحو إعادة الإعمار الوطني”.

عضو من الشرطة الاتحادية العراقية أثناء دورية بين أنقاض المدينة القديمة في الموصل هذا الشهر. تصوير: صهيب سالم/ رويترز

لقد تحملّت المناطق السنية في العراق وطأة الحرب التي قادتها الولايات المتحدة، ضد “الدولة الإسلامية” (داعش) طوال ثلاث سنواتٍ، والتي حققت نجاحًا كبيرًا. لم تعد (داعش) تسيطر على أيّ مدينة، وتقتصر سيطرتها على سلسلة من المدن في الشمال الغربي، وفي محافظة الأنبار.

ولكنْ يُعتقد أنَّ إعادة إعمار العراق سيكلف أكثر من 100 مليار دولار (78 مليار جنيه إسترليني)، والمدن السنية الأربع، فضلًا عن ثلاث محافظاتٍ سنية أساسًا، هي محور آمال المصالحة الوطنية في بلدٍ، حيث أكثر من ثلثي السكان هم من الشيعة.

وبينما يتحرك العراق نحو الانتخابات الوطنية مطلع العام المقبل، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي، والصدر أنَّ إعادة تحرير السنة -الذين فقدوا الامتيازات، والمكانة بعد سقوط صدام- يجب أن يكون محور خطط إعادة البناء.

“ومن الجدير بالذكر أيضًا أنَّ زيارة الصدر لها جانبٌ عملي، وأدّتْ إلى بعض الفوائد المباشرة من إعادة فتح المعابر الحدودية، ودعم النازحين داخليًا، إلى إمكانية تعيين سفيرٍ جديد، وفتح قنصليةٍ في النجف”. كما قال الجبري، وأضاف: “هذه دلائلُ واضحةٌ على أن هناك رغبة ملموسة في إعادة إقامة علاقة استراتيجية، بين البلدين قائمةٍ على المنفعة المتبادلة”.

في بغداد، حيث المواقف تجاه السعودية كانت معادية علنًا، ​​طوال الحرب على (داعش)، خفتَ مؤخرًا الخطاب بلوم الرياض في ما يخص التمرد الجهادي.

وقال عبد الباري زيباري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي: “إنَّ العلاقات تنمو الان أكثر من أيّ وقتٍ مضى، ويرجع ذلك إلى الإدارة الأميركية الجديدة التي تساعد السعودية، والخليج في إعادة بناء علاقاتها مع بقية دول المنطقة”. وأضاف: “نحن نرحب بأيّ تمويلٍ أجنبي، أو إقليمي. وسيكون هذا خطوة ذكية لمصلحة الدول العربية، والدول الأجنبية”.

لم تتبادل بغداد والرياض السفراء لمدة 25 عامًا، حتى عودة المبعوث السعودي في عام 2015؛ الأمر الذي أدى إلى سلسلةٍ مزعومة من الادعاءات حول المسؤولية عن التمرد العراقي، والفوضى الإقليمية. لكن خلال العام الماضي، زار العبادي، والرئيس العراقي فؤاد معصوم الرياض، وسافر وزير الخارجية السعودي إلى بغداد.

وقال إحسان الشمري، رئيس مركز أبحاث سياسي في بغداد: “هذه بدايةٌ جديدة، وصفحة جديدة من العلاقات السعودية العراقية”. وأضاف: “كانت العلاقات مضطربة، ومتوترة في الماضي، وخصوصًا خلال حكم [رئيس الوزراء السابق] المالكي. الآن بعد أنْ وجد السعوديون شخصيةً سياسية غير طائفية في حيدر العبادي، هم على استعدادٍ للعمل معًا، ولم يعودوا يركزوا على الصدع الشيعي السني. وعلاوة على ذلك، يريد العراق “العودة إلى الحظيرة العربية”، والنافذة إلى العالم العربي هي المملكة العربية السعودية”.

وأضاف: “إنَّ هذا التمويل الآن لإعادة إعمار البلاد هو عملٌ حسن النية، ووسيلتهم لإظهار التضامن مع العراقيين الذين يدركون أننا نمر بأوقات اقتصادية صعبة”.

يرى كبار المسؤولين في الرياض التي وضعت لنفسها أجندةً طموحة للإصلاح الاقتصادي، والثقافي، فرصةً لإعادة بناء المناطق السنية في العراق كجزءٍ من التحركات الأوسع لكبح إيران، وتأكيد المملكة كقوةٍ ما بعد (داعش).

وقال الجبري: “إنَّ الوضع في العراق يهّمُ المنطقة بأسرها من الناحية الأمنية، والاقتصادية، والسياسية”. وأضاف: “لذلك من الطبيعي أنْ تسعى القيادة السعودية إلى إيجاد سبلٍ للسياسة الخارجية لدعم العراق في هذه اللحظة الحرجة، وهذه الزيارة خطوةٌ واضحة في هذا الاتجاه. مقتدى الصدر زعيمٌ محترم وله تأثير كبير، وهو يدرك أنَّ مستقبل العراق يكمن في العالم العربي، وقد أعرب مرارًا عن قلقه إزاء تأثير إيران المتزايد في العراق”.

وأضاف: “إنَّ العراق سيحتاج بالتأكيد إلى دعمٍ إقليمي، ودولي كبير لإعادة الاعمار، وخصوصًا لمدنٍ مثل الموصل، والفلوجة، والرمادي. وانطلاقًا من خلفية تنشيط السياسة الخارجية السعودية، وأهمية العلاقات السعودية العراقية التاريخية، لنْ أكون مندهشًا لرؤية استثمارٍ سعودي كبير في جهود إعادة الإعمار، بالإضافة إلى القيادة الإقليمية والدولية في ما يتعلق بهذه القضية”.

اسم المقال الأصلي Saudis in talks over alliance to rebuild Iraq and ‘return it to the Arab fold’ الكاتب مارتن شولوف، Martin Chulov مكان النشر وتاريخه الغارديان، The guardian، 18/8 رابط المقال https://www.theguardian.com/world/2017/aug/18/saudi-arabia-talks-alliance-rebuild-iraq-return-arab-fold ترجمة أحمد عيشة


المصدر