إدلب محور حراك عسكري مكثف في أنقرة


آلاء عوض

تشير التطورات الأخيرة إلى أن أنقرة حسمت أمرها تجاه تدخّل عسكري في إدلب، وشرعت ترتّب تفاهمات مع الأطراف الدولية، لتنفيذ هذا التدخّل، بما يتماشى مع اتفاق (خفض التصعيد)، ويراعي “مخاوف” موسكو من تنامي قوة (هيئة تحرير الشام) في المنطقة.

في 16 آب/ أغسطس الحالي، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أنقرة، الجنرال محمد باقري رئيس هيئة الأركان الإيرانية؛ وبحثا مصير محافظة إدلب وقضايا تتعلق بالحدود المشتركة للبلدين، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، تصريحات لباقري، أكد فيها “أولوية تنسيق جهود البلدين؛ بما يقود إلى إرساء الأمن والاستقرار في سورية”، في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الروسي الجنرال، فاليري غيراسيموف، سيزور تركيا لمناقشة الوضع في إدلب، مشدّدًا على أن “موقف روسيا أكثر تفهمًا لموقف بلاده، بشأن (وحدات حماية الشعب) الكردية السورية، من الولايات المتحدة”.

حول سيناريوهات تدخل تركيا في إدلب، قال الباحث التركي زاهد غول لـ (جيرون): “أمر إدلب محسوم للشعب السوري، ومنطقة إدلب ديموغرافيًا محسومة للسوريين، بسبب طبيعتها السكانية والمذهبية والقومية، وترفض تركيا التغييرات التي تدعمها الولايات المتحدة لصالح الأكراد؛ لأنها تصب في التقسيم والانفصال، كما ترفض التغييرات التي تدعمها إيران في إدلب؛ لأنها لا تصب في مصلحة الشعب السوري، وإنما النفوذ المعادي لتركيا، لذا فإن أنقرة لن تتخلّى عن سكان إدلب والفصائل السورية الوطنية التي تدافع عنها”.

يرى غول أن تصريحات أردوغان الأخيرة “تشير إلى تدخّلٍ تركي وشيك في إدلب، غير محدّد الوجهة حتى الآن، ولكن من الواضح أنه سيكون بالتفاهم مع روسيا، لاستكمال أهداف عملية (درع الفرات)”، أما مستقبل إدلب، “فستحدده فصائل الجيش الحر التي ستحظى بدعمٍ تركي، بغض النظر عن الجهة التي تحاربها، لا سيما أن هذه الفصائل تدافع عن أرضها ووجودها، وتعمل على حماية السكان الأصليين لمدينة إدلب”.

تحاول موسكو تثبيت (خفض التوتر) بشتى السبل، وفي هذا الجانب، قال رولف هولمبو الباحث بالمعهد الكندي للشؤون العالمية وسفير الدنمرك السابق لدى سورية، في تقرير نشرته وكالة (رويترز) أخيرًا حول الخيارات الغربية في سورية: “ما من شك أن الروس يريدون حلًا سياسيًا؛ فالحرب مكلفة بالنسبة لهم، وكلما طال أمدها تضاءل حجم النجاح بالنسبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غير أن الروس يريدون حلًا بشروطهم، وهو حل يبقى فيه الأسد في السلطة”.

وأضاف: “اتفاقات وقف إطلاق النار تحقق أمرين، فهي تسمح للروس بالسيطرة على المفاوضات السياسية وتبدو مواتية على الصعيد الدولي، لكن الأهم أنها تسمح للأسد وللفصائل المدعومة من إيران بتخفيف العبء عن القوات، بحيث تتفرغ للسيطرة على الأراضي التي يوشك (تنظيم الدولة الإسلامية) على خسارتها”.

حول الموقف الأميركي من التفاهمات الجديدة، علّق غول: “منذ أن بدأت فكرة المناطق الآمنة وتخفيض التصعيد تأخذ دورها، بناءً على الرؤية التركية الروسية، جرى الحديث عن ترتيبات لدخول مدينة إدلب في خفض التصعيد، ولعل التصريحات الأميركية التي تحمّل أنقرة مسؤولية وجود تنظيمات إرهابية في إدلب، تهدف إلى تخريب الجهود التركية والروسية السابقة في مدينة الباب، فأميركا -بعد أن استثنت الدورَ التركي جنوب غرب سورية، باتفاقها مع روسيا فقط- تحاول الآن إضعاف دور تركيا في الشمال أيضًا، وبالأخص في الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة السورية، والحجّة التي تستند إليها أميركا هي أن (هيئة تحرير الشام) تنظيم إرهابي، وقد تم ترحيل الكثير من المقاتلين من المعارضة السورية إلى إدلب، مثل معارضي حلب وجرود عرسال وغيرهما، فتركيا تعلم أن تنظيم القاعدة يتواصل مع الأجهزة الأمنية الأميركية، منذ عقود، وتوفّر له -كما وفرت لـ (داعش)- ملاذات آمنة أكثر من مرة”.

وتابع: “تركيا معنية باستقرار أمنها القومي الداخلي أولًا، وألا يأتيها الخطر من الحدود السورية ثانيًا، وأن يكون تعاونها مع الفصائل السورية المعتدلة ثالثًا، وأن تكون تحالفاتها الدولية بالشأن السوري تصبّ في مصلحة الشعب السوري، وبالأخص إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها”.




المصدر