مسقط رأس الفيلسوف "ديوجين" بتركيا.. مدينة اكتشفت مفتاح السعادة



السورية نت - رغداء زيدان

تمتعت مدينة سينوب التركية مسقط رأس الفيلسوف "ديوجين" (300 قبل الميلاد)، الذي كان يطالب من يلتقيهم بأن يستمتعوا بما يحظون به، وألا يكترثوا على الإطلاق بما يفتقرون إليه، بسمعة طيبة حول نمط عيش سكانها وتآلفهم.

ورغم أن البيانات الخاصة بمعهد الإحصاء التركي تفيد بأن سينوب تحتل مراكز متأخرة على قائمة ولايات البلاد على صعيد التمتع بالخدمات الصحية ومرافق البنية التحتية، فقد تربعت هذه الولاية على قمة الترتيب فيما يتعلق بشعور سكانها بالرضا والسعادة، وذلك وفقاً لنتائج دراسات مسحية أجراها المعهد على مدار سنوات متوالية للتعرف على مدى رضا الأتراك عن حياتهم. فما السر وراء ذلك؟

مسقط رأس الفيلسوف الإغريقي القديم "ديوجين"، الذي عاش حياة الفقراء المعدمين في شوارعها، وبسبب نمط حياته البائس، أُطلق عليه لقبٌ إغريقيٌ مشتقٌ من مفردة يونانية قديمة تعني "الكلب". وفي كثيرٍ من الأحيان، يُنسب إلى هذا الرجل فضل تأسيس مذهب فلسفي يحمل اسم "الكلبية"، ويقوم على اعتقاد مفاده بأن التقاليد الاجتماعية تقيد الحرية الشخصية للإنسان وتحول دون تمتعه بحياة طيبة.

وتروي أسطورة منتشرة في هذه المنطقة، أن الإسكندر الأكبر زار "ديوجين" ووجده يجلس خارج داره. وعندما سأله الملك عما إذا كان يريد شيئاً منه، رد عليه الفيلسوف قائلاً: "بوسعك التنحي جانباً، وأن تكف عن حجب أشعة الشمس" عني.

وشكّل تمثال لـ"ديوجين"، نُصب في قلب سينوب عام 2006، مؤشراً على أن نهج هذا الفيلسوف في الحياة لم يزل حياً في الذاكرة هنا.

طبيعة التعاملات في سينوب بدت مختلفة. فمقارنةً بالمشهد الفوضوي للشوارع في اسطنبول، كانت السيارات تسير بانسجامٍ وتناسق في هذه المدينة، رغم عدم وجود إشارات ضوئية للمرور في طرقاتها.

وفي حقيقة الأمر، كان الرصيف غاصاً بالبشر الذين آثروا المشي على ركوب السيارات. ولم يبد أن أياً من هؤلاء متعجلٌ للوصول إلى أي مكان، رغم أننا كنا في صباح يوم عملٍ عادي.

وهناك مثالٌ على ذلك، تضربه آيلِن تُك، مديرة مطعم "تيزينن يري"، الذي يشتهر بتقديم فطائر من اللحم والعجين المغطى بالمكسرات، إذ تقول "بوسعي كامرأة السير هنا وهناك مُرتدية سروالاً قصيراً دون أن يزعجني أحد. وبمقدور المرء الخروج في الثالثة فجراً، ولن ينبس أحد ببنت شفه".

وعندما سألتها عن سر سعادة سكان المدينة؛ جاءت إجابتها متماشية إلى حد كبير مع فلسفة ديوجين، سواءٌ قصدت هذه السيدة ذلك أم لا، إذ قالت إنه لا يوجد شعورٌ بالتفاوت بين السكان من حيث الفقر والثراء.

وضربت على ذلك مثالاً بالقول: "الناس من مختلف شرائح المجتمع يرتادون المقهى نفسه لاحتساء الشاي أو القهوة وتناول السميط"، وهو كعكٌ مُعدٌ على الطريقة التركية ومُغطى بالسمسم.

يفضل السكان تبني نمطٍ أبسط للحياة. فالجيران يقفون في نوافذ منازلهم للثرثرة مع بعضهم البعض، ويشترون احتياجاتهم من محال البقالة والمخابز المملوكة لأبناء المنطقة التي يعيشون فيها.




المصدر