الإسلام والليبرالية على طاولة التفكيك في صالون الكواكبي


صبحي فرنجية

يبحث لقاء (الإسلام والليبرالية) الذي ينظمه (صالون الكواكبي) المنبثق عن (مركز حرمون للدراسات المعاصرة)، في مدينة إسطنبول التركية، في يومه الثاني، عدةَ محاور أبرزها التنوير والإصلاح الديني، الإسلام والليبرالية: إشكالية العلاقة ومنطلقات التقارب، شروط المصالحة بين الليبراليين والإسلاميين، وغيرها من المحاور ذات الصلة.

اللقاء الذي ينتهي اليوم الإثنين، والذي ستخرج منه 18 ورقة بحثية، بحث يوم أمسِ عدة قضايا، وصفها الحضور بأنها ذات أهمية خاصة في الوقت الراهن، لا سيما وسط تداخل المفاهيم وصراعها، مفاهيم: السلطة، الدين، الحرية، الليبرالية. إضافة إلى مناقشة الضوابط والهوامش وإمكانية التناغم فيما بينها.

قال الباحث العراقي عمر عبد الستار: إن “مشكلتنا عقلية، منظوماتية، أكثر مما هي مشكلة أميركا وإيران، أو مشكلة علمانيين أو إسلاميين”، معتبرًا أن أفضل الحلول الناجعة يمر عبر “إصلاح سياسي يكون من خلال حكم فدرالي علماني”، معقبًا “لا العلمانيون يريدون الفدرالية، ولا الإسلاميون يريدون العلمانية”.

حول التجربة التي مرّت بها تركيا في محاولة “التوأمة” بين الإسلام والليبرالية، قال الباحث التركي بكير أتاجان: “إن الإسلاميين أخطؤوا، عندما عرّفوا أن تركيا دولة إسلامية، كما أن العلمانيين أخطؤوا، عندما اعتبروا أن تركيا دولة إسلامية”، موضحًا أن “تركيا دولة تتبنى الفكر العلماني، وشعبها مسلم، وهي ما زالت مصرة ومستمرة على نظامها العلماني”. وأضاف “الأحزاب الموجودة في تركيا، بما فيها حزب العدالة والتنمية، تصر في نظامها الداخلي على بعض الأمور التي تهم البلد أكثر مما تهم الأيديولوجيا. لا توجد في تركيا محاكم تستند في أحكامها إلى الشريعة، وهذا يعني أن نظامها علماني بامتياز”.

حول اللقاء، قال الباحث في (مركز حرمون) مناف الحمد، في حديث لـ (جيرون): إن “المراد هو أن نصنع أو نستخرج مشتركات بين الإسلام والمنظومات الحديثة المعاصرة”، وأضاف: “في رأينا، إن اللقاء بين الإسلام وهذه المنظومات ممكن، وإن التلاقح بين الإسلام والليبرالية ممكن جدًا”. وتابع: “نحن نحاول أن نعود إلى الجذور، وأن نؤسس مفاهيم جديدة، نشتق منها مشتركات يمكن الاستفادة منها على أرض الواقع”، وأكد: “عندما نحاول أن نؤسس للمفاهيم، نحن نظن أن هذا الحوار حول المفاهيم ربما يخرج المحاورين من خنادقهم التي فرضتها ظروف واقية وسياقات تاريخية”.

المفكر الأردني ليث شبيلات رأى أن المشكلة، بين الإسلاميين والليبراليين، هي مشكلة “أخلاقية”، موضحًا لـ (جيرون) أن “التوافق بين الطرفين سهل، إن وجدت الأخلاق، وإذا صدق الإنسان في مبادئه تجده في مكان ما مهما تغيرت الظروف. من السهل التوصل إلى توافق بين الأطراف، شرط أن يلتزم أصحاب الفكر بصدق انفتاحهم على بعض”. وأضاف: “نحن اتفقنا في المؤتمر العربي القومي والإسلامي على مبدأين، لا يختلف عليهما عاقل، هما لا للتدخل الأجنبي، ولا للعسكرة. لكن عندما جاء الربيع العربي، فضحنا؛ إذ التجأ بعضنا إلى الأجنبي، والتجأ آخرون إلى العسكرة”. وأكد أنه “مهما اتفقنا في الفكر؛ فإن الأمة لن تنهض في حال خالفنا هذين المبدأين: (لا للتدخل الأجنبي ولا للعسكرة)”.

المفكر المغربي سعيد ناشيد قال: “في تقديري الشخصي، إن المعيقات الأساسية في بناء الجسور بين التيار الإسلامي والليبرالي لا تكمن في المستوى السياسي، إنها -في الحقيقة- تكمن في البنية الثقافية والذهنية”، مضيفًا في تصريح لـ (جيرون) أن “البنية الذهنية الخاصة بنا لم تسعفنا بعدُ، للانتقال من عصر القدامى إلى عصر الحداثة، إمكانية الحوار لا تتوفر إلا داخل بيئة حديثة، تحترم الحقوق الفردية وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات”. وتابع: “إن إمكانية الحوار أو اللقاء هي إمكانية إنجاز برنامج الانتقال إلى عصر وقيم الحداثة، وهنا أعتقد أن مسألة السلطة تبقى عائقًا، حين تُطرح كأولوية، لكن في حال استبعدناها واعتبرنا أن هناك أولويات في حسم البرنامج الثقافي أولًا قد نحقق اختراقًا، وقد نتقدم بصرف النظر عن الأسماء والتسميات”.




المصدر