منصات وبيادق


جيرون

أعلنت منصة موسكو، في وقت متأخر من ليل الجمعة، قبولَ دعوة الهيئة العليا للمفاوضات للاجتماع في القاهرة، بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها الدعوة وتمسكها بإجراء الاجتماع في جنيف.

منصة موسكو بررت موافقتها -في رسالة تسلمتها الهيئة العليا للمفاوضات، واطلعت عليها (جيرون)- بأنها كانت على خلفية تلقي المنصة اتصالات من دول صديقة وفاعلة من جهة، وحرص المنصة على التسريع بالحل، ليستطيع الشعب السوري الخروج من محنته من جهة ثانية.

كما حملت في طياتها رسائل أخرى مثيرة للجدل، حيث قالت الرسالة إن منصة موسكو متمسكة بقرار مجلس الأمن 2254، وترفض أي اجتهاد عليه يخالفه، أو يهدف إلى الخروج عنه؛ ما يعني أن منصة موسكو ما زالت متمسكة برأيها في عدم مناقشة مصير الأسد، كون القرار الدولي لم يأت على ذكر ذلك.

على عكس منصة القاهرة التي تقول بإمكانية رحيل الأسد في نهاية المرحلة الانتقالية، فإن منصة موسكو -على ما يبدو- لا مانع لديها في بقاء الأسد، خلال وبعد المرحلة الانتقالية، ليبقى موقف الهيئة العليا صاحب السقف الأكثر ارتفاعًا؛ إذ إنه يرفض أي وجود للأسد، خلال المرحلة الانتقالية، ويصرّ على رحيله مع انطلاقها. وفي ذلك، قال كبير المفاوضين محمد صبرا، في تصريحات صحفية، قبل أيام: إن “الموافقة على بقاء الأسد هي قِلة شرف”.

إذًا، سينعقد الاجتماع، ولا مشكلة في التوافق على الكثير من المسائل، بل على أغلبها، ولكن ليس من المرجّح أن يتم التوافق على أهمها، وهو مصير بشار الأسد، خصوصًا أن منصة موسكو ستتمسك برأيها، فهي تتبنى ما تفرضه الخارجية الروسية رغمًا عن أنوف السوريين.

بعيدًا عما يجري في الرياض من محاولة للخروج من الأفخاخ التي ينصبها الوسيط الدولي، هناك ما تفعله روسيا على الأرض وما تنادي به، وهو مختلف تمامًا عن مسيرة الرياض وجنيف، حيث استطاعت الالتفاف على جنيف بمؤتمر أستانا، وبدأت فعليًا بتطبيق مناطق خفض التوتر، وكان تصريح الخارجية الروسية الأخير واضحًا، وهو العزم على القيام بمصالحات داخلية بين المناطق المشمولة بخفض التوتر، كما أن روسيا ماضية في هذا الاتجاه مستخدمة سياسة العصا والجزرة، ترهيبًا وترغيبًا. أما الحديث عن خروج قريب لإيران، فذلك مؤجل إلى أن تستطيع موسكو إعادة كامل زمام السلطة للأسد؛ لأنها لن تُغامر بذلك حاليًا تحت أي نوع من الضغوط ولا سيما الضغوط الأميركية الوهمية، وتصريحات الإدارة الأميركية التي خبرها السوريون، على مدار شهور، ولا تمثل أكثر من ذر للرماد في العيون.

بعد أن ينتهي اجتماع المنصات، وبغض النظر عن النتائج، ثم اجتماع توسعة الهيئة العليا المزمع عقده في الرياض، منتصف تشرين الأول/ أكتوبر المقبل؛ سيكون قد مضى شهران تمامًا، ويكون الفعل الروسي على الأرض قد سبق نتائج كل الاجتماعات، حينئذ ستكون كل المنصات والهيئات المعارضة معزولة بالمطلق عن أي فعل على الأرض، سياسيًا كان أم عسكريًا، وهنا يبقى السؤال: هل سيضطر النظام، بعد الشهر العاشر، إلى الجلوس لطاولة المفاوضات، ويقبل بتشكيل هيئة حكم انتقالي وهو في أفضل حالاته، في حين كان يرفض ذلك عام 2014 وهو على وشك السقوط؟

لا بدّ من انتظار نتائج اجتماع المنصات مع الهيئة العليا، وبعدها اجتماع التوسعة الذي يذكّرنا بتوسعة المجلس الوطني الذي أنجب الائتلاف، وبعدها يمكن بناء تصور أكثر واقعية.

وفيما يلي نص رسالة منصة موسكو إلى الهيئة العليا للتفاوض:

الهيئة العليا للمفاوضات

تحية طيبة

كنّا قد أعلمناكم، في رسالتنا السابقة يوم أمس، وبعد أن كانت الأمم المتحدة قد أجّلت لقاء اللجان التقنية الذي كان مقررًا في 22/ 8 إلى أجل غير مسمى، أننا لسنا -من حيث المبدأ- ضدَّ المشاركة في اللقاء الذي دعوتمونا إليه، ولكن في ضوء مجموعة من المستجدات التي جرت خلال الـ 24 ساعة الأخيرة، أهمها: المعلومات القائلة إن فريق الأمم المتحدة ينوي تأجيل لقاء اللجان التقنية وجنيف 8 إلى شهر تشرين الأول/ أكتوبر، في حين أننا حريصون على كل يوم يمكن اختصاره للبدء بإنهاء الوضع الإنساني الذي يعاني منه شعبنا. من جانب آخر جرت اتصالات مكثفة بنا، من قبل أطراف متعددة من مختلف أطياف المعارضة السورية، لا نشك أنها تشاركنا الحرص نفسه في التعجيل بإنهاء مأساة شعبنا، وكذلك جرت اتصالات عديدة بنا من قبل أصدقاء يمثلون دولًا رئيسية وفعالة في الملف السوري… وعليه؛ قررنا في منصة موسكو تلبية دعوتكم بوفد رفيع المستوى مكون من سبعة أعضاء إضافة إلى مستشار، على أن تكون كل الجهود موجهة في هذا اللقاء، إلى تشكيل وفد واحد للمعارضة على أرضية ما تم التوصل إليه في لوزان.

كما أننا نؤكد أن منصة موسكو متمسكة بقرار مجلس الأمن 2254، وترفض أي اجتهاد يخالفه أو يهدف للخروج عنه، كما أننا نتقدم باقتراح لمنصة الرياض ومنصة القاهرة وكسبًا للوقت، وبحكم أننا سنكون موجودين جميعنا، أن نخصص يومًا أو يومين لمتابعة اللجان التقنية عملها، لدفع فريق الأمم المتحدة في التسريع بانعقاد جنيف 8 بداية الشهر التاسع؛ للبدء بالمفاوضات المباشرة مع وفد النظام، وبذلك نكون قد سرّعنا بمساعدة شعبنا في الخروج من هذا الوضع المأساوي وغير الإنساني الذي يعيشه.

وتقبلوا فائق الاحترام.

رئاسة منصة موسكو




المصدر