تركيا وإيران تتقاربان في الملفين الكردي والسوري


جيرون

شكلت الزيارة التي قام بها رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، الأسبوع الماضي إلى تركيا، والتقى خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومسؤولين أتراك، علامةً فارقة في العلاقة بين البلدين، حيث ظهرت على نحو واضح ملامح توافق حول القضيتين الرئيسيتين (الكردية والسورية)، بعد سنوات من الخلافات العميقة بين البلدين، والحروب بالوكالة في كل من سورية والعراق، فضلًا عن كون الزيارة أتت في ظل التطورات والمستجدات الإقليمية التي بدأت ترخي بظلالها على القضايا الأمنية والعسكرية التي تمس البلدين.

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين الماضي: “إن تركيا وإيران ناقشتا إمكانية القيام بتحرك عسكري مشترك ضد الجماعات الكردية المسلحة المرتبطة بـ (حزب العمال الكردستاني)”، وذلك خلال الزيارة التي قام بها، الأسبوع الماضي، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية للعاصمة أنقرة.

أضاف أردوغان أن صراعًا أكثر كفاءة ضد (حزب العمال الكردستاني) وفرعه الإيراني (حزب الحياة الحرة لكردستان) سيكون ممكنًا، من خلال تحرك مشترك مع طهران، وأنه تم مناقشة الموضوع بين قادة الجيشين الإيراني والتركي، كما ناقش هو مع الموفد الإيراني “كيف يمكن تنفيذ ذلك بشكل موسع”.

من جانبها، اعتبرت وكالة (تسنيم) الإيرانية أن الزيارة الأولى لرئيس أركان إيراني خارج البلاد، منذ الثورة الإيرانية عام 1979، كانت في غاية الأهمية، موضحة أنه “تم التوصل إلى اتفاقات مهمة حول محافظة إدلب السورية، خلال الزيارة”، كما تم التركيز على عدة قضايا، أهمها “استفتاء استقلال كردستان العراق، ومكافحة الإرهاب في المنطقة والتطورات في سورية، وأمن الحدود ومكافحة الاعمال الإرهابية، وتعزيز التعاون العسكري والدفاعي”.

يرى مراقبون أن زيادة أنشطة (حزب العمال الكردستاني)، وتصاعد الأنشطة العسكرية والاستخباراتية الأميركية والغربية والروسية في المنطقة شكلت هاجسًا مشتركًا، لكل من إيران وتركيا على حد سواء، خاصة بعد وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض، ومواقفه العلنية برفض السياسة الأميركية التي انتهجها سلفه باراك أوباما، بخصوص الملف الإيراني، كما قام بالمقابل بزيادة دعمه العسكري للميليشيات الكردية في سورية، بذريعة مكافحة الإرهاب المتمثل بتنظيم (داعش)، وترى تركيا أن تلك الميليشيات امتداد لـ (حزب العمال الكردستاني).

على الجانب الآخر، شكّل دخول روسيا كلاعب أساسي في المنطقة، بعد تدخلها العسكري في سورية، مفصلًا مهمًا في سيرورة الأحداث المتفجرة أصلًا في الشرق الأوسط؛ الأمر الذي خلق مشهدًا معقدًا غيّر قواعد التحالفات التقليدية السابقة التي كانت قائمة في الشرق الأوسط.

الصحفي التركي نهاد علي أوزجان قال معلقًا على زيارة المسؤول الإيراني: إن “التطورات الأخيرة بلورت لدى صناع القرار في تركيا وإيران فكرة حدوث تغيّر خطير في المنطقة”، وأضاف، في مقال نشرته صحيفة (ملييت) التركية، أن “من الواضح أن الرد المناسب على ذلك سيكون عبر تعاون ووسائل ذات طبيعة مختلفة، فهناك قائمة طويلة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، تضم الملفين السوري والعراقي واستفتاء انفصال إقليم شمال العراق، ومشكلة (حزب العمال الكردستاني)، ومكافحة تنظيم (داعش)، والأزمة القطرية، ويمكن إضافة بعض القضايا إلى القائمة عقب الزيارة، تأتي في طليعتها علاقات تركيا مع الولايات المتحدة والناتو و(إسرائيل) والسعودية”.

صحيفة (العرب اليوم) نقلت عن أتاي أكدافالي أوغلو، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية في جامعة أنقرة، قوله إن “الملف السوري يمثل الأجندة الرئيسية للزيارة”. وأضاف أوغلو: “في الوقت الذي ظهرت فيه الحملات ضد إيران، في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، زادت حاجة إيران إلى تركيا، وأظن أن تركيا ستقوم بالتفاوض مع إيران على ذلك مع رئيس أركان الجيش الإيراني، وأن فتح تركيا لأنابيب الهواء منفسًا لإيران، في مواجهة الحملات المضادة التي تتعرض لها من الولايات المتحدة الأمريكية، قد يكون ورقة جديدة للتفاوض مع إيران، بشأن دورها العسكري في سورية”.

إلا أن الباحث والمحلل السياسي التركي جاهد طوز اعتبر أن التحالف الإيراني-التركي ليس استراتيجيًا، وإنما “براغماتي، ومحصور بالملف الكردي”، وفق ما نقل عنه موقع (الجزيرة نت).

شهدت العلاقات التركية-الإيرانية مدًا وجزرًا، منذ الثورة الإيرانية عام 1979، وخاصة على الصعيد العسكري، وذلك لأن تركيا عضو في (حلف الناتو)، وهو ما أثر سلبًا على العلاقة بين البلدين، بسبب التوتر الدائم بين الولايات المتحدة الأميركية التي تتزعم (حلف الناتو) وإيران، كما أن تركيا كثيرًا ما اتهمت إيران بتقديم الدعم لـ (حزب العمال الكردستاني).  (ف. م)




المصدر