لماذا فشل اجتماع الرياض؟


أحمد مظهر سعدو

باءت توقعات كثير من المراقبين الذين تفاءلوا، بخصوص اجتماع الرياض الأخير، بالفشل؛ حيث كانت الحصيلة “طبخة حصى”، كما يقال، إذ رفضت منصة موسكو الخروج برأي موحد حول مصير الأسد، في حالة إصرار واضحة تهدف إلى إفشال المؤتمر؛ وبالتالي الخروج بـ “قبض الريح”، على حد تعبير بعض المعارضين. هذا الأمر ترك فعله السلبي على الحالة برمتها، بعد أن عقدت الهيئة العليا للمفاوضات مع المنصتين ثلاثة اجتماعات متوالية، خلال الفترة من 20 إلى 21 آب/ أغسطس 2017.

بيان الهيئة العليا للمفاوضات الذي صدر بعد الاجتماع -مساء الثلاثاء الفائت- أكد أنه “بالرغم من وجود مشتركات في الرؤية، ولا سيما في الحفاظ على وحدة سورية أرضًا وشعبًا، وعلى مؤسسات الدولة، وعلى حماية سورية من حدوث أي فوضى في المرحلة الانتقالية، وعلى أن يكون القرار الدولي 2254 وبقية القرارات الأممية مرجعية للتفاوض، فقد حدد وفد موسكو خلافه مع الهيئة العليا في إصرارها على ألا يكون للأسد أي دور منذ بداية المرحلة الانتقالية، وفِي مستقبل سورية، وفي إصرارها على أن يكون للمرحلة الانتقالية إعلان دستوري بدلًا من دستور 2012”.

قال حسن عبد العظيم، رئيس هيئة التنسيق وعضو الهيئة العليا للمفاوضات، لـ (جيرون): إن “مسؤولية عدم تحقيق نتيجة في لقاء الرياض، وتأجيله إلى موعد آخر، ﻻ يمكن تحميلها لمجموعة القاهرة؛ لأن موقفها يتماهى مع موقف وفد الهيئة العليا تمامًا”، مضيفًا أن “مجموعة موسكو هي التي تتحمل جزءًا من المسؤولية؛ ﻷنها كانت ترفض اللقاء مع الهيئة العليا، وكل ما نتج عن مؤتمر الرياض، بل كانت تشترط علينا الانسحاب من الهيئة العليا والوفد التفاوضي، لتقبل العمل معنا في تشكيل القطب الديمقراطي، ورفضوا حضور اللقاء في الرياض، بتاريخ 15 آب/ أغسطس بالرغم من نصيحتي لهم، قبل خمسة أيام في منزلي بدمشق”.

وتابع: “في حين رحبت مجموعة القاهرة علنًا، غير أن الضغط الروسي اضطرهم إلى الموافقة والحضور في الموعد الجديد، كما توقعت تمامًا، وقلته للإخوة والزملاء في مكتب العمل اليومي، غير أنهم -بالرغم من الخلافات الواضحة بين رؤيتهم ورؤيتنا- كانوا ﻻ يصرون على التمسك برؤيتهم ويستجيبون لرؤيتنا المشتركة مع اﻷطراف اﻷخرى في الهيئة العليا؛ لسببين: الضغط الروسي من جهة، وإدراكهم أن الروس لا يستطيعون فرض تمثيلهم في الوفد التفاوضي، كما كانوا يتصورون”.

رأى عبد العظيم أنه “لذلك قبلوا في لقاءات لوزان التقنية تمثيلهم باستشاري واحد، وواحد من مجموعة القاهرة، مقابل ثمانية استشاريين للهيئة العليا”، موضحًا “في تقديري أن سبب عدم التوافق في اللقاء، يتحمل الجزء اﻷكبر منه محمد صبرا، وجورج صبرا اللذان يحاوﻻن دائمًا فرض قناعتهما بوسائل ملتوية، بدﻻً من القناعات المشتركة التي يتم التوصل إليها، عبر الحوار بين مكونات الهيئة العليا اﻷربعة، وخلاصة القول إن الحوار لم يفشل، وإنما تم تأجيله إلى موعد ﻻحق، قبل جولة جنيف القادمة، ونجاحه ضروري لتشكيل الوفد الواحد، مقابل وفد واحد للنظام، تنفيذًا للقرار 2254 لتهيئة الجو، لبدء عملية التفاوض المباشر بين الوفدين في جنيف، وبقاء مسار أستانا خاصًا بالقضايا الميدانية وإجراءات بناء الثقة”.

أما عضو الأمانة العامة لـ (تيار الغد) وعضو الوفد المشارك في اجتماع الرياض، قاسم الخطيب، فكان له رأي مخالف، بيّنه في حديثٍ لـ (جيرون)، وقال: “تمت الدعوة من قِبل الهيئة العامة في الرياض لمنصتي موسكو ومنصة القاهرة، ولدى الحضور كان هناك اجتماع لثلاث منصات، أو لوفود المنصات الثلاث، تم الاتفاق على كثير من النقاط المهمة، ومنها أولًا الحفاظ على وحدة سورية أرضًا وشعبًا، وثانيًا الحفاظ على مؤسسات الدولة، والثالثة أن نعتبر قرارات مجلس الأمن هي مرجعية للحل السياسي في سورية”.

أضاف الخطيب أن “هناك نقطة مهمة أيضًا اتفقنا عليها، وهي تشكيل وفد واحد، أو وفد موحد للجلوس أمام طاولة النظام، وهذا ما جاء في نص الدعوة من قبل الإخوة في الهيئة العليا للمفاوضات، حسب جدول أعمالها، بعد حوار دام جلسة صباحية وجلسة مسائية، تم الاتفاق على تلك النقاط”.

حول الجوانب التي شهدت خلافات، قال الخطيب: “الخلاف كان على نقطتين، لم نستطع التوصل إلى نتائج نهائية فيهما، الأولى بخصوص الدستور؛ فمنصة موسكو تريد اعتماد الدستور الذي أقره النظام عام 2012 مع تغيير بعض النقاط، وهذا ما رفضته منصة الرياض. أما النقطة الخلافية الأخرى فهي مصير بشار الأسد؛ فمنصة موسكو كانت تطالب بأن يكون هناك دور لبشار الأسد في المرحلة الانتقالية، مع العلم أن منصة الرياض كانت تطالب في نقطة مهمة أنه مع بدء العملية التفاوضية لا يوجد أي دور لبشار الأسد”.

أشار الخطيب إلى موقف منصة القاهرة، وقال موضحًا: “نحن في منصة القاهرة قدمنا وثائقنا وتكلمنا من خلال وثائق القاهرة، بأنه لا يوجد دور لنظام الحكم في سورية في مستقبل سورية، وأعني لمنظومة الحكم  السابقة، وعلى رأسها بشار الأسد، بأن لا يكون لهم أي دور، وهذه النقاط الخلافية هي التي لم تعصف بجو الحوار والتفاوض فيما بيننا، أو إلى ظهور إعلامي أو كتابة نص أو تصريح صحفي”، وأوضح بعض التفاصيل الخاصة، قائلًا “خلال لقاءاتنا مع الإخوة في المملكة العربية السعودية، أكد لنا مدير مكتب وزير الخارجية على مسألتين مهمتين، أولاهما أنه يجب أن تكون المنصات موحدة في وفد للجلوس، أمام وفد النظام في جولة جنيف القادمة التي حددها السيد دي ميستورا، والنقطة الثانية أنهم سيدعون إلى مؤتمر أو ما يسمى مؤتمر (الرياض 2) وهم يريدون، من خلال هذا المؤتمر، أن يعيدوا تدخيل المعارضة الوطنية الديمقراطية التي تؤمن بالحل السياسي، كي تكون ممثلة لتوسيع هيئة المفاوضات، وأقول لكم: هذا كل ما جرى تقريبًا، وبكل شفافية وصدق وأمانة”.




المصدر