تعليم السوريين في تركيا.. عقبات تراوح مكانها


جيرون

تحاول الحكومة التركية تحسين شروط التعليم للطلاب السوريين، وتسعى لتضمين أكبر عدد من الطلاب المتسرّبين في المدارس التركية أو مراكز التعليم المؤقتة، إلا أن تلك المساعي تشوبها معوقات كثيرة. يقول عاملون في السلك التعليمي: “إن الجهات التركية لم تتخذ إلى الآن إجراءاتٍ ضرورية لإنجاحها”.
أفادت مواقع إخبارية محلية أن وزارة التربية التركية وضعت، منذ بداية العام الحالي، خطة دعم مالي منتظم يقدم شهريًا للطلاب السوريين الملتحقين بالمدارس التركية ومراكز التعليم السورية المؤقتة، ونقلت شبكة (غربتنا) أن “وزارة التربية والتعليم الوطني التركية دعت أهالي الطلاب السوريين للاستفادة من برنامج المساعدة المالية المشروطة بالتعليم”، لافتةً إلى أن “عائلات الطلاب ستحصل على دفعة نقدية كل شهرين دراسيين، ما دام أطفالها يداومون بشكل منتظم في المدارس”، وأن هذه الخطوة “جاءت كبادرة لتحفيز الأهالي غير القادرين على تحمّل أعباء التعليم”.
في هذا المعنى، قال المدرّس السوري تامر الحاضري لـ (جيرون): “خطة مساعدة الطلاب الملتحقين بالمدارس مطروحة، منذ العام الدراسي الماضي، إلا أنها لم تُنفذ، وبقيت حبرًا على ورق، وتضمّن المشروع صرف مبلغ مالي رمزي، مصاريف خاصة للطالب، كي لا يتحمل أهله أعباءً إضافية”، لافتًا إلى أن “هذا المشروع -وإن أبصر النور- لن يثني الأهالي عن الاعتماد على أولادهم، كمصدرٍ لكسب الرزق في ظل أوضاعهم المعيشية الصعبة”.
في سياق متصل، صرّحت جهات تركية تعليمية أن وزارة التربية التركية تستهدف، العام الدراسي المقبل، الوصولَ إلى جميع الطلاب المتسربين، ويبلغ عددهم نحو 700 ألف طالب، وأن إجراءاتٍ صارمة ستُتّخذ بحق كل من يعرقل دخول الطلاب السوريين إلى المدارس التركية، في هذا الخصوص، أوضح الحاضري: “تشترط المدارس التركية، لتسجيل الطلاب السوريين فيها، أن تكون أعمارهم متوافقة مع المرحلة العلمية، وهو ما يفتقده قسمٌ كبير من الطلاب السوريين الذين انقطعوا لأعوام عن التعليم، لذا لا تقبلهم المدارس التركية، ومنذ مطلع العام الدراسي 2018- 2019، ستُغلق التربية التركية كل المراكز السورية، وسيفقد الطلاب الذين لا تتواءم أعمارهم مع المرحلة العملية كل فرصهم باستكمال التعليم”، مؤكدًا أن “استهداف كل الطلاب المتسربين، ضمن آلية العمل هذه، لن ينجح”.
بخصوص الأساتذة السوريين، ويبلغ عددهم 23 ألف أستاذ في عموم تركيا، لفت الحاضري، إلى أن “تركيا في صدد إعطاء الجنسية لكل المعلمين السوريين، وهؤلاء من المُفترض أن يلتحقوا بالمدارس التركية فور حصولهم على الجنسية، لأن مرتباتهم التي تتكفّل بها (يونيسف) ستتوقف بمجرد نيلهم الجنسية، إلا أن آليات دمجهم في السلك التعليمي التركي ما تزال غامضة”.
تجدر الإشارة إلى أنه في العام الدراسي القادم، سيلتحق الطلاب من الصفوف الأولى في المراحل المختلفة بالمدارس التركية، وهذه الصفوف هي (الأول والثاني والخامس والتاسع)، وبانتهاء العام تكون عملية الدمج قد أُنجزت، ويؤكد متابعون مهتمون بالمجال التعليمي أن مسار عملية الدمج ليست على ما يرام؛ إذ “شهد العام الدراسي الماضي نسب رسوب كبيرة، بين فئات الطلاب السوريين المشمولين بالدمج، حتى إن بعض المدارس لم تُتح فرصة للطلبة السوريين بتقديم الامتحان، وأعطتهم نتيجة رسوبهم مقدّمًا، لعدم إتقانهم اللغة التركية”.
لا تختلف المشكلات التي يعاني منها الطلاب ما قبل مرحلة التعليم الجامعي عن تلك التي تواجه طلاب التعليم العالي؛ إذ ما تزال حالة عدم الاندماج الاجتماعي، وعلّتها اللغة، تطبع العلاقات بين الطلاب السوريين وأقرانهم الأتراك، في هذا السياق، قالت رند. س، وهي طالبة سورية في جامعة حكومية تركية لـ (جيرون): “نعاني من عنصرية بعض الأساتذة، أضف إلى ذلك عدم قدرة الطلبة السوريين على بناء علاقات سليمة مع الأتراك، بسبب اللغة، وعلى الرغم من أننا نتلقى المنهج باللغة الإنكليزية، إلا أن وجود بعض المواد باللغة التركية، يشكل عائقًا”.
في السياق ذاته، أوضحت دراسة ميدانية صادرة عن (مركز أبحاث السياسة والهجرة)، في جامعة (حاجة تبة) التركية في أنقرة، أن “عامل اللغة يعدُّ من أكبر المشكلات التي يواجهها الأكاديميون السوريون في تركيا”، مؤكدة “وجود نحو 15 ألف طالب سوري، في الجامعات التركية، 20 بالمئة منهم يتابعون تحصيلهم الجامعي بالاعتماد على المنح الدراسية التركية، فيما بلغ عدد الكوادر التدريسية السورية العاملة في الجامعات التركية المختلفة، 392 أكاديميًا”.
وأضافت: “أكثر من نصف الطلاب والأكاديميين السوريين يرغبون في العودة إلى بلادهم، في حال تغيّر النظام القائم هناك، كما أن 85 في المئة منهم فقَدَ إمّا قريبًا أو صديقًا في الحرب الدائرة في بلادهم”. آ. ع.




المصدر