“حراس الأمل”… النظام السوري يستغل أجساد جنوده




استغل إعلام النظام السوري أجساد ضحاياه لرصد ما يُسمّيه “انتصاراته” بدون أي مراعاة لحرمة الجسد، إنما بالعكس عمل على التنكيل بالجثث، وتصويرها ليبيّن وحشية رده على معارضيه، ويزرع الخوف في قلوبهم. وبالوفاق مع نفس النهج الإجرامي، يستغل إعلام النظام السوري أجساد جنوده المبتورة والمصابة، ليكسب شفقة وعطف الشعب الذي تذمر من التمييز العسكري الذي فرضته الدولة.

على شاشة القناة الفضائية السورية الرسمية، يعرض برنامج محدث بعنوان “حراس الأمل”، ويستعرض فيه إعلام النظام قصصاً لجنود في الجيش السوري تعرضوا للإصابة خلال العمليات العسكرية الميدانية، وتسببت الإصابة في شللهم أو تشوههم أو فقدان أجزاء من أجسادهم، وأدت الإصابة إلى تسريحهم من الخدمة العسكرية.

ويستغل البرنامج مأساة الجنود الذين تعرضوا للإصابات المختلفة وصور الأجساد المبتورة بطريقة مثيرة للسخط، فيركز بتصويره على الأجزاء المصابة، فيستبيح أقدام الجنود المبتورة، وأعينهم المفقوءة، ويصور معاناتهم وهم يتعايشون مع عجزهم.

ويبدأ البرنامج بالتعريف عن الجنود المصابين، ويبتدع لفظة “الشهداء الأحياء” في تسميتهم. ويقول مقدم البرنامج “هؤلاء الشهداء الأحياء، قدموا جزءاً من أجسادهم فداء الوطن وقائد الوطن”. ويحاول البرنامج أن يرصد بيأس الفرح والسعادة التي يفتعلها الجنود إزاء التضحية بأجسادهم للوطن، حيث يطلب البعض منهم من القيادة إعادتهم للقتال بجانب زملائهم، ويدعون شباب سورية للالتحاق بالجيش ونيل “شرف الشهادة”.

ويستعرض البرنامج خلفية الجنود الاجتماعية المختلفة، بغرض تشجيع الشباب للانضمام إلى الجيش، فيدعي البعض بأنهم تركوا جامعاتهم طوعاً للالتحاق بالجيش، ومنهم من يعيش في بيئة فقيرة ومعدمة. ويحاول البرنامج أن يمرر رسائل سياسية بالغة القسوة على ألسنة المصابين، بالتداخل مع لقطات التشوهات والأعضاء المبتورة. فقام أحد المصابين بالتصريح بأن “الشهادات الجامعية والدراسة بالجامعة ليست لها أي أهمية والوطن في حالة الحرب”، وادعى أنه ترك جامعته في لبنان وعاد ليخدم وطنه الذي يحتاجه، ودعا الشباب الجامعي “لترك جامعاتهم والالتحاق بالجيش”.

ويبدو جلياً أن طرح البرنامج لا يمت للواقع بصلة أبداً، فالشباب في سورية يحاولون بكافة الأشكال والوسائل الفرار والتهرب من الخدمة العسكرية الإجبارية. ولم يشهد الشارع السوري فكرة الترحيب بالتطوع بالجيش، وإنما تم سحب الشباب تعسفياً للخدمة العسكرية الإلزامية.
ويُعدّ هذا البرنامج جزءاً من الدعاية لحملة التجنيد التي لم ينكفئ النظام عنها يوماً، تحديداً لجهة الانفصال الذي يعيشه الإعلام السوري عن الواقع العسكري والاجتماعي.

ومن ناحية أخرى، يحاول البرنامج أن يستعرض “أفضال النظام على جنوده”، فيذكّر باستمرار بأن “الدولة” هي من تكفلت بتأمين الأطراف الصناعية للجنود، وتكفلت بثمن العمليات الجراحية التي احتاجوا إليها، وعوضتهم مادياً. وعلى الرغم من ذلك، فإن التصوير يوضح بأن أغلب المنازل التي صورت بها حياة الجرحى هي منازل لأناس معدمين وبعضها آيل للسقوط، وواضح للعيان بأن الدولة لم تقدم لهم أية مساعدة بعد أن استهلكت أجسادهم، وسرحتهم من الخدمة.




المصدر