في الذكرى الخامسة لمجزرة داريا… أبناء المدينة يروون حكايات تشيب الولدان لهولها




محمد كساح: المصدر

بكثير من الأسى يتذكر السيد “جمال” ابن مدينة داريا بريف دمشق الساعات الرهيبة لدخول قوات النظام وعشرات العناصر الشيعية إلى مدينته الثائرة حيث ارتكب الوحوش أكبر مجزرة في تاريخ الثورة السورية التي اندلعت في مارس 2011 .

شبك جمال أصابعه وقال لـ (المصدر) بينما انهالت دمعتا حزن على خديه “كانت ساعات رهيبة بالفعل لا أقوى على تذكرها بكل تفاصيلها من هول ما حدث “.

في الخامس والعشرين من آب / أغسطس عام 2012 دخلت أرتال ضخمة (قرابة 14 ألف عنصر) إلى مدينة داريا التي أعلنت العصيان منذ الأيام الأولى من عمر الثورة.

عناصر مشاة ودبابات ومدرعات اقتحموا المدينة من عدة محاور وشرعوا في تمشيطها بالكامل بحثا عن (الإرهابيين) مرتكبين مجازر بشعة يندى لها جبين الإنسانية.

قال “جمال” متابعا حديثه عن أحداث المجزرة “رأيت بأم عيني ضابطا من جيش النظام يمسك طفلا رضيعا ويدعسه بحذائه العسكري مهشما أنفه بعد تصفيته لوالديه”.

وتابع “كان شيئا لا يحتمل… لا تزال صرخات الطفل ترن في رأسي حتى اللحظة”.

أنقذته نبتة باذنجان

دامت مجزرة داريا يومين متتابعين وقتل خلال عمليات المداهمة والتمشيط أكثر من 700 شخص موثقين بالاسم أعدموا رميا بالرصاص، لكن نشطاء المدينة يقولون إن عدد القتلى كان أكثر بضعف أو ضعفين نظراً لوجود أشخاص قتلوا ودفنتهم عائلاتهم في حدائق البيوت السكنية.

وخلال التمشيط كان شبان المدينة التي تضم أكثر من 300 ألف نسمة يتراكضون إلى الجهتين الغربية والشرقية للمدينة اللتين تضمان الأراضي الزراعية المكتظة بالأشجار والمزروعات الصيفية.

يروي “محمد” وهو من أبناء داريا كيف اختبأ مع اثنين من أصدقائه تحت نبتة الباذنجان الأسود خوفا من دوريات الأمن والجيش التي كانت تجوب الأحياء بحثا عن ضحايا جدد.

“أخبروني في الحي أن الجيش داهم الحارة المجاورة، على الفور ركضت مع أصدقائي إلى البساتين الغربية القريبة من حينا لكن دورية تابعة للجيش داهمت المنطقة واقترب أحد العناصر مدججا بالسلاح نحونا لكنه لم ير شيئا”.

يبتسم محمد بينما يؤكد بالقول “نبتة الباذنجان أنقذت حياتنا” ويردف ضاحكاً “من تلك الفترة وأنا أحب الباذنجان بكافة أنواعه”.

الخارج منها مولود

“أبو يزن” الشاب العشريني كان شاهداً على مجزرة مروعة حدثت في المنطقة القبلية في المدينة.

” كنا قرابة 50 شخصاً بين رجل وامرأة وطفل صغير نختبئ في مسجد الرحمن الذي يعتبر من أكبر مساجد داريا، داهمت دورية للأمن المسجد وعندما وصلت إلى القبو الذي نختبئ فيه أمرت الجميع بالوقوف ورفع الأيدي، صوب العناصر بندقياتهم الرشاشة نحونا وبعد إشارة من الضابط المسؤول انهمر الرصاص خارقا أجساد الجميع”.
“أنا الوحيد الذي نجوت من هذه المجزرة، وقع أحد القتلى على جسمي فغطاه بالكامل تظاهرت بالموت وعندما غادرت الدورية قمت كأنني خارج من القبر”.
نجا أبو يزن بأعجوبة بينما قتل ما يزيد عن 13 شخصا من عائلته في تلك الساعة الرهيبة.

قصص كثيرة تفوق الحصر تروي تفاصيل مجزرة داريا التي نشهد ذكراها الخامسة هذا اليوم بينما دمرت داريا بالكامل وهجر جميع سكانها الذين تفرقوا في شتى أصقاع العالم.

وبين تاريخ المجزرة والذكرى الخامسة لها عانت مدينة داريا من حملة عسكرية شرسة دامت قرابة أربعة أعوام حوصرت من خلالها المدينة التي كانت تضم أقل من ثلاثة آلاف نسمة بين مدني ومقاتل.

وفي 28 آب بعد الذكرى الرابعة للمجزرة بثلاثة ايام رفعت داريا الراية البيضاء حيث غادر ثوارها باتجاه الشمال السوري في حين دخل النظام مدينة أقرب إلى مدن الأشباح بعد قصفها بأكثر من سبعة آلاف برميل متفجر وعشرات آلاف قذائف المدفعية.

ويقول ثوار المدينة إنهم غادروا المنطقة نظرا لعدم نصرة المناطق المجاورة لمدينتهم حيث عانوا من مرارة الجوع وعاشوا تحت القصف العنيف مضحين بأكثر من 1500 شهيد خلال مدة الحملة العسكرية.




المصدر