مخيمات الموت …”قسد” العنصرية تقتل المرضى


جيرون

توفي مدنيّ، في مخيم السد في ريف الحسكة الجنوبي، بسبب تردي حالته الصحية ومنع ميليشيات (قسد) نقله إلى مشافي الحسكة؛ بذريعة عدم وجود كفيل. حالة الوفاة التي وقعت الخميس، هي الرابعة في المخيم، خلال الأسبوعين الماضيين.

يتوزع سكان مخيمات الحسكة الأربعة التي يسكنها نحو 15 ألف نازح، فرّوا من معارك دير الزور والرقة وريف حلب الشرقي، على أربعة تجمعات رئيسية، أكبرها مخيم السد في الريف الجنوبي، ويقطنه نحو 8 آلاف شخص، يليه مخيم الهول قرب الحدود العراقية وفيه نحو 4 آلاف، ومخيم رجم الصليبي قرب منطقة الكبيبية في أقصى الريف الجنوبي ويعيش فيه نحو 400 عائلة، ومخيم المبروكة قرب مدينة رأس العين وفيه نحو 3 آلاف مدني، إضافة إلى عشرات التجمعات العشوائية في بادية الحسكة الجنوبية، وجميع هذه المخيمات تقع ضمن مناطق سيطرة ميليشيات (قوات سورية الديمقراطية).

يعاني النازحون من صعوبات لا حصر لها، تبدأ من لحظة دخول المخيم الذي يعدّ سجنًا كبيرًا تديره (قسد)، حيث يُمنع النازحون من الخروج -حتى في حالات الإسعاف- دون وجود كفيل من أهالي الحسكة، كما تفتقر المخيمات إلى أبسط مقومات الحياة، لوجودها في بيئة صحراوية قاسية، ولافتقارها للخدمات الصحية، حيث لا يوجد أي مستوصف أو مشفى؛ ما تسبب بانتشار الأمراض، ويعاني النازحون فيها من قلة إمدادات المياه الصالحة للشرب والطعام، كما تنعدم فيها جميع مرافق تعليم الأطفال، ويصعب على المنظمات الإنسانية إيصال المساعدات إليها، بسبب الإجراءات الصارمة لميليشيات (قسد).

مصدر خاص من الحسكة أكد لـ (جيرون) أن ميليشيات (قسد) “صادرت بعض الخيام والمساعدات الإنسانية التي كانت في طريقها إلى مخيمات الريف الجنوبي، وحولتها إلى معسكرات مقاتليها، وهو ما أكدته تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويترس، حيث اتهم النظام السوري وميليشيات (قسد) بعرقلة وصول المساعدات.

أشار غوتيرس، في تقريره عن الأوضاع الإنسانية في سورية الصادر أول أمس الخميس، إلى أنّ “(قوات سورية الديمقراطية) تفرض قيودًا على وصول المساعدات الأممية إلى المخيمات الواقعة تحت سيطرتها؛ ما قلل من الاستجابة للمطالب الإنسانية للنازحين”.

تتذرع (قسد)، بـ “الأوضاع الأمنية”، في منعها دخول سكان هذه المخيمات إلى مدن وبلدات الحسكة، في حين يقول ناشطون: إن “هذه الميليشيات تستقبل مقاتلي التنظيم الذين يلقون السلاح، وتوفر لهم ما يلزم من خدمات، وتسمح لهم بالعيش في مدن الجزيرة السورية، دون أي كفيل أو تضييق، وقد سجلت عشرات الحالات من هذا القبيل، أشهرها عودة المحامي فاضل السليم، حيث نشر ناشطو الحسكة، في شباط/ فبراير الماضي، أن السليم الذي كان قاضيًا في تنظيم (داعش)، وأنه عاد إلى مناطق (قسد)، وعُين قاضيًا في محكمة مدينة الشدادي التابعة للميليشيات.

أكدت فلك الفرج مديرة حملة (مخيمات الموت) التي أطلقها ناشطون سوريون، الأسبوع الماضي، في حديث لـ (جيرون): أن “المنظمات سجلت فارقًا كبيرًا في التعامل معها بين إدارات مخيمات ريف الحسكة والرقة، ففي حين تمكنت من تقديم المساعدات في مخيمات عين عيسى والكرامة، مُنعت من تقديمها في مخيمات الحسكة”.

وأضافت: “تختلف الإجراءات التي تتخذها ميليشيات (قسد) بين الرقة والحسكة،  فالعوائل يمكنها الخروج من مخيمات الرقة خلال أيام معدودة، بينما تطول الفترة في الحسكة، عدة أشهر، حيث يحاول النازحون العبور إلى مناطق الشمال السوري، وبخاصة إلى مناطق (درع الفرات) الخاضعة لسيطرة الجيش الحر؛ وهذا ما دفع بعض النازحين، في مخيمات الريف الجنوبي، إلى دفع مبالغ كبيرة لسماسرة (قسد)، بهدف تهريبهم أو إيجاد كفيل وهمي لهم، وقد وصلت المبالغ المدفوعة لهؤلاء السماسرة أحيانًا إلى 400 دولار”.

وكانت حملة (مخيمات الموت) قد انطلقت، قبل أكثر من أسبوع؛ بهدف تسليط الضوء على معاناة سكان هذه المخيمات، وأوضحت الفرج أن “الحملة ربما لم تحقق الهدف الأساسي، بإنهاء معاناة المدنيين في هذه المخيمات، ولكنها تمكنت من تسليط الضوء، في مختلف وسائل الإعلام العربية والأجنبية، على معاناة هؤلاء”.

واعتبرت أن “التقرير الإنساني الذي صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة، واتّهم النظام وميليشيات (قسد) بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، يُعدّ إنجازًا، وستستمر الحملة حتى إنهاء معاناة سكان هذه المخيمات بالكامل”.

يشار إلى أن حملة (مخيمات الموت) وجّهت بيانًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة والأمانة العامة لمجلس حقوق الإنسان، يطالبهم بتطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية النازحين واللاجئين من الحروب والكوارث. (س.أ)




المصدر