احتدام معارك البادية السورية: العين على دير الزور




تدور رحى معارك كر وفر في شرقي سورية وباديتها، في ظلّ محاولة أطراف عدة القضاء على تنظيم “داعش”، والسيطرة على معاقله، وصولاً إلى محافظة دير الزور الاستراتيجية. وتحوّل ريف الرقة الجنوبي الشرقي إلى ميدان قتال شرس بين قوات النظام ومليشيات تتحرّك تحت غطاء جوي روسي كثيف، وبين مسلحي تنظيم “داعش” الذين يحاولون منع هذه القوات من التقدم أكثر باتجاه ريف دير الزور الغربي، الهدف الكبير لقوات النظام، الذي تعمل عليه منذ يونيو/حزيران الماضي.

في هذا السياق، ذكرت مصادر محلية أن “قرابة 100 غارة جوية نفذها الطيران الروسي على قرى الغانم العلي، والبوحمد، وزور شمر، والخميسية، والعطشانة، بريف الرقة الشرقي خلال اليومين الماضيين، سمحت لقوات النظام بالتقدم أمام مفخخات داعش”.

وأشارت المصادر إلى أن “قوات النظام المهاجمة تلقّت ضربات أجبرتها على الانسحاب من قرية الغانم العلي”، مؤكدة أن “ريف الرقة الجنوبي الشرقي يشهد معارك كر وفر تحول دون تقدم قوات النظام”. وبدت المعارك وكأنها مقدمة لمعركة دير الزور، علماً أن “داعش” سيطر منذ عام 2014 على أغلب محافظة دير الزور باستثناء مطارها العسكري، وبعض الأحياء داخل المدينة الخاضعة لسيطرة النظام.

في غضون ذلك، أفاد “المرصد السوري لحقوق الانسان” بأن “البادية السورية تشهد اشتباكات بين قوات النظام ومليشيات تساندها من جهة، وبين داعش من جهة أخرى، خصوصاً في ريف مدينة سلمية الواقعة في شرق حماة”. وأشار المرصد إلى أن “الطائرات الحربية التابعة للنظام نفّذت غارات مكثفة ليل السبت ـ الأحد، استهدفت بلدة عقيربات المحاصرة من قوات النظام، وقرى عدة في محيطها، ومناطق أخرى يسيطر عليها التنظيم في الريف الحموي الشرقي”.

ورأى المرصد أن “المعارك الأخيرة صبّت في سياق محاولات قوات النظام تقليص سيطرة داعش في المنطقة، تمهيداً لإنهاء وجوده في كامل محافظة حماة، فيما يحاول التنظيم صدّ تقدم قوات النظام واستعادة ما خسره في الأيام الماضية، عبر تنفيذ هجمات معاكسة على مواقع قوات النظام”.

في موازاة ذلك، واصلت طائرات روسية وأخرى تابعة للنظام ارتكاب مجازر بحق المدنيين في ريف حماة الشرقي، في ظلّ الحصار الذي أدى لمأساة إنسانية كبرى. وخلال 4 أيام من القصف الجوي بمئات الضربات الجوية، التي نفّذتها الطائرات الروسية والطائرات التابعة للنظام على بلدة عقيربات وقرى بريفها، في شرق حماة، تم توثيق مقتل 34 شخصاً وإصابة 83 آخرين. كما أن الحصار لتلك المنطقة يطاول نحو 5 آلاف شخص، يعانون من أوضاع مأساوية، نتيجة النقص الكبير في المواد الغذائية والطبية والأدوية، وانعدام المستشفيات والرعاية الطبية، وانعدام وجود أطباء مختصين لبعض الحالات المستعصية.

وكان “داعش” قد فقد خلال الشهر الحالي أغلب مواقعه في البادية السورية، وبات من بقي من مسلحيه محاصرين ضمن حيز جغرافي ضيق من دون خطوط إمداد، ما يعني حسم المعركة لصالح قوات النظام، التي تريد تأمين ظهرها قبل التوجه شرقاً إلى دير الزور من محور البادية، للتخفيف عن محور ريف الرقة الجنوبي الشرقي، الذي يشهد تراجعاً واضحاً.

في الرقة، تواصلت معارك الكر والفر داخل المدينة بين “قوات سورية الديمقراطية” مدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، والساعية لانتزاع السيطرة على المعقل الأهم لـ”داعش” في سورية منذ السادس من شهر يونيو/حزيران الماضي.

وأكدت مصادر مقرّبة من “قوات سورية الديمقراطية”، أن “الأخيرة بدأت تقترب أكثر من قلب مدينة الرقة”، مشيرة إلى أنها “تحقّق تقدماً من الجهة الغربية”. وأوضحت أن “هذه القوات تحاول شطر المدينة من الغرب للشرق عبر التقدم إلى محطة القطار، ثم منطقة الكهرباء ما يعني الوصول الى حي رميلة، وحصار مسلحي داعش في مقرات الفرقة 17 التي كانت تتبع لجيش النظام قبل عام 2013، وفشلت محاولات عدة لاقتحامها من قبل قوات سورية الديمقراطية منذ بدء المعارك”.

وبيّنت المصادر أن “قوات سورية الديمقراطية سيطرت يوم السبت على مبنى (الأمن الجنائي)، وحارة المرور بشكل شبه كامل”، موضحة أن “المستشفى الوطني بات محاصراً من الغرب، والجنوب الغربي”. مع العلم أن طرد مسلحي “داعش” من المستشفى يعني اقتراب معركة الرقة من الحسم.




المصدر