خليل رامز سركيس.. رحيل “صوت الغائب”




مثل الكثير من أبناء جيله، جمع الكاتب اللبناني خليل رامز سركيس (1921 – 2017) الذي رحل أمس في لندن، بين الصحافة والأدب والفكر إلى جانب اشتغالاته المبكرة على ترجمة فلاسفة أوروبيين، وحين وقف أمام “لبنان” لا يعرفه عند اشتعال الحرب الأهلية، هاجر عنه لكنه لم ينشغل عنه حتى رحيله.
في بيروت ولد صاحب “زمن البراكين”، في بيت أثّثه أهله بالثقافة والعلم، فجدُّ أبيه لوالدته هو المؤرّخ والكاتب بطرس البستاني (1819ــ 1883)، وجدّه هو خليل خطار سركيس (1842ــ 1915) الذي أنشأ جريدة “لسان الحال” البيروتية عام 1877.
درس سركيس في “الجامعة الأميركية” و”جامعة القديس يوسف”، وابتدأ العمل في الصحافة باكراً حيث نشر مقالاته الأولى فيها سنة 1937، قبل أن أن يرث عن والده رئاسة تحرير “الحال” بين عامي 1942 و1959، كما انخرط في العمل السياسي حيث انتخب نائباً عن بيروت لأكثر من مرة ووزيراً للتربية والتعليم في خمسينيات القرن الماضي.
تعبّر مؤلّفاته عن مزيج من التأملات الفكرية واللغة الأدبية الرفيعة، ومن أبرزها ثلاثيته “أيام السماء” و”أرضنا الجديدة” و”مصير”، التي انشغلت بأسئلة الوجود والله والوعي والآخر والتعدّدية وقلق الإنسان المعاصر، محاولاً تثبيت رؤيته الخاصة التي ترى في العقل أداة القياس والحكم في العلاقات المادية والتجارب الحسية، بينما تخضع العلاقة الروحية لتجربة الإيمان في مسارين لا يتناقضان.
تخلّى صاحب “صوت الغائب” عن ملكية صحيفته، وقرّر منذ نهاية الخمسينات التفرّع للكتابة والعمل الثقافي، حيث ساهم في تأسيس “الندوة اللبنانية” التي كانت منبراً وفضاءً تناقش فيه مفكّرون وباحثون عرب وأوربيون لسنوات عديدة.
من أهم المؤّلفات التي ترجمها سركيس عن لغتها الأم عام 1982، كانت “الاعترافات” لـ جان جاك روسو (1712 – 1778)، والتي احتوت على شروحه وتأويلاته وملاحظاته المعمّقة حول السيرة الذاتية للمفكّر الفرنسي السويسري التي لا يزال يدور الجدل حول كثير من تفاصيلها.
أجبرته الحرب الأهلية على مغادرة بيته، والهجرة إلى لندن التي أقام فيها حتى غادر الحياة، وهناك وضع كتابه “هواجس الأقلية: من زقاق البلاط إلى كنسنغتن”، وتضمّن أحاديثه الصحافية حول لطفولة والشباب والحرب ومساره الأدبي والفكري.




المصدر