سياسيو لبنان يغذون الأحقاد على اللاجئين السوريين


حافظ قرقوط

وحّدت أغلب الأحزاب اللبنانية الرئيسة خطابَها الداعي إلى عودة اللاجئين السورين إلى بلدهم، فيما حذرت جماعات حقوقية من إعادتهم قسرًا، وأوضحت أن عددًا كبيرًا منهم “يخشون تجنيدهم في الجيش السوري”، وأن تحقيق هذا المطلب أمرٌ صعب، “في ضوء الدمار الذي تسببت فيه الحرب”، بحسب (رويترز).

وأكدت الوكالة في تقرير من لبنان نشرته، أمس الإثنين، أن تصاعد حدة تصريحات السياسيين اللبنانيين وتحذيرهم من “الغضب الشعبي المتزايد” من وجود السوريين، والذي اتخذ “طابعًا أكثر خشونة في الشهور الأخيرة”، هو من غذّى تلك المشاعر لدى الناس، وخصوصًا عندما يقولون “إن لبنان فقد صبره على العبء الاجتماعي والمالي الذي خلقته أزمة النازحين”.

ينقل التقرير عن اللاجئ (أبو يزن) الذي يقطن قرب مدينة طرابلس شمال لبنان، أنه لم يخرج من شقته إلا فيما ندر، منذ أن تعرض للضرب في الشارع، عندما كان “خارجًا من صيدلية في منتصف الليل تقريبًا، في حزيران/ يونيو الماضي”، ويوضح أن لبنانيان على “دراجة نارية سألاه إن كان سوريًا”، وعندما أجابهما: نعم؛ ضرباه بشدة، وأضاف باللهجة الدارجة: “زوجتي عم تعيط وتنادي ليساعدنا حدا، لكن للأسف ما حدا قدر يقرب، وقالوا لي إذا منرجع منشوفك مرة تانية، هون بدنا نقَوسك.. هددوني بالقتل”.

يتابع (أبو يزن) أنه غالبًا ما يسمع في الشارع كلمات “تعنيف” تتهم النازحين بـ “تخريب البلد”، ويقولون “انقلعوا ع بلادكن”، كما أكد لاجئ آخر يعيش في الخيام المؤقتة في قضاء عكار أنه يتعرض للإهانات والشتائم على نحو دائم، ويضيف: “ما منسترجي نطلع برات البيت”، ويشير بعض اللاجئين إلى أنهم اعتادوا على هذا الأسلوب من التعاطي معهم.

يلفت (أبو يزن) إلى أنهم لم يأتوا إلى لبنان بطيبة خاطر، ويتابع “اجينا هربانين من حرب”، ويشير الى أنه اختار شمال لبنان للجوئه لتعاطف الأهالي مع السوريين: “اعتبرنا إن هني أهلنا وإخواننا، بس ما توقعنا يوم من الأيام إن يصير فيني هادا الموقف”.

يؤكد التقرير أن التوترات بين اللبنانيين واللاجئين السوريين وموجات “العداء” نحو السوريين كانت تتصاعد خلال السنوات الست الماضية، وذلك مع “تدفق 1.5 مليون سوري”، وهو ما يعادل “ربع سكان لبنان”، وعلى هذا يخشى اللاجئون دائمًا من الاعتداء عليهم و”إذلالهم” أو “اعتقالهم”.

أعربت (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) عن قلقها من تلك الأحداث والتوترات، وقالت ليزا أبو خالد المتحدثة باسم المفوضية: “إن البلاغات عن الاعتداءات لا تزال تمثل حوادث معزولة غير أن النازحين يشعرون بتوتر أكبر وبالخوف”.

وكانت الحكومة اللبنانية رفضت إقامة أي مخيمات “رسمية للنازحين”؛ ولذلك -بحسب التقرير- “يعيش كثير من السوريين في تجمعات من الخيام، يعانون من الفقر، ويواجهون قيودًا على الإقامة القانونية أو العمل”.

وزعم (البطريرك الماروني) بشارة الراعي، خلال قداس في تموز/ يوليو الماضي، أن اللاجئين السوريين خطفوا “خبز اليوم من أفواه الشعب اللبناني، ودفعوه للفقر والحرمان”، وطالبَ سياسيي لبنان بالعمل “من أجل إعادة السوريين إلى بلدهم”.

يُبرر بعض اللبنانيين خشيتهم من اللاجئين السوريين، بادعائهم بأن اللاجئين يهددون “أمن البلاد ويمثلون عبئًا على اقتصادها الراكد الذي تأثر بشدة بالحرب السورية”، فيما تتكرر مضايقات ميليشيا (حزب الله) بحماية الجيش اللبناني لمخيماتهم، وكان آخرها اعتقال المئات من مخيمات عرسال، ووفاة عدد من السوريين تحت التعذيب على يد الجيش اللبناني، وادعى الجيش بأن وفاتهم كانت بسبب المرض.

يرى ناصر ياسين الباحث في سياسات اللاجئين بـ (الجامعة الأميركية) في بيروت أن مشاعر الاستياء من السوريين “غذاها في الغالب الساسة وزعماء آخرون”، وهم يتجهون إلى “صبّ الزيت على النار بتضخيم العبء الفعلي لأزمة النازحين”، وأكد أن ما يجري هو “وصفة لحرب أهلية”، حيث يتوقع أن “تخرج الأمور عن السيطرة”، كون لبنان ما زال يعاني من هشاشة الوضع الطائفي، بسبب الانقسامات التي لم “تلتئم بعد، منذ الحرب الأهلية اللبنانية”.

لكن مستشار السياسات العامة في (وزارة الدولة لشؤون النازحين) زياد الصائغ قال من جهته: “إن الأمم المتحدة وقوى الأمن والمسؤولين المحليين يحشدون قواهم جميعًا، لتخفيف التوترات” وأوضح أن “كل لبنان يريد العودة”، إنما يجب أن يكون ذلك -بحسب الصايغ- عن طريق (الأمم المتحدة)، وربط ذلك بقدرتها على “توفير ضمانات”.

من جانبها ميليشيا (حزب الله) تطالب حكومة لبنان بالتنسيق مع نظام الأسد، لإعادة اللاجئين إلى سورية، وبحسب التقرير، فإن المنظمات الحقوقية “تخشى” من أن الاتفاق الأخير الذي تم بموجبه ترحيل آلاف اللاجئين من عرسال إلى إدلب، قد أجبر اللاجئين على العودة، “لأنهم شعروا أنهم تحت ضغط في لبنان”.

وتحذر الأمم المتحدة من عدم استيفاء “تلك الاتفاقات المعايير القانونية والمبادئ الإنسانية”، وترى أن “الوقت لم يحن بعد للعودة الآمنة”، وأوضحت أنها لم تشارك في تلك “الاتفاقات المحلية”.




المصدر