تذكيرًا بأول مبادرة قام بها أطباء سورية


جيرون

يصادف اليوم ذكرى توقيع أول مبادرة قام بها أطباء سورية، بعد انطلاق الثورة السورية، وقد وقعها 200 طبيب، عام 2011، ثمّ انضم إليها بعد الإعلان عنها نحو 450 طبيبًا، وصدرت هذه المبادرة عن أطباء، ودلّت على وجود رغبة لدى المدنيين السوريين في العمل المدني وتجنب الذهاب إلى الهاوية والدمار، إلا أن النظام كان مُصرًا على تطبيق الشعار الذي رفعه: “الأسد أو نحرق البلد”.

تقوم (جيرون) بإعادة نشر المبادرة، لأنها تستحق إعادة النشر، وربما الدراسة، كحالة واعية وواعدة مُبكّرة، قام بها أطباء سوريون.

المبادرة:

مبادرة أطباء تحت القَسم 29 آب/ أغسطس 2011

نحن -الأطباء الموقعين على هذه المبادرة- نؤكد بمعزل عن أي خلفية سياسية أو دينية أو حزبية، أننا محتفظون بهويتنا الوطنية وبإنسانيتنا وشرفنا المهني، وملتزمون بقَسَمنا الطبي، وما يعنيه من انتماء وطني يرى في الإنسان قيمة مطلقة، بوصفه أحد أهم ثروات الوطن، وإيمانًا منا بوحدة سورية شعبًا وأرضًا، وانطلاقًا من مواد الدستور والقانون السوري، ومواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وقعت عليه الحكومة السورية، واعتمادًا على اتفاقية جنيف الأولى عام 1949 (وقد صادقت عليها الحكومة السورية)، ولا سيّما المادة 24 التي تتضمن وجوب معالجة الجرحى والمصابين، في الحروب والاضطرابات الداخلية، بمعزل عن انتمائهم الإثني أو السياسي أو الديني، واعتمادًا على الملحق الأول لاتفاقية جنيف عام 1977، وعلى الملحق الثاني عام 1977، ولا سيّما المادة 10 القاضية بحماية الأطباء والمسعفين وعدم تعرضهم للاعتقال أو المحاسبة، عند قيامهم بإسعاف ومعالجة أي مصاب أثناء الاضطرابات، أيّا كانت الجهة التي ينتمي إليها المصاب؛ وإننا نؤكّدُ بكل وضوح، على ما يلي:

1- لقد قام العديد من زملائنا الأطباء، أثناء الأزمة التي تمر بها سورية، بتلبية نداء الواجب بإسعاف العديد من المصابين إنقاذًا لحياتهم غير مفرقين بين معارض أو مؤيد، معبرين بذلك عن إيمانهم العميق بقيمة الإنسان الجوهرية كقيمة عليا.

2- لقد جرى تداول معلومات عبر عدة تقاطعات عن:

الطلب من بعض المشافي الخاصة، في العديد من المدن والبلدات، عدم استقبال الجرحى والمصابين نتيجة التظاهرات، وتعرض بعض الأطباء للاعتقال أو التهديد من قبل بعض الجهات الأمنية أو المرتبطة بها، بسبب قيامهم بواجبهم المهني. حالات خطف للجرحى ونقلهم إلى أماكن مجهولة. اضطرار بعض المصابين إلى اللجوء إلى أماكن سرية، لتلقي العلاج أو الجراحة؛ وهذا يشكل خطرًا حقيقيًا على هؤلاء المصابين وامتهانًا لقيمتهم الإنسانية، وانتهاكًا صريحًا لممارسة مهنة الطب التي تحتم على ممارسيها أن “يتبع أفضل السبل فيما يفيد المرضى”، كما جاء في القسم الطبي.

3- لذلك، وعلى ضوء ما سبق فإننا نحدد النقاط التالية:

ضرورة توثيق هذه المعلومات، بعد التأكد منها وجمعها لعرضها على القضاء العادل والنزيه لاحقًا. لا يجوز اعتقال أو تهديد أي طبيب أو مسعف، قام بعمله الإنساني بإسعاف أي مصاب، مهما كان انتماؤه (معارضًا كان أم مؤيدًا). لا يجوز توقيف أي طبيب إلا بموجب مذكرة قضائية، وحضور ممثل عن نقابة الأطباء، وخصوصًا بعد أن تم توقيف العمل بقانون الطوارئ بمرسوم جمهوري، ونطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين أو إحالتهم إلى القضاء العادل. عدم تعذيب أي طبيب في حال توقيفه، وتطبيق أحكام القانون عليه وعدم تجاوزها. انطلاقًا من حيادية الطب، بوصفه مهنة إنسانية، نؤكد على ضرورة توفير كل الظروف المواتية لقيام الطبيب بعمله على أكمل وجه، وتأمين كل مستلزمات المعالجة والإسعاف بما فيها أكياس الدم.

4- إننا -بصفتنا أطباء سوريين- حريصون على كل قطرة دم تهدر في ترابنا الوطني، ونرى فيها خسارة لا تعوض، كان يجب استثمارها في معركتنا الوطنية التحريرية، وفي معركة البناء للوصول إلى المجتمع الديمقراطي الحر المتوازن، في التنمية والصحة والتعليم.

إننا إذ نذكر أن ما جاء في القَسَم الطبي الذي يُقسمه كل الأطباء في سورية، يوم بداية حياتهم المهنية على أن (يظلوا أوفياء لواجب المهنة، وألّا يسمحوا للخوف بأن يدفعهم إلى الفرار من الواجب)؛ فإننا نؤكد احترامنا لجميع مكونات المجتمع السوري، بوصفه مجتمعًا غنيًا بالكفاءات والإمكانات والطاقات البشرية التي تضمن انتقاله بكل تصميم نحو الدولة المدنية العادلة، نحو سورية واحدة قوية بأبنائها، مستقرة على قيم العدل، ومتطلعة إلى مستقبل مشرق.




المصدر