عمالة الأطفال وتسولهم في اللاذقية بحماية أمن النظام


عارف محمود

بينما يشتري تلاميذ المدارس مستلزماتهم للعام الدراسي الجديد، يحمل أحمد وشقيقه الصغير يزن مجموعةً من الصحف، ويتنقلان لبيعها في شوارع اللاذقية. يُلازم يزن 7 أعوام شقيقه أحمد 12 عامًا؛ لكيلا يكون عبئًا على أمه المنشغلة في العمل بتنظيف البيوت، فيما يمضي أبوهما المصاب إثر قذيفة صاروخية دمرت بيته في حلب، وقتَه في بيع الشاي والقهوة، طوال النهار إلى موعد عودتهما مساء.

يحمل يزن رزمة جرائد، ويتولى أحمد الصراخ لبيعها، ويتصفحها عند الاستراحة لتقوية قدرته على القراءة، وتعليم أخيه الأحرف الأبجدية. ترك أحمد المدرسة مجبرًا لإعانة أمه وأبيه المصاب، يقول أحمد لـ (جيرون): “أعرف القراءة قليلًا، لكن رفاقي في حلب أصبحوا في الصف السادس، وأخي وُلد هنا، ولم يدخل المدرسة قط”.

تفاقمت ظاهرة عمالة الأطفال؛ بسبب نزوح مئات العائلات، من المناطق التي يقصفها النظام وحليفه الروسي، إلى مدينة اللاذقية. النازحون مهددون بالطرد من المدينة الرياضية في اللاذقية، على الرغم من سوء الخدمات المقدّمة لهم فيها، بسبب تبريرات النظام، بعودة النشاط الرياضي إليها.

يقول عماد 15 عامًا، لـ (جيرون): “نحن ثلاثة إخوة ولنا أمّ، تركت المدرسة بعد وفاة أبي، لأساعد أمي في المصروف بأجرة أسبوعية هي 1400 ليرة فقط”.

لا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد الأطفال الذين يعملون، وهم في سن التعليم الأساسي، لكن المشاهدات اليومية تُفصح عن وجود أعداد كبيرة من الأطفال يعملون في الورش، والمحال، أو يبيعون الورود في الحدائق، أو يمسحون الأحذية في الساحات، أو إنهم يتسولون قرب الجامعة وعند المساجد.

على الرغم من سوداوية الصورة في النماذج السابقة، إلا أنّها تبدو أقلّ سوءًا، من التسوّل المنظّم للأطفال يتامى الأب والأم، الذين يعيشون تحت سلطة أناس غير معروفين، يستغلون حاجتهم إلى لقمة العيش، مقابل تأمين مكان يبيتون فيه ليلهم.

يشاهد إبراهيم من شرفة بيته في حي الزراعة سيارةً مكشوفة، فيها نحو خمسين طفلًا، تحضر يوميًا بين السادسة والسابعة صباحًا، ينتشر منها الأطفال قرب الجامعة للتسول، ويجتمعون قبل المغيب حين موعد قدوم السيارة التي تعيدهم إلى مكان إيوائهم. يقول ابراهيم، وهو عضو في جمعية أهلية لمساعدة النازحين، لـ (جيرون): إنّ “تشغيل هؤلاء الأطفال يتم بالتنسيق مع مفتشي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، المسؤولين عن إيواء وحماية هؤلاء الأطفال، وعلى مرأى رجال الشرطة والأمن”.

وأضاف: “هناك حالات اعتداء جسدي وجنسي على الأطفال تتزايد مع الوقت؛ لعدم وجود جهة حكومية تتابع هذا الملف”. وأشار إبراهيم إلى “هروب عدد من الأطفال من مراكز العناية، بسبب سوء المعاملة التي وصلت إلى حدّ الضرب المبرّح، في بعض الأحيان”.

ختم إبراهيم حديثه، بالقول: إنّ “شعور الطفل بالاغتراب والخوف من المحيطين به، سيجعله حاقدًا على مجتمعه، وعدوانيًا، عندما يكبر، وحينئذ لن ينفع إلقاء اللوم على الفقر والجهل في المجتمع”.




المصدر