المدنيون السوريون يواصلون دفع ثمن معارك الشرق السوري




على الرغم من تمركز المعارك في وسط سورية وشرقها، الا أن جبهات عدة لا تزال ساخنة بين قوات النظام والمعارضة في أرياف دمشق والسويداء وحماة، والتي يواصل النظام خرق اتفاقات “خفض التصعيد” بشكل مستمر فيها. وفي الجنوب السوري، اندلع القتال مجدداً بين مقاتلي المعارضة السورية والمجموعات المبايعة لتنظيم “داعش” الذي لا يزال يتصدى لهجمات “قوات سورية الديمقراطية” في مدينة الرقة، في معركة طال أمدها ويدفع المدنيون الثمن الأكبر فيها.

وقتل 13 مدنياً بينهم أربعة نساء، وجرح آخرون، جراء قصف جوي يرجح أنه لطائرات “التحالف الدولي” وآخر مدفعي لـ”قوات سورية الديمقراطية”، على أحياء مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة “داعش”. واستهدف القصف تحديداً سوق الهال بالمدينة. ووثّق ناشطون مقتل خمسة مدنيين من عائلة واحدة، جراء القصف الجوي الذي طاول مستشفى المواساة غرب المدينة، وهو ما أدى لتدميره بشكل كامل. وتتعرض الرقة لقصف جوي ومدفعي، ما تسبب بارتكاب عشرات المجازر. وتشير الإحصائيات إلى مقتل نحو 700 مدني في الأسابيع الأخيرة وسط مناشدات دولية لحماية المدنيين.

وأعلنت “قوات سورية الديمقراطية” أن اشتباكات عنيفة دارت بين مقاتليها وتنظيم “داعش” في كل من حيي الدرعية والبريد في الجهة الغربية، وحي الرقة القديم في الجهة الشرقية للمدينة، ما أسفر عن مقتل 23 من عناصر التنظيم. وأوضحت أن القائد العسكري لمجلس منبج العسكري، عدنان أبو المجد، قتل جراء المواجهات مع “داعش” في الرقة. كما ذكرت مصادر محلية أن 15 شخصاً من “سورية الديمقراطية” قتلوا أو أصيبوا جراء “غارة خاطئة” من جانب طيران “التحالف الدولي” على تجمع لها في حي الحرامية في مدينة الرقة.

وأعلنت هذه القوات التي تشكل المليشيات الكردية ركنها الأساسي، أنها تمكنت من السيطرة على أكثر من 60 بالمائة من مساحة الرقة، مرجحةً انتهاء معركة المدينة في غضون شهرين. وألمحت مجدداً إلى نيتها التوجه إلى محافظة دير الزور. ونقلت وكالة “رويترز” عن القيادية في “سورية الديمقراطية”، نوروز أحمد، قولها إنه “لا يمكن تحديد موعد دقيق لانتهاء عملية الرقة، لأن الحرب لها قوانينها، لكننا لا نتوقع إطالة أمد الحملة، فوفق مخططاتنا، فإن المعركة لن تستغرق أكثر من شهرين من الآن”، مقدرةً عدد مقاتلي “داعش” المتبقين في الرقة بنحو 700 إلى 1000 عنصر، تتركز غالبيتهم في وسط المدينة.

وحول المدنيين في الرقة، قالت المتحدثة نفسها إن “ما بين 5 و10 آلاف مدني لا يزالون موجودين في الرقة، بينهم عائلات مسلحي داعش”. وقدرت الأمم المتحدة قبل أسابيع أن أكثر من 200 ألف شخص فروا منذ إبريل/نيسان الماضي من منازلهم في المنطقة المحيطة بمدينة الرقة، ولجأ معظمهم إلى مخيمات نزوح تفتقر إلى الحاجات الأساسية، فيما لا يزال نحو 20 ألف مدني محاصرين داخل مدينة الرقة.

وحول عملية دير الزور، أكدت القيادية في “قوات سورية الديمقراطية، أن التركيز ينصب حالياً على الرقة، ولم يتم وضع أي خطط لبدء عملية لاستعادة دير الزور”. وأضافت “نتلقى مطالبات بتحرير دير الزور وندرس الموضوع بعناية”، مشيرةً إلى أن “سورية الديمقراطية” تملك قدرات كافية لتحرير دير الزور.

في غضون ذلك، نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً جوية لمدينة الرقة تظهر دماراً هائلاً في منازل المدنيين والمرافق العامة والبنية التحتية، خاصة في شوارع 23 شباط والوادي والمنصور، وذلك جراء المعارك العنيفة التي تدور فيها، والقصف المدفعي والجوي المركز من قبل “سورية الديمقراطية” و”التحالف الدولي” بقيادة أميركية.

وفي محيط الرقة، ذكرت مصادر مقربة من النظام السوري أن نحو 50 عنصراً من “داعش” قتلوا وأصيب العشرات منهم، جراء قصف جوي لقوات النظام على قرية جنوب شرق الرقة. وقال ناشطون إن طائرات حربية تابعة للنظام قصفت بصواريخ محملة بغازات سامة، مواقع للتنظيم في تلال قرية غانم العلي شرق الرقة. وأضافوا أن التنظيم سحب عناصره من محيط القرية ومدينة معدان القريبة، بعد استهداف مواقعه بعدد من الصواريخ التي تحوي غازات سامة، من دون معرفة الجهة التي انسحب إليها.

وأعلنت صفحات موالية للنظام مقتل القائد العسكري البارز في مليشيات “النمر” التابعة لقوات النظام، العقيد رازي علي لوحو، الملقب بـ”أسد الصحراء”، جراء معارك مع تنظيم “داعش” في ريف الرقة الجنوبي.

وفي الريف الشرقي لمحافظتي حماة وحمص، ذكرت قوات النظام أنها واصلت تقدمها شرقي مدينة السخنة باتجاه دير الزور، وأنها أوقعت خسائر كبيرة في صفوف “داعش”. كما أعلنت قاعدة حميميم الروسية عن مشاركة جنود روس في معارك قوات النظام السوري ضد “داعش” في البادية السورية.

وقتل عدد من المدنيين وأصيب آخرون جراء غارات طائرات حربية ومروحية تابعة للنظام، استهدفت تجمعاً لنازحين من منطقة عقيربات بريف حماة الشرقي. وقالت مصادر محلية إن طائرات مروحية قصفت بعدة أسطوانات متفجرة تجمعاً للنازحين من ناحية العقيربات في منطقة وادي العذيب، الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، تلاها تنفيذ عدة غارات جوية على الموقع ذاته. وأشارت إلى أنه بعد وساطات من وجهاء عشائر في تلك المنطقة، سمحت قوات النظام بعبور المدنيين في عقيربات إلى محافظة إدلب إلا أنه لم يتم تنفيذ الاتفاق. وأوضحت المصادر أن تجمع النازحين كان في منطقة وادي العذيب قرب قرية الشيخ هلال، وهذه المنطقة واقعة تحت سيطرة النظام، إلا أنه استهدف التجمع بالبراميل والصواريخ، ما تسبب بمقتل عدد من المدنيين. وكانت قوات النظام جمعت النازحين قبل أيام في قرية الرويضة، بحجة إخراجهم، فقامت بقصفهم بالقنابل العنقودية، ما تسبب بمقتل 21 مدنياً وإصابة أكثر من سبعين آخرين. وذكرت المصادر نفسها أن خلافات روسية إيرانية تعيق هذا الاتفاق كما يبدو، إذ تسعى القوات الروسية لأن يكون الاتفاق عن طريق قيادة قاعدة حميميم الروسية، وليس عبر وسطاء مقربين من النظام والحرس الثوري الإيراني.

في غضون ذلك، أعلنت قوات النظام أنها حققت مزيدا من التقدم في ريف السلمية الشرقي، حيث استولت على قرية جب الأبيض وبلدة طيبة دكيج وعلى عدد من النقاط المطلة على تلال أبو حكفة شرق السلمية. وفي دير الزور، دارت اشتباكات بين تنظيم “داعش” وقوات النظام على أطراف منطقة البانوراما في جنوب المدينة، وذلك في محاولة من الأخيرة استعادة السيطرة على المنطقة. وترافقت الاشتباكات مع قصف جوي مكثف من المقاتلات الحربية على محاور القتال، وسط أنباء عن سقوط خسائر بشرية في صفوف التنظيم. وقتل رجل وامرأة وجرح آخرون، بقصف جوي لقوات النظام على بلدتين خاضعتين لتنظيم “داعش” غرب دير الزور. كما قتل 15 مدنياً وجرح 25 آخرون جراء انفجار ألغام زرعها “داعش”، أثناء محاولتهم العبور من محافظة دير الزور إلى محافظة الحسكة، شمالي شرقي سورية. وقالت مصادر طبية في مدينة الحسكة إن الجرحى وصلوا إلى مشفى “الحكمة”، بينهم خمس حالات خطيرة.

وفي شرقي حلب، نفى “لواء الشمال” التابع لـ”الجيش السوري الحر”، ضمن “غرفة عمليات درع الفرات”، إطلاقه النار على قوات “التحالف الدولي” قرب مدينة منبج، متهماً الأخيرة باستهدافه. وكان الناطق باسم قوات “التحالف الدولي” الذي تقوده الولايات المتحدة، الكولونيل ريان ديلون، صرح بأن فصائل مدعومة من تركيا أطلقت النار على رتل لهم في المنطقة المذكورة، وأنه تبع ذلك تبادل للنيران، كما توعد بالرد والدفاع عن النفس، لافتاً إلى أنها ليست المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الأمر، إذ سبق أن حصلت حوادث مماثلة خلال الأسبوعين الماضيين، وفق قوله.

وفي محيط دمشق، أعلنت قوات النظام أنها تمكنت من السيطرة على شبكة أنفاق وخنادق وعدة نقاط استراتيجية في بلدة عين ترما بغوطة دمشق، بعد عملية تسلل تبعها اشتباكات عنيفة مع قوات المعارضة، مما أوقع، بحسب مصادر إعلامية قريبة من النظام، تسعة قتلى وعددا من الجرحى في صفوف المعارضة. وأضافت المصادر أن قوات النظام قصفت مواقع لفصائل المعارضة في محور جوبر-عين ترما بالمدفعية الثقيلة، وصواريخ أرض-أرض قصيرة المدى. وأعلنت فصائل المعارضة أنها صدت هجوماً لقوات النظام على هذا المحور، موقعة قتلى وجرحى في صفوفه.

أما في جنوب البلاد، فقد أعلنت وزارة الدفاع التابعة للنظام السوري، أن قواتها سيطرت على المخافر الحدودية بريف دمشق الجنوبي الشرقي على الحدود السورية-الأردنية. وأشارت إلى أن قوات النظام تمكنت من قتل وجرح عدد من مقاتلي المعارضة.

وتمددت قوات النظام في الآونة الأخيرة نحو مساحات واسعة بريف دمشق الشرقي، وتحديداً في البادية السورية، على حساب المعارضة وتنظيم “داعش”، في حين تسعى قوات المعارضة السورية إلى استعادة السيطرة على ما خسرته في الآونة الأخيرة، لا سيما في بادية ريف دمشق الشرقي.

وفي منطقة حوض اليرموك، قُتل 16 من مقاتلي المعارضة جراء اشتباكات مع “جيش خالد بن الوليد” المرتبط بتنظيم “داعش”، غرب درعا خلال اليومين الماضيين، وذلك ضمن معركة “فتح الفتوح” التي كانت أعلنت عنها فصائل المعارضة الأحد الماضي، بهدف السيطرة على مواقع “جيش خالد” غرب درعا. وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن فصائل المعارضة لم تتمكن من إحراز أي تقدم في هذه المواجهات، وتراجعت عن النقاط التي كانت قد سيطرت عليها يوم الإثنين الماضي، وذلك عقب شن “جيش خالد” هجوماً معاكساً على مواقعها.




المصدر