قائد شرطة منطقة “درع الفرات”: استمرار الفوضى لم يعُد مقبولاً




تشهد منطقة “درع الفرات” أوضاعاً متردية، وسط حالة من “الفلتان الأمني” ناجمة عن عدم التوصل لصيغة أمنية مشتركة بين الفصائل من جهة، والغياب الواضح لدور قوات الشرطة والأمن العام الوطني، رغم انتشارها الكثيف في المنطقة من جهة ثانية.

وبات جليّاً أنه وبعد مرور نحو عام على وجود الشرطة في المنطقة فإنها لم تتمكن من فرض حضورها وسط التجمعات السكانية.

ومع ذلك فإن قائد الشرطة والأمن العام الوطني في منطقة “درع الفرات”، اللواء عبد الرزاق أصلان اللاز، يرى أن تسلم الشرطة لزمام الأمن في المنطقة هو “مسألة وقت لا أكثر”.

وفي حوار مع صحيفة “صدى الشام”، أشار اللاز إلى وجود خطة أمنية يتم العمل عليها قدماً لضبط الأمن في المنطقة بشكل مؤسساتي، ملمحاً إلى عرقلة الخطة من  جهات خارجية ومن أفراد داخل المنطقة أيضاً.

وأكد اللاز، أن الفصائل تّتجه لتشكيل جيش وطني، مشيداً من جانب آخر بالدور التركي الداعم للشرطة وللمنطقة بشكل عام.

وفيما يلي نص الحوار:

– ما هي الهيكلية الإدارية لقوات الشرطة والأمن العام في منطقة درع الفرات؟

تقسم الهيكلية الإدارية لقوات الشرطة إلى: القيادة العامة لقوات الشرطة والأمن العام الوطني، وقيادات الشرطة في المناطق والنواحي، والأقسام والأفرع  من مكافحة الإرهاب، وأمن عام، وجمارك، وشرطة مرور، وأمن جنائي، وقوات خاصة، وصولاً إلى المراكز والمخافر.

– لدى النظر عن كثب لواقع الحال في منطقة “درع الفرات” يتضح أن هناك تفاوت في مدى نجاح تجربة الشرطة الوطنية تبعاً لطبيعة الحكم المحلي، على سبيل المثال حيث تتواجدون في المدن والبلدات نلاحظ أن هناك دوراً مقبولاً لكم في مدن، مقابل غياب لهذا الدور في مدن وبلدات أخرى، لماذا؟

الموضوع نسبي، وإن كنا دقيقين بتوصيف الحالة يمكننا القول أنه ليس هناك تفاوت وإنما تدرّج بمراحل تنفيذ الخطة الأمنية التي وضعناها بما يناسب الوضع الاستثنائي الذي تعيشه مناطق الريف الشمالي والشرقي.
لقد جعلنا من مدينة جرابلس نقطة انطلاق الشرطة الوطنية وبدأنا بالعمل خلال تسعة أشهر كاملة على نشر القوات في مدن الريف الشمالي والشرقي لحلب والقرى التابعة لها، ويمكننا القول أننا حالياً استطعنا تغطية جغرافية منطقة عمليات “درع الفرات” بالمراكز الشرطية، لكن هناك بعض المناطق ليس فيها مراكز لكنها مقسمة بشكل إداري بحيث تكون الشرطة قادرة على الوصول لها من أقرب نقطة تتواجد مراكزنا بها، ويمكن لأي مواطن سوري يقيم في منطقة ليس فيها مراكز للشرطة أن يتواصل مع أقرب وحدة شرطة قريبة لقريته لتُتّخذ الإجراءات اللازمة فوراً، وهذا ما يحدث اليوم لحين الانتقال إلى مرحلة أخرى من خطتنا التي نعمل عليها منذ مدة.

– ما هي ملامح هذه الخطة؟

لا نستطيع الإفصاح عن كل شيء، لكن ما أستطيع الحديث عنه هو أن خطتنا تجاوزت نسبة الـ 70% من المخطط لها، وبموجب هذه الخطة ستتسلم الشرطة الوطنيّة مهامها في مجال العمل الشرطي والضابطة الإدارية والعدلية، وصولاً لمحاسبة حتى عنصر “الجيش الحر” المسيء، عبر التواصل مع قيادة الفصيل الذي ينتمي له.

– يشاع أن الشرطة الوطنية ستكون هي القوات المسلحة الوحيدة في منطقة “درع الفرات”، ما مدى صحة ذلك؟

إن تشكيلات “الجيش الحر” تسير نحو المأسسة تدريجياً، الوعي اليوم يزداد والأنانية وحب الذات لا مكان لها.

إذاً كما أصبح لدينا جهاز شرطة وطني، سيصار إلى تشكيل ذلك في العسكرة أيضاً، وسيكون لديهم مؤسسة هي نواة لتحرير سوريا من براثن الإرهاب، بكل ما تعنيه هذه الكلمة.

وعلى ذلك ستكون أدوارنا جميعاً محكومة بالمؤسساتية، ونعمل لأن نكون نداً للمرحلة الانتقالية، وسنكون بذلك بصدد توجيه رسالة للمجتمع الدولي بأن هناك أطرافاً قادرة على قيادة البلاد دون الأسد.

العلاقة مع الفصائل العسكرية جيدة جداً، وهناك تعاون كبير بيننا وبينهم في عدة ملفات، ونحن الآن تسلمنا جزءاً كبيراً من أمن المنطقة بشكل كامل، لكن هناك بعض الأمور لا بد من توحيد الجهود فيها بين الفصائل والشرطة وتحديداً في ملف التنظيمات الإرهابية والخلايا النائمة، لأن هذا الموضوع هو مسؤولية الجميع، والفصائل العسكرية تتجه اليوم نحو المأسسة لكن أيضاً الموضوع يحتاج وقتًا، وآمل أن لا يكون طويلاً، كما أشرت سابقاً.

– إذاً متى ستأخذ قوات الشرطة دورها الفعلي في تسلم مهامها في هذه المنطقة بشكل كامل، طالما أن الفصائل العسكرية غير جاهزة بعد؟

بصراحة شديدة، المسألة مسألة وقت فقط لكن يجب أن نوضح أمراً مهماً، وهو أن  للشرطة طبيعة عمل محددة وفق عمل مؤسساتي قانوني متوازٍ مع القضاء، ونحن موجودون على الأرض ونطبق القانون ونعمل بشكل مدروس يراعي ظروف الحرب الاستثنائية، ومعروف في كل العالم أن للحرب طبيعة خاصة وظروف خاصة تجعل دور الشرطة محدودًا ومقيدًا بحالة طوارئ خصوصاً عندما يطغى المشهد العسكري.

الشرطة هي قوة مدنية تعمل بظروف السلم أكثر مما تعمل بظروف الحرب وهذه حقيقة لا يمكن أن نتجاهلها أبداً، لكن الحرب امتدت لسنوات وأصبح المواطن السوري يفتقد إلى الأمن الاستقرار، ولم يعد هناك أي مبرر لغياب سلطة مؤسساتية بديلة عن النظام من قضاء وبلديات وشرطة وغيرها من المؤسسات الخدمية والاجتماعية.

إضافة إلى أنه قد حان الوقت أن يتم تنظيم الحراك المسلح الثوري بمحددات مؤسسات، لأن استمرار الفوضى وانعدام الاستقرار لم يعد أمراً مقبولاً على الإطلاق.

الخطة التي نعمل عليها لها مراحل ويمكننا القول أن حققنا نسبة جيدة بالنسبة لدور الشرطة في المنطقة،  لكن للأسف الشديد ويحزننا قول هذا أن هناك جهات لا تريد للشرطة أن تأخذ دورها بل تريد الفوضى لتحقيق مصالحها الشخصية لكنهم عرفوا جيداً الآن أن جهاز الشرطة قد بات رقماً صعباً لا يمكنهم أبدا أن يحاربوه.

– من هي هذه الجهات التي لا تريد للشرطة أن تأخذ دورها؟

لن أكرر إن قلت بأننا نأخذ دورنا تدريجياً، لكن إن تحدثنا بصريح العبارة فالعنصر الذي يقاتل لأكثر من ست سنوات، هل نستطيع تحجيم دوره الأمني بين ليلة وضحاها؟

نتّجه للتعامل مع هذا الواقع بشكل تدريجي، أي نسعى للتعاون معه وتسلم الملف الأمني منه تدريجياً، وفي هذه المرحلة لا بد وأن يكون له دور.

– ما هي طبيعة علاقتكم مع تركيا، وما هو ردكم على من يتهمكم بالتبعية لها؟

العلاقة مع تركيا هي علاقة صداقة قوية جداً، هم وقفوا معنا بشكل جدي وحقيقي في ملف الشرطة، ولبوا جميع طلباتنا التي تسمح أن يكون هذا الجهاز قوياً بالعدة والعتاد.

لكن أهم شيء هو جدية التعامل فدعمهم هو دعم حقيقي ويمكن وصفه بالنوعي إن جرت مقارنه بين هذا الدعم مع دول أخرى ادعت دعم الشعب السوري.

سمعنا بمليارات الدولارات التي قدمت للثورة، لكنها لم تستطع تخديم مراكز صحية بالمعنى المؤسساتي بشكل جدي للأسف، نسمع بدعم بالملايين وبكل صراحة أجزاء بسيطة من هذه الملايين قادرة على بناء مؤسسات دولة وجيش حقيقي منظم يواجه النظام، لكننا لم نرَ شيئاً ملموساً وجدّياً.

كنا نسمع وعندما دخلنا بقوة على الأرض وبدأنا البناء بدأنا من تحت الصفر فلا يوجد أي شيء سوى الفراغ الذي يدفع الشعب السوري ثمنه غالياً في الوقت الحالي، أما عن التُهم، فالشرطة الوطنية جهاز معروف بوطنيته.

– تعاني منطقة درع الفرات، من فلتان أمني -إن جاز التعبير- وكذلك من انتشار “المخدرات”، بالمقابل شهد الريف الشمالي مؤخراً تشكيل محكمة ومداهمات من قبل الفصائل، أين دور الشرطة في كل ذلك؟

موضوع المخدرات تحديداً وفي هذه الحالة الاستثنائية هو موضوع تعاوني بين الجميع إن كانوا مدنيين أو عسكريين، والتصرف معه يجب أن يكون فوري، فالمدني إن أدلى بشهادته لفصيل عسكري أو لمركز شرطي، فلا بأس بذلك، لكن أولوية الإبلاغ يجب أن تكون للشرطة، بالمقابل لا مشكلة إن تصرف فصيل عسكري، دعنا نقول أن لهذا الموضوع في هذه الظروف، قليل من الاستثناء.

أما بالنسبة لموضوع معالجة المخدرات من حيث المعالجة فهذا الأمر نعمل عليه وخصصنا قوات لمكافحة المخدرات، ونعمل على تطويرها قدر المستطاع، وخلال مدة ليست بطويلة أنا واثق جداً أن تجارها وشبكاتها سيعيشون أياماً سوداء وسيُقَدّمون للقضاء لينالوا جزاءهم العادل.

أما عن الفلتان الأمني، الأصح أن نسمي ما تمرّ به المنطقة بالوضع الأمني الخاص الناجم عن وجود خلايا نائمة موجودة تابعة للنظام أو للتنظيم أو لجهات انفصالية كردية، وكل هؤلاء لا هم لهم سوى ضرب الأمن في منطقة “درع الفرات”.

بمعنى آخر، هناك مصالح لأطراف من عدم استقرار المنطقة، عدا عن وجود أفراد يعيشون فيما بينا لهم مصلحة في ذلك، ولا يمكننا تجاهل هذه الحقيقة أو إنكارها.

– في السياق ذاته أيضاً، أعلنت الفصائل شمالي حلب عن تشكيل محكمة لمحاسبة المفسدين، وأيضاً كانت الشرطة غائبة عن هذه المحكمة؟

إن ما أعلن عنه إخوتنا في الفصائل في هذا الصدد هو إعلان مع وجود تعاون معنا، وكلمة الفساد مصطلح كبير يشمل المدني والعسكري والتاجر والقاضي و….لذلك من الطبيعي أن يحاسب الفصيل العناصر المسيئة والفاسدة لديه بالدرجة الأولى، ومن الطبيعي أن نحاسب نحن عناصرنا أيضاً إذا كانت هذه الظاهرة موجودة في مؤسستنا.

– خارج درع الفرات، بالانتقال إلى إدلب، كيف تقيمون نجاح تجربة الشرطة الحرة هناك؟

بالنسبة للوضع في إدلب، نحترم كل تجارب زملائنا الضباط وصف الضباط والأفراد في كافة التشكيلات التي تعمل ضمن إطار الثورة، ويدنا ممدودة للجميع دائماً بما يخدم مصلحة الثورة السورية، لكن الحكم الأساسي في تقييم هذا الموضوع صراحة هو لأهالي إدلب، ونحن نتمنى التوفيق للجميع.




المصدر