التعليم في درعا وعود بالمساعدة في ظل واقع مأسوي


سامر الأحمد

أكد محمد الوادي مدير التربية والتعليم في درعا، في حديث لـ (جيرون) أنه: “تم الاتفاق، عبر وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة، مع منظمة (كومينكس) من أجل تقديم دعم لعدد من مدارس المحافظة، خلال العام الدراس القادم”، وأشار إلى أن “هذا الدعم الذي يُقدّم لمدارس المديرية يُعدّ الأول من نوعه، منذ بداية الثورة”.

أوضح الوادي أن المديرية تدير 6 مجمعات تربوية، تضم 94 مدرسة منتشرة على معظم مناطق درعا، ويبلغ عدد الطلاب الكلي فيها أكثر من 12 ألف طالب متوزعين على المرحلتين الأساسية والإعدادية.

يعاني قطاع التعليم في درعا من عدد من المشكلات والصعوبات أهمها: التدمير الممنهج للمدارس، من خلال حملات قصف النظام على مختلف مناطق درعا، حيث تنتشر عشرات المدارس الخارجة عن الخدمة في درعا البلد وبصر الحرير وانخل، وعدد آخر من المناطق، إضافة إلى ظروف النزوح المستمر الذي تشهده معظم المدن والبلدات في المحافظة؛ وهذا ما أدى إلى ازدياد نسبة المتسربين من التعليم على نحو كبير، إضافة إلى الوضع الاقتصادي المتردي لعدد من العوائل، نتيجة الحرب، وقد دفعها إلى الاعتماد على عمل أبنائها وتركهم التعليم.

كشفت مصادر لـ (جيرون) أن رجل الأعمال السوري وليد الزعبي كان يدفع رواتب عشرات المعلمين في عدد من مدارس درعا لعدة سنوات، وعند استفسارنا عن حقيقة دعم الزعبي أكد مدير التربية في درعا أن وليد الزعبي دفع رواتب المعلمين لمدة عامين فقط، ثم توقف ليكمل المعلمون عملهم بشكل تطوعي، من دون أي راتب، حتى الآن.

الوادي أكد أن ضعف الدعم المقدم للمعلمين أدى إلى ضعف في العملية التعليمية في المحافظة، ولكن المديرية -بحسب الوادي- “قامت خلال العطلة الصيفية هذا العام بالتنسيق مع منظمة (التعليم بلا حدود) ونظمت عددًا من الدورات التأهيلية للمعلمين، في ما يخص الحوكمة والتعليم في ظل الحروب”.

أحد مدراء المدارس في درعا أكد لـ (جيرون) أن التعليم في درعا حاليًا ينقسم إلى قسمين: الأول يتبع لمديرية التربية والتعليم التابعة لوزارة التربية في الحكومة المؤقتة.  والآخر يتبع للنظام، حيث يقوم الأخير بتسليم رواتب المعلمين وفرض مناهجه على هذه المدارس، وهي منتشرة على نطاق واسع، وبات أهل درعا في حيرة حقيقية من أمرهم؛ فالتعليم عند النظام يوفر شهادات معترف بها رغم مخاطره، أما الحكومة المؤقتة فلم تستطع حتى الآن تحصيل اعتراف كاف بالشهادات الصادرة عنها، ولن يتمكن الطالب من إكمال تعليمه في الجامعات السورية أو العربية.

المناهج التي تعتمدها مديرية التربية في مدارسها هي نفسها مناهج الحكومة المؤقتة، ولكن الوادي أوضح أن “هناك مشكلة في تأمين أعداد كافية من الكتب المدرسية بسبب عدم القدرة على طباعتها في المحافظة؛ ما اضطر المديرية إلى توزيع كتب قديمة أو طباعة بعض الكتب باللون الأبيض والأسود”.

تنتشر في درعا ثلاثة أنواع من المناهج التعليمية: أولها منهاج الحكومة المؤقتة المعتمد في مدارس مديرية التربية والتعليم، وثانيها منهاج النظام المعتمد في المدارس التي ما زالت كوادرها تأخذ الرواتب منه، وثالثها في منطقة وادي اليرموك، حيث يسيطر تنظيم الدولة ويفرض مناهج خاصة به، لا تختلف كثيرًا عن منهاج النظام سوى بحذف كتاب القومية، وإضافة بعض المقررات الشرعية، كما لجأ التنظيم إلى فصل الذكور عن الإناث في تلك المنطقة.

تعمل عدد من منظمات المجتمع المدني السورية على برامج تعليمية محددة، تستهدف غالبًا طلاب المرحلة الابتدائية مثل (دورات الدعم النفسي أو برامج للمتسربين من التعليم أو افتتاح مدارس خاصة بأبناء الشهداء أو روضات)، ولكن هذه المنظمات ترفض التعامل مع مديرية التربية والتعليم، بحسب الوادي، وترى أنها قادرة على إدارة البرامج التعليمية دون الحاجة إلى المديرية.

يؤكد الوادي أن المدارس في درعا بحاجة إلى مزيد من الدعم، لضمان استمرار العملية التعليمية، وأهمها: “دعم رواتب المعلمين وإعداد دورات تأهيل لهم، تتعلق بالتعليم في زمن الحروب والدعم النفسي، كما تحتاج المدارس إلى دعمها بالقرطاسية اللازمة والوسائل التعليمية الحديثة، ويحتاج الكثير منها إلى الترميم وإعادة الإعمار”.

يشار إلى أن المستوى التعليمي في درعا كان يعدّ متقدمًا، قبل اندلاع الثورة؛ فقد تم إعلان المحافظة خالية تمامًا من الأمية عام 2010، كما تميزت درعا بالعدد الكبير من أبنائها الملتحقين بالجامعات السورية، ولكن القصف الممنهج وظروف الهجرة والنزوح أدّيا إلى تراجع هذه الأعداد، وخلق جيل من المتسربين من التعليم، ما زالوا بانتظار مساعدتهم في العودة إلى مدارسهم.




المصدر