في متحف الهولوكوست بواشنطن .. أسماء معتقلين سورييّن مُوثّقة بالدمّ




يُعرض حالياً في متحف الهولوكوست بالعاصمة الأمريكية واشنطن، أسماء اثنين وثمانين معتقلاً ما زالوا معتقلين في زنازين النظام السوري. وقام هؤلاء المعتقلين بكتابة أسمائهم ببقايا عظام الدجاج وبمزيج من الدم والصديد والقيح النازف من أجسادهم، وجرى ذلك خلسة عن سجّانيهم وعلى بقايا قطع لقماش ملابس داخلية.

القطع المعروضة اليوم في متحف الهولوكست في واشنطن، هي عبارة عن خمسة قطع قماش كتبها معتقلو رأي لم يزالوا قابعيين في سجن “الفرقة الرابعة” في سوريا، ولا أحد يعرف من بقي منهم حيّاً حتى اليوم، ومن منهم رحل لينضم إلى آلاف الشهداء تحت التعذيب منذ بدء الثورة السوريّة في عام 2011

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية تقريراً مفصلاً حول كيفية وصول هذه الرسائل من المعتقليين السوريين إلى واشنطن عن طريق  الناشط السوري في مجال حقوق الانسان منصور العمري، الذي عمل في سوريا على توثيق انتهاكات حقوق الانسان، وعمل في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير حين تم اعتقاله من قبل جهاز المخابرات الجوية من مكتبه في العاصمة السورية دمشق، اذ أمضى سنة كاملة معتقلاً في “الفرقة الرابعة” التي تعرض فيها لكل أنواع التعذيب، وفي هذه الفترة أدانت اعتقاله عشرات منظمات حقوق الإنسان الدولية، بما في ذلك :الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهيومن رايتس ووتش، ومؤشر على الرقابة، والمعهد الدولي للصحافة، ومراسلون بلا حدود، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب. وشاركوا جميعهم في التوقيع على رسالة تدعو للإفراج الفوري عن العمري. كما أدانت كاثرين أشتون، الممثل السامي الاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، أيضاً اعتقاله، داعية النظام السوري إلى إطلاق سراح العمري وزملاؤه على الفور.

أفرج عن العمري في شباط 2013 وكان أول من أفرج عنه من المعتقلين الذين كانوا موجودين في نفس مهجعه والذين اتفقوا على كتابة أسمائهم بدمائهم على مزق ملابسهم الداخلية ثم إخفاء هذه القطع عن السجانين، ومحاولة تهريبها مع أول ناشط سلمي يفرج عنه.

العمري كان هو ذلك الناشط، وقد استمر بعمله السلمي والحقوقي والصحفي بعد الإفراج عنه إذ استمر بتوثيق الانتهاكات في سوريا، وانضم فيما بعد إلى منظمة “مراسلون بلا حدود”. وبقي ايصال هذه الوثائق إلى العالم هاجسه الأول، لذا فبعد وصوله الى السويد حاول الوصول الى أمريكا لتقديم هذه الوثائق لمتحف الهولوكست المشهور جداً والمعروف بكثرة زواره لعله بذلك يساهم بتعريف العالم بما شاهده أثناء فترة اعتقاله من أعمال وحشية يرتكبها عناصر المخابرات بحق المعتقلين.

وقد تحدث العمري في المقال الذي نشرته التايمز عن حجم التعذيب الذي يتعرض له معتقلوا الرأي في المعتقلات السورية والتي تمثل الهولوكست الجديد للبشرية، وعن أنه تمكن من تهريب قصاصات القماش من خلال إخفائها في قميص، الأمر الذي كاد أن يعرض حياته للخطر.

ومنصور العمري هو صحفي سوري مولود في عام 1979 في دمشق. حاصل على إجازة في الأدب الانكليزي من جامعة دمشق. ترأس تحرير القسم الانجليزي في مجلة السلام الأسبوعية، والطبعة السورية من المجلة الأميركية، وكان المترجم الرسمي لمهرجان دمشق السينمائي للفيلم القصير، لكنه كان يعمل في توثيق انتهاكات حقوق الانسان مذ كان طالباً، كما أنه حائز على جائزة PEC في حزيران 2012، وهي الجائزة التي تمنح   سنوياً من قبل لجنة PEC لمكافأة شخص أو منظمة عمل لحماية الصحفيين وحرية الصحافة، وقد حصل على هذه الجائزة في الوقت الذي كان العمري ما زال محتجزاً.




المصدر