‘تقرير: النظام استخدم الأسلحة الكيميائية 207 مرات’
2 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
فؤاد الصافي: المصدر
تمرُّ على المجتمع السوري حادثة من أفظع ما شهده عبر تاريخه الحديث، الذكرى الرابعة لتنفيذ النظام هجوماً بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق الشرقية والغربية في 21/ آب/ 2013، يتزامن مع هذه الذكرى، وقبل أشهر قليلة، حادثة سارين أخرى واسعة في مدينة خان شيخون في نيسان الماضي، وكان ذلك متوقعاً، في ظل عجز المجتمع الدولي، والإدارة الأمريكية السابقة، ويبدو الحالية، عن الالتزام بتعهداتها أمام العالم أجمع باعتبار استخدام السلاح الكيميائي خطاً أحمر، لقد فشلوا في إيقاف المجرم، بل وفي سحب مخزون النظام من الأسلحة الكيميائية كاملاً.
يقول فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “مع بروز عدة مظاهر وتصريحات دولية توحي بالرغبة في إعادة تأهيل النظام، ما تزال مشاهد وذكريات مجزرة الغوطة والأطفال الضحايا وكأنهم نيام محفورة في ذاكرة الشعب السوري، ولا يُمكن بأي حالٍ قبول نظام أو أي فرد ساهم في هذه المجزرة المروِّعة ليكون جزءاً من أي عملية سياسية، وإن أي محاولة لفرض تسويات ومنصات تقبل بهذا سيكون مصيرها الفشل، والأجدر أن تكون الدعوات لمحاكمة النظام المتسبب بالجريمة وحلفائه”.
سِجِلُّ النظام الأسود في استخدام الأسلحة الكيميائية:
بحسب أرشيف الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإنَّ أوَّل استخدام للنظام للأسلحة الكيميائية كان في 23/كانون الأول/ 2012 في حي البيَّاضة بمدينة حمص، استمرَّ بعدها النظام على هذا النَّهج إلى أن استفاق العالم على وقع هجوم الغوطتين في 21/ آب/ 2013 علماً أنه سبقه 33 هجوماً وإن لم يكونوا على السوية ذاتها.
صادقت حكومة النظام على معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية في 14/ أيلول/ 2013، وصدر قرار مجلس الأمن الشهير 2118 في 27/ أيلول/ 2013، وبموجب الفقرة 21 منه فإن أي إعادة استخدام للأسلحة الكيميائية توجِبُ تدخلاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
لم يكترث النظام كثيراً بذلك، بل استمر في تنفيذ هجماته الكيمائية والتي حدَثَ معظمها عبر إلقاء مروحيات حكومية براميل مُحملة بغاز سام يُرجَّح أنه الكلور، أو عبر قذائف أرضية وقنابل يدوية مُحمَّلة بغازات سامة، كما لجأ النظام إلى تنفيذ هجمات أصغر لا تُخلِّف عدداً واسعاً من الضحايا والجرحى قد يُحرِج صنَّاع القرار ويدفعهم إلى التَّحرك.
وبعد عشرات الاستخدامات للأسلحة الكيميائية، وفي آب/ 2015 صدر قرار من مجلس الأمن 2235 أنشأ بموجبه آليه تحقيق مشتركة، تهدف ولأول مرة لتحديد هوية المجرم الذي استخدم الأسلحة الكيميائية.
على الرغم من ذلك عاد النظام واستخدم الأسلحة الكيميائية مرات عديدة، إلى أن وصل الحد لاستخدام السارين بشكل واسع كما حصل في مدينة خان شيخون في 4/ نيسان/ 2017، الذي راح ضحيته زهاء 91 مدنياً بينهم 32 طفلاً و23 سيدة، لكن، حتى بعد قصف الإدارة الأمريكية لمطار الشعيرات العسكري، الذي خرجت منه الطائرات التي قصفت خان شيخون، تجرأ النظام واستخدم الأسلحة الكيميائية خمس مرات على الأقل بعد هجوم خان شيخون، كان أوُّلها في حي القابون بدمشق بعد أقل من 72 ساعة من هجوم خان شيخون. معظم هذه الهجمات استخدم فيها النظام قنابل يدوية مُحمَّلة بغاز نعتقد أنه الكلور، وذلك في إطار التَّقدم العسكري على جبهات يسعى النظام لانتزاع السيطرة عليها من فصائل المعارضة المسلحة.
حصيلة استخدام النظام للأسلحة الكيميائية موزعة بحسب قرارات مجلس الأمن:
لقد أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قرابة 27 تقريراً موسعاً أو موجزاً سجلت فيها حصيلة الهجمات التي نفَّذها النظام بالغازات السامة منذ أول زعم عن استخدامها حتى 21/ آب/ 2017 والتي بلغت ما لايقل عن 207 هجمة تتوزع على النحو التالي:
– ما لايقل عن 33 هجمة قبل قرار مجلس الأمن 2118 الصادر في 27/ أيلول/ 2013
– 174 هجمة بعد قرار مجلس الأمن 2118، تضمَّنت:
– 105 هجمة بعد قرار مجلس الأمن رقم 2209 الصادر في 6/ آذار/ 2015
– 49 هجمة بعد قرار مجلس الأمن رقم 2235 الصادر في 7/ آب/ 2015 والذي أنشأ آلية التحقيق المشتركة للكشف عن هوية المجرم الذين استخدم السلاح الكيميائي.
تسببت هذه الهجمات جميعها في مقتل ما لايقل عن 1420 شخصاً، مسجلين في قوائمنا بالاسم والتفاصيل، يتوزعون إلى:
∙ 1356 مدنياً، بينهم 186 طفلاً، و244 سيدة (أنثى بالغة)
∙ 57 من مقاتلي المعارضة المسلحة.
∙ 7 أسرى من قوات النظام كانوا في أحد سجون المعارضة.
وإصابة ما لايقل عن 6672 شخصاً.
لقد خرق النظام عبر هجماته الكيمائية القانون الدولي الإنساني العرفي، الذي يحظر استخدام الأسلحة الكيميائية مهما كانت الظروف، وثانياً خرق بما لا يقبل الشكَّ “اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية” التي صادقت عليها حكومة النظام في أيلول/ 2013، التي تقتضي بعدم استخدام الغازات السامة وتدميرها، وثالثاً جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبشكل خاص 2118 عام 2013، و2209 عام 2015، و2235 عام 2015، كما أنَّ استخدام الأسلحة الكيميائية يُشكل جريمة حرب وفقاً لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
لن يردع النظام عن الاستمرار في ارتكاب انتهاكات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وحرب وإبادة، سوى الضغط الجدي لتحقيق انتقال سياسي يؤدي بانتقال سورية نحو الديمقراطية، واحترام الحريات وحقوق الإنسان، ومازال النظام حتى الآن يرفض قطعياً أي حلٍّ سياسي عادل.
لقد استخدمت روسيا والصين حقَّ النقض 7 مرات في الأزمة السورية لصالح النظام ؛ ما أدى إلى فشل مجلس الأمن بشكل تام في حماية القانون والنظام الدولي، كما أن التَّحرك في الجمعية العامة لتشكيل رأي عام ضد النظام لم يتحقق، نظراً لأن الدكتاتوريات دائماً تُساند بعضها البعض، ويجب أن يُطرَح سؤال جدي من قبل القانونيين، وبشكل خاص داعمي مبدأ مسؤولية الحماية، عن الخطوة التالية في مثل هذه الحالة، لأنَّ النظام وعبر سبع سنوات شعر بامتلاك ضوء أخضر يسمح له بارتكاب جرائم بلا حدود، وسوف يستمر في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد أبناء الشعب السوري دون أدنى شك.
[sociallocker] [/sociallocker]