تعليم الإناث في إدلب.. عوائق مزدوجة


جيرون

اختلطت الأسباب الكامنة وراء تسرّب الفتيات السوريات من التعليم، فتمازجت العادات الاجتماعية المغلوطة، مع ظروف الحرب؛ لتشكّل بمجموعها عوائقَ جوهرية، تحول دون إتمام الإناث لتعليمهن.

قالت المعلمة مريم. ش، من إدلب لـ (جيرون): “تبلغ نسبة تعليم الإناث في محافظة إدلب، من 50 إلى 60 بالمئة، وأسباب انقطاع الإناث عن التعليم في الوقت الراهن كثيرة، يأتي في مقدمتها انعدام الأمان، وعدم الاعتراف بالشهادات العليا إلا ضمن المناطق المحررة، والفقر والجهل، وانقطاع الإناث الطويل عن المدراس، بسبب النزوح وعدم توافق أعمراهن مع المرحلة التعليمية، أضف إلى ذلك الزواج المبكر، بسبب خوف الأهل على بناتهن من الاعتداءات”.

تتباين نسب تسرب الإناث من منطقة إلى أخرى، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بمستوى الاستقرار والأمان. في هذا الجانب، أوضحت مريم: “سجّلتْ، في إحدى المدراس في معرة النعمان، 35 فتاةً، وعند بداية الفصل الدراسي لم تحضر منهن سوى 5 فتيات، حاول الكادر التدريسي متابعة الأسباب التي منعت نحو 30 فتاة من الالتحاق بالمدرسة؛ فكانت الأسباب بمجملها هي: إما أنهن تزوجن أو أنهن في مرحلة الخطوبة وعلى وشك الزواج، أو أن أباءهن منعوهن من مغادرة المنزل”، مؤكدة أن “نسب تعليم الإناث في مدارس أخرى أفضل قليلًا، إلا أنها ليست مقبولة”.

جمال الشحود معاون وزير التربية والتعليم، في الحكومة السورية المؤقتة، قال لـ (جيرون): “تُعتبر نسب تعليم البنات في محافظة إدلب فوق الجيدة، وهي تفوق الذكور من حيث الكم والنوع، والمجتمع السوري واع، ويدرك أهمية تعليم البنات ولا يتساهل بها، إلا أن الظروف الصعبة قد تحول دون متابعة التعليم بالنسبة للذكور والإناث على السواء”. مؤكدًا أن “عدد الإناث يتساوى مع الذكور في مرحلة التعليم الأساسي والثانوي، في محافظة إدلب، أما في المرحلة الجامعية فعدد الإناث يطغى على الذكور بوضوح”.

أضاف الشحود: “مشكلة تسرّب الإناث من التعليم موجودة في المجتمعات الريفية، قبل الثورة، إلا أن الثورة وفرت المسوّغات المادية للاستغناء عن تعليم البنات، وهي صعوبات حقيقية تترك أثرها على الذكور والإناث، إلا أن وضْع الأنثى في مجتمعنا أكثر حساسية؛ فمشكلة انعدام الأمان، وصعوبات التنقل قد تحول دون تعليم من الإناث، وهي أسباب حقيقية ووجيهة، فالفتاة حاليًا لا يمكنها أن تسافر لتلقي التعليم في مكان آخر، وسائل النقل في الأصل ليست متوفرة”.

من جهة ثانية، قالت منتهى عبد الرحمن، وهي ناشطة مهجرة قسرًا من مضايا إلى إدلب، لـ (جيرون): “التعليم بشكل عام في إدلب سيئ، بسبب هجرة الكوادر التعليمية، والظرف الأمني السيئ، إلا أن وضع الإناث أكثر صعوبة، وخصوصًا بالنسبة إلى المهجرين قسرًا الذين يعيشون في المخيمات”. وأضافت: “في تلك المخيمات لا يوجد مدراس، والأهالي يعيشون في فقر وعوز شديدين؛ لذا عندما تبلغ الفتاة 13 عامًا، يعمد أهلها إلى تزويجها، بسبب كثرة الأعباء”.

المُدرّسة مريم اعتبرت أن “تعليم الإناث ضرورة لا ينبغي التساهل بها، فهؤلاء البنات هن أمهات المستقبل، ونحن إذ نتحدث عن عدم تعليم المرأة، نتحدث عن جيل كامل غير متعلم”. آ. ع.




المصدر