(جيرون) تنشر مضمون رسالة غرف المجتمع المدني السورية إلى دي ميستورا


سامر الأحمد

حصلت (جيرون) على نص التقرير النهائي الذي أرسلته مجموعات المتابعة الجغرافية، إلى مكتب المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، وتنتظم منظمات المجتمع المدني في ثلاث غرف (مجتمع مدني) موزعة في كلٍّ من غازي عينتاب وبيروت وعمان.

يشير التقرير الذي جاء “ثمرة مشاورات بين الغرف الثلاث استمرت بين 17-27 حزيران/ يونيو الماضي، وأرسلت النسخة النهائية منه إلى مكتب المبعوث الأممي، في 25 آب/ أغسطس الماضي”، إلى توافق ممثلي الغرف الثلاثة على عدد من النقاط، أهمها: “الدعوة إلى وقف إطلاق النار بشكل كامل”، والحفاظ على ما أسموه “مؤسسات الدولة السورية”، و”إطلاق مبادرات حوارية عابرة للصراع”، ودعت الغرف “إلى تعزيز الخطاب الإعلامي الداعي للسلام ودعم استقلالية مؤسسات الدولة عن الصراع السياسي”.

طالبت غرف المجتمع المدني، في تقريرها، بالتركيز على “إقامة مشاريع مشتركة تراعي مصالح جميع الأطراف، عبر الاستعانة بالقواسم المشتركة الثقافية والفنية والرياضية”، داعية إلى “دعم خطاب إعلامي سوري، يعزز السلام والقيم الإنسانية الجامعة، وإلى تجريم الخطاب العنصري وخطاب الكراهية، والعمل على إنشاء مدونة قواعد سلوك للوسائل الإعلامية”.

أوضح التقرير أن “إحدى الغرف [علمت (جيرون) من مصادر خاصة أنها غرفة غازي عينتاب] طالبت بحل ملف المعتقلين والمفقودين، ووضع آليات قضائية لمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في سورية، ودمج فصائل المعارضة مع الجيش النظامي وإخراج الميليشيات الأجنبية من سورية”، كما طالبت بالقبول بوجود المؤسسات الخدمية في المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام، “وباعتماد الوضع القائم في المناطق الخارج السيطرة التي عملت على تشكيل مجالس محلية، والاستفادة منه وتجاوز الأخطاء”. ولم تعترض الغرفتين الأخريين على هذه الطلبات.

بّين التقرير أن هذه الغرف شُكّلت وفق آلية، تم الاتفاق عليها بين منظمات المجتمع المدني، تنص على أن ينبثق عن أربعين منظمة مجتمع مدني منضوية في ما يسمى (غرفة غازي عينتاب) خمسة أعضاء. كما يمثل خمسة آخرون، لأربعين منظمة مجتمع مدني ضمن (غرفة بيروت)، بينما يمثل ثلاثة مشاركين لسبع وثلاثين منظمة مجمتع مدني ضمن (غرفة عمّان)، ويشير عدد هذه المنظمات إلى تصريحات دي ميستورا الأخيرة في مجلس الأمن، والتي أوضح فيها أنه أجرى مشاورات مع أكثر من 120 طرفًا وشبكة، لوضع أساس المشاورات المستقبلية في مؤتمر جنيف.

وصف فؤاد أبو حطب المدير التنفيذي لمنظمة (سراج)، وأحد الممثلين الخمسة عن غرفة (غازي عينتاب)، في حديث لـ (جيرون)، التقريرَ بـ “المهم”، وذلك لأنه “استطاع تحديد نقاط مشتركة بين منظمات مدنية سورية من طرفي الصراع، على الرغم من حساسية الموضوع، وتمكن من خرق الصراع والحفاظ على مصلحة الشعب السوري. التقرير يؤكد التوافق بين المجتمع المدني على عكس الخلافات بين العسكريين والسياسيين، ويُعدّ نقلة نوعية”.

ينتقد عدد من ناشطي المجتمع المدني التقريرَ، لأسباب منها أنه “يهمل أي ذكر للثورة السورية أو أهدافها أو مسألة تغيير نظام الحكم القائم في دمشق، ومحاولة فرض رؤية مشتركة بين الجميع على الرغم من الاختلاف بين هذه المنظمات”.

أشار معتصم السيوفي الناشط في العمل المدني، في حديث لـ (جيرون) إلى أن “المشكلة الجوهرية للتقرير هي محاولة فريق دي ميستورا الخروج بوثيقة تعّبر عن رأي المجتمع المدني في كل سورية -نظامًا ومعارضة- بذريعة عدم تسييس المجتمع المدني، وهذا فيه مغالطة كبيرة؛ نحن أمام ثورة والمجتمع المدني يمتلك موقفًا، ولا يوجد فصل بين العمل المدني والسياسي”.

وأضاف: “هناك إغفال متعمد لنقاط الاختلاف بين هذه المنظمات، وإنّ دور المجتمع المدني أصلًا غير واضح، هذه المنظمات لا تملك دورًا رقابيًا.. إنها تقوم بدور استشاري فقط”. ولكن أبو حطب يرى أن هذا التقرير تمكن من تحقيق خرق، هو الأول من نوعه، من خلال قبول ممثلي منظمات المجتمع المدني في مناطق النظام إدراج فقرة العدالة الانتقالية، والتي تنص صراحة على “اتخاذ مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التي قامت بتطبيقها دول مختلفة، من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتتضمّن هذه التدابير الملاحقات القضائية، ولجان الحقيقة، وبرامج جبر الضرر، وأشكالًا متنوّعة من إصلاح المؤسسات”.

وكان المبعوث الدولي إلى سورية قد قرر، العام الماضي، تشكيل هيئتين استشاريتين في محادثات جنيف، أولها الهيئة الاستشارية النسوية، والثانية للمجتمع المدني. وطلب المبعوث الدولي رأي هاتين الهيئتين حول نقاط محددة، وقد جاء التقرير الأخير -كما علمت (جيرون)- كردٍ على طلب دي ميستورا المشورة حول نقطتي التماسك الاجتماعي وتماسك مؤسسات الدولة.

السيوفي رأى أن “دور المجتمع المدني يجب ألا ينحصر في الاستشارة، بل يجب أن يتحول إلى ممارسة دور الرقابة، من أجل الدفع والضغط بخصوص الملفات الإنسانية والحقوقية والحريات”.

من جانب آخر، حذّر بسام القوتلي مدير مجموعة البحث والإدارة من “تحول المجتمع المدني إلى أداة سياسية بِيد أي قوة سياسية، وبخاصة دي ميستورا الذي يحاول استغلاله لتمرير اتفاقات وصفقات”، وأضاف القوتلي لـ (جيرون): “على المجتمع المدني أن يحافظ على استقلاليته الكاملة، وألا يصبح أداة في وجه أي عمل يعوق التغيير في سورية، كما يجب عليه المحافظة على الثورة وأهدافها، لأنه ظهر بسبب الثورة، وزوال الثورة وأفكارها وبقاء النظام سينهي فعليًا دور المجتمع المدني، ومصلحة المجتمع المدني المباشرة هي الحفاظ على أهداف الثورة، ويجب عليه رفض أي دور لمجموعات تابعة للنظام، كمنصة موسكو، ورفض ضمها إلى الهيئة العليا للمفاوضات”.

كشف القوتلي لـ (جيرون) أن “بعض منظمات المجتمع المدني التي وجدت بسبب الثورة، وهي خارج سورية تقوم حاليًا بالتسجيل في دمشق، بالتعاون مع النظام، وهذا يضفي شرعية للنظام وهو أمر خطر جدًا جدًا”.

يشار إلى أن المبعوث الدولي إلى سورية أعلن، خلال جلسة استماع في مجلس الأمن الأسبوع الماضي، أن الجولة القادمة من مفاوضات جنيف حول سورية ستعقد، في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل في جنيف، وستستمر لمدة أسبوعين متتاليين.




المصدر