نيزافيسيمايا غازيتا: الولايات المتحدة الأميركية تعرقل هجوم الأسد على دير الزور


سمير رمان

الصورة: تنسيق العمليات العسكرية في سورية يغدو أكثر تعقيدًا/ وكالة رويتر

 

في معركة مناطق النفط السورية، واشنطن تراهن على الفصائل الكردية.

بدأت التناقضات، بين دمشق والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، تأخذ بالتصاعد مع تقدم القوات الحكومية السورية من ثلاث محاور استراتيجية باتجاه دير الزور. تشكل هذه المدينة ومناطق مكامن النفط المحيطة بها الهدفَ الرئيس للعمليات القتالية التي تخوضها قوات بشار الأسد والمجموعة العسكرية الروسية، حيث يخوضون قتالًا ضد فصائل تنظيم “الدولة الإسلامية” في الجزء الجنوبي- الشرقي من سورية.

البارحة، ذكرت وكالة (أنباء العين): إن الجزء الغربي من محافظة دير الزور شهد إنزالًا جويًا لقوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. وزُعم أن الهدف الرسمي لهذه العملية هو إخلاء السكان المدنيين من المنطقة، وكذلك جمع معلوماتٍ استخباراتية. إلا أن هدف الأميركيين الحقيقي -على ما يُعتقد- هو أمرٌ آخر أكثر شموليةً. حيث سبق لـ (قوات سورية الديمقراطية) التي يشكل الأكراد القوة الضاربة فيها، أنْ أعلنت أنها ستشن عمليةً عسكريةً على دير الزور، بالتزامن مع عملية تحرير الرقة؛ وبذلك يتمكن الأكراد والولايات المتحدة الأميركية التي تدعمهم من الاستيلاء على المناطق الغنية بمنابع النفط الموجودة في تلك المحافظة.

من الملاحظ، أن (قوات سورية الديمقراطية) ستبدأ الهجوم على دير الزور من قواعد انطلاقٍ، تقع في محافظة الحسكة؛ وسيكون الهدف الأولي السيطرة على مدينة الميادين، الواقعة على الضفة الغربية من نهر الفرات. هذه الخطط:

أولًا، تتناقض والاتفاقات المعلنة بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، التي تفضي بأن يكون مسرح عمليات التحالف و(قوات سورية الديمقراطية) في المناطق التي تقع شرقي نهر الفرات.  وثانيًا، سيعرقل تنفيذ هذه المخططات تقدمَ القوات الحكومية، وسيؤدي -لا محالة- إلى وقوع صداماتٍ بينها وبين (قوات سورية الديمقراطية)، كما حدث عندما أراد الأميركيون، بمساعدة الأكراد، إقامة مواقع لهم في منطقة مطار الطبقة، لبدء هجومٍ على طول الضفة الغربية من نهر الفرات. ونذكر أن طائرة قاذفة/ مقاتلة أميركية من طراز F/A-18E Super Hornet قامت بإسقاط طائرة سورية من طراز سوخوي -22 في المنطقة المذكورة، بذريعة أنها قصفت فصائل (قوات سورية الديمقراطية).

بعد هذا الحادث، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنه “في منطقة تنفيذ المهمات القتالية في السماء السورية ستكون كل الأهداف الجوية التابعة للتحالف الدولي التي يتم اكتشافها غرب نهر الفرات، سيتم التعامل معها من قبل وسائل الدفاع الأرضية والجوية الروسية على أساس أنها أهداف جوية”. بدا، وكأن سوء التفاهم قد أُزيل. منذ ذلك الحين، تقوم القوات الحكومية السورية، بدعمٍ من القوات الجوية والفضائية الروسية وقوات المهام الخاصة، بتنفيذ عملياتٍ هجومية ناجحة على المحور الجنوبي- الغربي، بما في ذلك، على طول الضفة الغربية لنهر الفرات. أما التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، فكان يقدم الدعم لـ (قوات سورية الديمقراطية) في معاركها التي تخوضها ضد مقاتلي “تنظيم الدولة الإسلامية”، على الجانب الآخر من نهر الفرات، ولكن بنجاحٍ أقل.

يرى الخبير العسكري الجنرال يوري نيتكاتشيف أن “من الصعب الإجابة عن هذا السؤال: هل سيتمكن الأميركيون والأكراد من استباق هجوم قوات الأسد؟”. وبرأيه، من المستبعد أن يُقدم الأميركيون على الدخول في مواجهةٍ مباشرة مع القوات الحكومية السورية والقيادة العسكرية الروسية في سورية. يبدو الخبير واثقًا من أنه “إذا استمروا بحشد قواهم، ومع استمرارهم بالقتال في الرقة، فقد يقومون فجأةً بضرب مواقع (تنظيم الدولة الإسلامية) انطلاقًا من محافظة الحسكة، فإنهم قد يتمكنون من السيطرة على بعض مناطق محافظة دير الزور، بما في ذلك منابع النفط والغاز”.

تكمن صعوبة الوضع، بالنسبة إلى روسيا وسورية هنا، في أن عدد مقاتلي (تنظيم الدولة الإسلامية) الذين تقاتل قوات جيش الأسد والتحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ضدهم، لا يتجاوز 9 آلافٍ مقاتل. بينما يبلغ عدد مقاتلي بقية المجموعات الإرهابية الأُخرى المنتشرة في مناطق وسط وغرب سورية نحو 25 ألفًاـ تقف دمشق وحدها في مواجهتهم. قال رئيس إدارة الاستخبارات في هيئة الأركان الروسية العامة الجنرال إيغور كارابوف: إن هؤلاء المقاتلين موحدون، بشكلٍ رئيسي، ضمن مجموعةٍ إرهابيةٍ جديدة في سورية، تُسمى (هيئة تحرير الشام). وبحسب معلومات رئيس دائرة الاستخبارات، تنضوي تحت راية هذا التنظيم “أكثر من 70 مجموعةٍ، ومن ضمنها فصائل معارضة، كانت تنسب نفسها في السابق إلى المعارضة المعتدلة. إنهم يقومون بعملياتٍ قتاليةٍ نشطة ضد القوات الحكومية، وكذلك ضد مجموعات المعارضة المعتدلة في محافظات حلب، دمشق، إدلب وحماة”. وهكذا، يكون على قوات بشار الأسد القتال، ليس ضد (تنظيم الدولة الإسلامية) وحسب، بل ضد غيرها من المجموعات، ما استوجب توجيه وحداتٍ معينة من القوات الحكومية لمواجهتها؛ الأمر الذي يؤدي بدرجةٍ ما إلى إعاقة “الهجوم الرئيس” على مواقع (تنظيم الدولة الإسلامية) في محافظة دير الزور.

في الوقت نفسه، صرح قائد مجموعة القوات الجوية والفضائية الروسية في سورية، الجنرال سيرغي سوروفكين، بأنه على الرغم من المشكلات القائمة “تقوم القوات الحكومية السورية، بدعمٍ من القوات الجوية والفضائية الروسية وبمساعدة المستشارين العسكريين الروس، بكل ما في مقدورها، كي يحل السلام على الأرض السورية، بأسرع ما يمكن”. وهذا يعني قيام القوات الجوية الروسية بتكثيف ضرباتها على مواقع (تنظيم الدولة الإسلامية) وغيرها من التنظيمات الإرهابية. كما يعني كذلك، أن دمشق التي تخوض الأعمال القتالية تقوم، بمساعدة المستشارين العسكريين الروس، بتوسيع مساحة الأراضي على حساب المقاتلين الإرهابيين. ووصف الجنرال سوفوركين الهجوم الذي يتواصل في جنوب شرق سورية باتجاه دير الزور، بـ “الهجوم الناجح لدرجةٍ معقولة”.

يوم أمس، تحدثت وزارة الدفاع الروسية عن نجاحاتٍ جديدة لمجموعة القوات التي تشن هجومها باتجاه دير الزور، على طول الجانب الأيمن من نهر الفرات: “في 27 آب/ أغسطس، قامت وحدات من القوات السورية، بقيادة الجنرال سهيل الحسن، وبدعمٍ مكثفٍ من طائرات القوات الجوية والفضائية الروسية، بتحطيم أكثر مجموعات (تنظيم الدولة الإسلامية) تدريبًا وتجهيزًا في وادي مجرى نهر الفرات، في منطقة مدينة “غانم علي”. وبنتيجة المعركة، تم القضاء على أكثر من 800 إرهابي، وتدمير 13 دبابة، 39 سيارة بيك آب مزودة برشاشاتٍ ثقيلة، بالإضافة إلى مدافع هاون وأسلحةٍ صاروخية”.

 

 

اسم المقالة الأصلية США мешают Асаду в наступлении на Дейр эз-Зор كاتب المقالة فلاديمير موخين/ كاتب صحفي في الصحيفة مكان وتاريخ النشر صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا. 28 آب 2017 رابط المقالة http://www.ng.ru/world/2017-08-28/2_7060_siria.html

ترجمة سمير رمان




المصدر