البوهلالة: الاستفتاء شمال العراق ليس من مصلحة الأكراد وسيجرُّ الإرهاب عليهم


جيرون

مع اقتراب موعد الاستفتاء الذي تحدّث عنه الأكراد في شمال العراق؛ لإعلان “كردستان” دولة مستقلة، والتي كان قد أعلن عنها في مدينة أربيل العراقية، حيث قيل حينذاك إنه جرى اتفاق بين الأحزاب السياسية الكردية، في “إقليم كردستان”، على إجراء استفتاء انفصال الإقليم عن العراق، بتاريخ 25 أيلول/ سبتمبر 2017، ومن ثم استكمال ذلك عبر الانتخابات التشريعية والرئاسية، في 6 تشرين الأول/ نوفمبر من العام نفسه.

كل ذلك خلق جوًا من الامتعاض والرفض لدى البعض، كحكومة بغداد وأنقرة، وواشنطن أيضًا، وكذلك الأمر كان الموقف لدى السياسيين العراقيين والسوريين، والمثقفين المهتمين بالشأن الكردي وما يمكن أن يتركه من انعكاس سلبي على أوضاع شمال سورية، في ظل هيمنة (حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي.

التقت (جيرون) الشيخ عصام البوهلالة الأمين العام للتحالف الوطني لعشائر العراق، والمنسق العام للمجلس الوطني لإنقاذ العراق، تسأله عن رأيه بهذه الخطوة، وعن إمكانية نجاحها، وعن مخاطرها، أو آثارها السلبية والإيجابية على المنطقة برمتها.

أكد البوهلالة أن الأكراد، ولا سيّما قادتهم في شمال العراق، “يُدركون أكثر منا نحن -عرب العراق- أن أي تحرك بهذا الاتجاه ليس في مصلحتهم، على المستويين الداخلي والخارجي، وليس في مصلحة عرب العراق؛ فعلى المستوى الداخلي، نرى أن ما يتمتع به الأكراد من امتيازات، بمشاركتهم في ثروات العراق عمومًا، يفوق فائدتهم، فهم مشاركون ومستفيدون، سواء من الاقتصاد العام للدولة المركزية، (وما أقصده بالاقتصاد العام يعني كل موارد الدولة وجميع مصادرها) أو رسم سياسة الدولة العراقية، والمشاركة في أعلى قيادتها، وهذا ما يعطيهم امتيازات كبيرة، لتجييرها في مصلحة قضيتهم في هذه المرحلة، وتلبية الالتزامات المترتبة عليهم، في حين إذا تم ما يطرحونه الآن من استفتاء؛ فهو يرفع عن كاهل الحكومة المركزية الكثير من الالتزامات، في الوقت الذي سوف يتحمل القادة والأحزاب الكردية الكثير من الاستحقاقات، أمام شعبهم، دون إمكانية الوفاء بها؛ وهذا سيخلق لهم مشكلات أكبر مما يتصورون، وهو ما يجعل الأرض خصبة لاختراقهم، ودخولهم في صراع داخلي، يُمكِّن المجاميع الإرهابية من اختراقهم، وتدمير مدنهم التي نجت، على الأقل في الوقت الراهن، من موجة التسونامي الإرهابية التي تعبث بالمنطقة”.

وعن الحكومة العراقية، قال البوهلالة: “الحكومة العراقية المركزية هي كما يقول المَثل العراقي: (الغرقان لا يخاف من المطر أو البلل)، وستكون هذه الخطوة مُنقذة لهذه الحكومات الفاشلة؛ لأنها ستقول إن سبب فشلها هو تعرضها لضغوط القوى والأحزاب الكردية”. لكن البوهلالة شكك في إمكانية استكمال هذه الخطوة، وقال: “أعتقد أن هذه الخطوة لن تتم، بل ستكون ورقة ضغط تُمارسها القيادات الكردية، للحصول على شروط أفضل من الحكومة المركزية، وإذا تمت؛ فإن هنالك بعض الاستحقاقات المطلوب تقديمها من قيادة الأحزاب الكردية للجمهور الكردي شمال العراق، وكانت تُحاول أن تؤجلها وتحملها لهذه المرحلة عبر طرح هذا الاستفتاء، كما أن الضغوط والمواقف الإقليمية والدولية المتصاعدة، ضد عملية الاستفتاء، تعطي مؤشرات على أن الاستفتاء لن يُنفّذ، وإذا نُفِّذ؛ فإن خسارة القوى الكردية ستكون كبيرة، وتفوق فائدة الاستفتاء، وهي حسابات تأخذها القيادة الكردية في الحسبان، إضافة إلى أن هذا الاستفتاء لم يضع في حساباته أي سند قانوني في الدستور العراقي الذي كتب بعد عام 2003، وشاركت في صياغته القوى والأحزاب الكردية؛ وهو ما سيجعله باطلًا، من الناحية الدستورية أيضًا”، وعن الآثار التي تنجم عن هذه الخطوة، قال: “هي آثار سلبية، لأنها ستمتد إلى العالم أجمع، والمنطقة بوجه خاص، وهو ما سيؤدي إلى دخول دول المنطقة في دوامة من الصراعات، وإلى زعزعة الأمن فيها، وسترسم خارطة جديدة للمنطقة، وتُلغي خرائط الدول الحالية، وهي التي وُضعت ضمن اتفاقية (سايكس – بيكو) في بداية القرن الماضي، والمستفيد الأول من هذه التطورات هو “إسرائيل” التي تسعى لذلك، أما لاحقًا وبعدما يتم وضع الخارطة الجديدة، فأنا أعتقد أن عرب العراق ستكون في مصلحتهم، قبل الجميع، إذا وجدت قيادة عربية حريصة على النهوض بشعبها، تتوجه إلى إعمار العراق الجديد، وأنا أتوجه، من هذا المنبر الإعلامي، بنصيحة صادقة للأخ والقائد مسعود البرزاني، ومن خلال موقعي السياسي والعشائري، وما أُمثّله من قوى لم تُشارك في العملية السياسية الحالية، ورغم معارضتي للنظام السابق؛ فإني أطلب منه تأجيل هذا الاستفتاء، وإيقاف هذه الحملة، وأُقدّر الجهد الحقيقي الذي بذله، والوعود التي قدمها لجماهيره، إلا أن سلامة العراق عمومًا، وسلامة إقليم كردستان خصوصًا، أهم من هذه الخطوة، وهذا الموقف ينطلق من حرصي التاريخي على سلامة أهلنا في كردستان العراق، ويؤكد هذا الحرص وهذه النصيحة موقفي معه، ومع حزبه عام 1996 في أزمته مع الاتحاد، وتأييدي له في دعوته للجيش العراقي في ذلك الوقت إلى مساندته، بالرغم ممّا نالني من أذًى شخصي وسياسي في تلك المرحلة، أثناء معارضتي للنظام السابق”.




المصدر