الغارة تُرنِّح شعارات الممانعة


جيرون

لم يبق موقع أو موضع إلا وناله صاروخ، من “خردقة” العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية، وما يزال “الأسد” وماكينة الممانعة الإعلامية يتحدثون عن انتصارات وحسم! إنه التعبير الصارخ عمّا آلت إليه حالة العدوان المخزي على الشعب السوري، من قِبل نظام وحشي، وعدوان إسرائيلي مباشر على الأراضي السورية، يتحمل كلَّ نتائجه، على مدى العقود الماضية، نظامٌ التزم بأجندة الاحتلال، واستثمرها في بناء سلطة قمعية دموية، يتكامل فيها مبتغى الاحتلال والاستبداد.

رسائل العدوان الإسرائيلي الأخيرة على مصياف، كما سابقاتها، اتحاد مع سياسة النظام ومنهجه؛ لإضعاف بنية المجتمع الذي يقوده الأسد، وتدمير بنيته الديموغرافية، وضمان استمرار هشاشة النظام للحفاظ على الوظيفة التي يديرها في كل الاتجاهات المتعلقة تحديدًا في وجوده مقابل الأمن في الجولان، فضلًا عن بقية الملفات الإقليمية والدولية التي تصب جلها في خدمة الاحتلال، ومن ثم النظام.

لا يمكن في هذه المعمعة التي تستوجب التوقف إلا أن تُفتح نوافذ التفكير على ما ستؤول إليه القضية السورية، الثورة باستعصائها الدموي، والنظام وحلفاؤه مع اللعبة القذرة لتشويه ثورة السوريين. ربطُ تلك المآلات مع الإسرائيلي لم يعد سرًا، الشيء الممجوج في سرد وقائع العدوان الإسرائيلي من محور الممانعة وشراسة إجرامه بحق السوريين، يجعل المفارقات المخزية حاضرة لجهة إفراغ النظام كل مخزونه التدميري على الشعب السوري. وحضورُه العاري “المتأرنب” أمام كل جولات العدوان يستحضر معه أيضًا حماسةَ المجتمع الدولي المستميتة، للحفاظ على وظيفته المرتبطة أصلًا باستمرار الاحتلال.

من الملاحظات المثيرة للشفقة والسخرية، أن تكون بيانات الرد على كل غارة إسرائيلية محلَّ تندّر وتهكم لعبارتي “الزمان والمكان”، وإحاطتهما بكثير من سرد المحللين في استوديوهات الممانعة، على أنها “رد على انتصارات” العصابة على شعبها، لكن لا أحدَ يسأل هؤلاء المُبشّرين ذات يوم بشعاع صواريخ الممانعة “إس 300 و إس 400″، عن دورها وفعلها، ولا عن دور جيش العصابة في ممارسة العدوان أصلًا وتسهيله إسرائيليًا، لا أحد يأتي على ذكر التنسيق العالي الذي يديره صاحب صواريخ إس 300 مع بنيامين نتنياهو، والاتفاق على حماية الأسد، كأولوية محسومة لصالح موسكو وتل ابيب وطهران.

ألا يُدرك أصحاب الشعارات الممانعة أن الصورة البشعة للسفاح السوري التي يحاربون للدفاع عنها، ستؤدي لا محالة، في نهاية المطاف، إلى أن “تُخردق” الصواريخ الإسرائيلية مؤخرة الصورة على كثرتها، وبأن “الزمان والمكان” اللذين دمّر الطاغية بهم مدن وأرياف سورية، مجرد رسائل “لتجارة” الممانعة الخاسرة في الشارع العربي، لكنها رابحة في استثمار الاستبداد والطغيان، على طريقة الثواني السبع لصواريخ الولي الفقيه لحرق “إسرائيل”، وفِرق موته الباحثة عن طريق القدس، أو الرقص على رواية شعاع الوهم لصواريخ بوتين، ألا يُدركون أن عنترية الزعرنة والتشبيح، والتعفيش والقتل تحت التعذيب، واستخدام كل القوة النارية لدك المدن وحرق الجثث، لا يمكنها أن تُدافع عن وطن يُنتهك بتلك “القيم”.

اجترار الخطاب والديماغوجيا، الذي تفرضه وقائع العدوان، لا يمكنه أن يُغطّي الانكشاف العاري للسفاح، ولا يمكنه الوقوف في وجه العدوان الإسرائيلي المستمر، ولا أن يمنع وقف الانحدار المدوي لكل حلف الممانعة، ولا أن يرفع حالة تدهورها، ربما يحتاج البعض الممانع إلى جولات العدوان الإسرائيلي، لإعادة الاجترار، اعتقادًا منه بتوفير بعض النجاة المفتقدة رويدًا رويدًا، بعد التجربة “العريقة” للطاغية والمحتل في العدوان على الشعب السوري.

هذه قراءة بات يعرفها القاصي والداني من الشعب السوري، ولا حاجة إلى التوسع فيها أكثر، بعد كل الأهوال التي مرّ بها الشعب السوري ومحاولات تطويعه بالنابالم والسارين، وحمم السوخوي، وحالة الخذلان العربي والدولي لحماية طاغية على مقاس نتنياهو وبوتين والولي الفقيه، هل يكون بعد كل هذا “مكان أو زمان” للسوريين، من دون الطاغية والمحتل؟ بالتأكيد نعم، كلفة ذلك ما دفعه وسيدفعه السوريون، لنزع من أوغل في حقده وفاشيته، حتى لو بدت كبوة الثورة السورية على حالها، فإننا نرى أن ترنّح النظام، تحت شعاراته، كافٍ لمغادرته من ذاكرة السوريين إلى الأبد، وكذلك المحتل.




المصدر