مُنتخب كرة قدم مُتجَانِس


نجم الدين سمان

فلمّا رأى آرام السوري صديقه اصطيف في مقهى إستنبولي، يُشجِّع فريقَ برشلونة، سَحَبَ كُرسيًا وجلس بجانبه:

ما بعرفك بتحبّ كرة القدم؟!. هادا عشق قديم. مين عَم تشجع الليلة.. بلا صُغرَة؟

ردّ اصطيف مُتباهيًا: – أنا برشلوني.

حضرتك إسباني من برشلونة؟! أنا بالأصل.. أهلاوي حلبي؛ ليفربولي قبل ما شجّع برشلونة. والنعم منّك، يا اصطيف. وأنت شو؟

أجابه آرام: – أنا مع اللعبة الحلوة، ضروري نتعصَّب لفريق ضدّ فريق.

هيك الدنيا يا آرام.. بدَّك تعرف مين أنت، ومع مين، وضدّ مين. قبل يومين صارت مباراة قطر وسورية.. كنت مع مين؟!

تنهّد اصطيف: – بدّك الحقيقة.. كان قلبي يتمنّى تربح سورية، وعقلي يتمّنى يخسر المنتخب الأسدي.

وبمباراة سورية وإيران؟! قلبي يتمنّى تربح سورية نكايةً بإيران، وعقلي يتمنَّى يخسر المنتخب نكايةً بالأسد؛ بس تعادلوا. هي دُوِّيخَة، يا اصطيف، بدَّك توحِّد قلبك وعقلك.. لتطلع منها. عن جَدّ دوّيخة.. شو أعمل؟ على فكرة.. في متلك كتيرين، يا اصطيف؛ حتى بين المعارضين للنظام؛ لهلأ أفيون كرة القدم مخدِّرهم؛ معتبرينها: معركة وطنية؛ ومعتبرين المنتخب.. منتخبهم؛ مو.. منتخب بشار. محتار يا آرام.. والله محتار.

فسأله آرام: – كم مرّة.. حَسِّيت إنّو فريقنا هُوّي: مُنتخَب النظام؛ مو مُنتخَب البلد؟.

كتير مرّات؛ بَس لمَّا تبدا المباراة، بصير فورًا مع منتخبنا. على هالشي.. بتلعب كلّ الأنظمة على شعوبها؛ بتاخدهم بالعَبطَة وبالعلم وبالنشيد الوطني؛ بالبِكِي لمّا يخسر المنتخب أو بالهِيصَه لمَّا يربح. والخلاصة.. شو بدّك تقول؟! كرة القدم.. أفيون الشعوب.

ضحك اصطيف: – رح سمّيك: كارل ماركس الفيفا.

على راحتك يا اصطيف.. أصلًا السوريين مو شاطرين إلّا بهيك تفنيصات. ما قصدي التَريَأه.. بس من إيمتى طلعِت معك هالجملة؟! من لمّا ربح فريق أميّة بأرضه، على فريق جبلة 3- 1 وخسر على أرض جبلة 7 – 0!!.

وقف اصطيف من وَهلَةِ الأرقام: – شو.. كيف صارت هَيّ؟!

بفضل حسن الضيافة.. يا اصطيف!

ثم تابع آرام: – ومن هداك الوقت.. ما عدت شَجِّع منتخب سورية.

حكيك.. فيه ريحة طائفية! أبدًا.. كان اسم فريق إدلب: نادي الإخاء؛ قام طلع مرسوم أسدي وصار: نادي أميّة!. متل ما غيّروا اسم فريق: أهلي حلب وسمُّوه: الاتحاد. واسم: نادي بردى.. عملوه: نادي الوحدة. شايف هالأسماء.. شو بعثية؟!

ضحك اصطيف: – كان ناقصنا فريق اسمه: اشتراكية.

عملوا جريدة اسمها: نضال العمال الاشتراكي. وجريدة: كفاح الفلاحين. اللِّي بِدِي منها خليل صويلح مسيرته الصحفية؟! الله يصلحه لصويلح، حتى اسمه بيذكِّر بالإصلاح الزراعي!

علَّق اصطيف: – الله يصلحك أنت، أخدتني بالحكي.. من برشلونة لجبلة؛ ومن.. ميسّي لصويلح!.

ردّ آرام: – المهم هلّأ، عرفت إنّو اللّي بيحتلّ بلد.. بيحتل الملعب معه!

تنهّد اصطيف: – ما دخلت السياسة بين اتنين أو شعبين.. إلّا وخَرَّبتهم.

رد آرام: – وما دخلت الكرة بين اثنين.. إلّا وخَدّرتهم؛ ما قلتلَّك يا أهلاوي يا ليفربولي يا برشلوني يا برازيلي.. إنّو كرة القدم أفيون الشعوب؟!.

علّق اصطيف: – ما تقول برازيلي، كنت شجّعهم.. بَس بعد مواقف الحَجِّة ميركل مع الشارورما السورية.. صرت ألماني الهوى والأهداف.

سيدي.. ما بتفرق كتير، الطابه بتدور في العقول؛ والعقول بين أقدام اللاعبين؛ ونحنا الطابه جوّا بلدنا وبرّا البلد، دَبِّرها.. إذا بتدبَّر يا اصطيف. شو بدنا بها الحكي يا آرام.. خلّينا بالرياضة أحسن. والرياضة بتقول يا اصطيف:

لولا إيران ما كان بثار ضَلَّ بالملعب.. كلّ هالسنين.




المصدر