ما يجب أن يدركه لافروف!


الجريدة

لأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من المفترض أن يبدأ جولة عربية تشمل الأردن والمملكة العربية السعودية، ودولاً أخرى، ربما، عنوانها “توحيد المعارضة السورية”؛ فإنه لا بد من تذكيره، مجرد تذكير لا أكثر، أن هذه المعارضة موحدة، لولا أنّ “منصة موسكو”، التي يتزعمها الشيوعي السابق في حزب “المناضل” التاريخي خالد بكداش، لها موالٌ غير موال الآخرين، وحقيقة أن هذا الموال يمثل وجهة النظر الروسية الرسمية التي لا يستطيع بشار الأسد ونظامه الاختلاف معها، ولو قيد أنملة، كما يقال.
كل قوى وفصائل المعارضة الأخرى، بما فيها ما سماه المبعوث الدولي ديميستورا “منصة القاهرة”، مجمعة ومتفقة على أن يكون حل الأزمة السورية على أساس قرارات الأمم المتحدة المتمثلة
بـ “جنيف 1″، والقرار رقم 2254، والمرحلة الانتقالية المنصوص عليها في هذه القرارات التي وافقت عليها روسيا الاتحادية، وعليها إجماع دولي، والكل يعرف أن أي حلٍّ غير هذا الحل سيكون مجرد استراحة متحاربين، وستعود الأمور أكثر سوءاً مما كانت عليه.
وبالتأكيد فإن لافروف، هذا الدبلوماسي “المحنك” الشاطر، الذي كان جرجر وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري إلى أن أوصله إلى الإنهاك والاستسلام، وبدأ الآن يجرجر وزير الخارجية الجديد ريكس تيلرسون ويشغله بحكاية أن الأولوية هي للقضاء على هذا الـ “داعش” اللعين، الذي من غير المستبعد، والله أعلم، أنه أحد مخترعيه، لتصل الأمور في سورية إلى هذا الوضع المأساوي الذي وصلت إليه.
إن المؤكد أن وزير الخارجية الروسي “الشاطر” جداً يعرف أن المعارضة السورية موحدة، على أساس القرارات الدولية الآنفة الذكر، وأنّ اختراع “منصة موسكو” هو لإظهار هذه المعارضة بأنها منقسمة على نفسها، وأنه بالتالي لا يمكن إنجاز ولو خطوة واحدة على طريق الحل المتفق عليه والمنشود، مادامت هذه المنصة متمسكة بموقفها، الذي هو في حقيقة الأمر الموقف الروسي أولاً، والموقف الإيراني ثانياً، وموقف نظام بشار الأسد ثالثاً، وهذا يعني أن المقصود هو العودة إلى ما قبل مارس عام 2011، ولكن بوضع مفتوح على أسوأ الاحتمالات، وهو أن هذا البلد العربي سينتهي إلى الانقسام والتمزق، بل التشرذم.
وهنا فإنه على لافروف أن يدرك أن تحويل اجتماعات “أستانة” إلى بديل لقرارات الأمم المتحدة: “جنيف 1″، والقرار رقم 2254، والمرحلة الانتقالية المنصوص عليها في هذه القرارات، غير ممكن، حتى إنْ استمر إشغال كل الأطراف المعنية بهذا الـ “داعش” اللعين، فإعادة سورية إلى ما كانت عليه قبل أكثر من ستة أعوام ليست أمراً غير ممكن فقط، بل هو مستحيل، لأن هذا الذي كانت عليه سورية هو الذي فجر هذه الثورة التي قد تتراجع خطوة إلى الوراء في هذه اللحظة الخطيرة، ولكن ليس في اتجاه ما يفكر فيه الروس والإيرانيون، وهذا النظام البائس، بل إلى الأمام… وهذه تجارب التاريخ أمام الجميع، وهي تتضمن دروساً كثيرة.
(*) كاتب أردني




المصدر