أهالي دير الزور: خيارات ما قبل المعركة الفاصلة




يترقب السوريون عامة وأهالي دير الزور خاصة، المعارك التي من المرجح أن تشتد في محافظة دير الزور خلال الفترة المقبلة، ضد تنظيم “داعش” المسيطر على جزء من المدينة، والتي تعتبر آخر أهم معاقله في سوريا، هذه المقدمات تنذر بوقوع معركة طاحنة قد يدفع أهالي “الدير” ضريبة كبيرة لها، تضاف إلى ما عانوا منه طوال السنوات السبع الماضية بعد سيطرة التنظيم عليها بداية عام 2011.

نزوح جماعي

يقول ابن دير الزور، الناشط الاعلامي عامر هويدي، لـ “صدى الشام”، “لا إحصائيات دقيقة عن عدد المدنيين المتبقين في المدينة، وفي كثير من القرى في الريف الشرقي والغربي، حيث تفيد المعلومات بأن غالبية المدنيين نزحوا من قراهم ومن المدينة باتجاه الريف الشمالي وإلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في ريف الحسكة، وبالتالي لم يبقَ في تلك المناطق سوى العائلات العاجزة عن الخروج لأسباب مادية أو صحية”، ويضيف أن “عدد المدنيين في أحياء المدينة الخاضعة لسيطرة النظام يقارب الـ120 ألف شخص، وهم كذلك يعيشون في ظروف إنسانية سيئة، جراء الحصار الذي يفرضه التنظيم عليهم، حيث لا يمتلكون أي خيار سوى انتظار فك الحصار”.

بلا شباب

لم يكن هناك خيارات عديدة لأبناء دير الزور في ظل الأوضاع الصعبة، ففضّل بعضهم الخروج نحو تركيا، كما هو الحال بالنسبة للشاب أبو محمد الذي ترك المدينة منذ عام 2015، يقول أبو محمد لـ “صدى الشام”: “عندما خرجت من الدير لم يكن لدي خيار فاحتمال قتلي بأية لحظة قائم بتهمة الكفر، وبالتالي عليّ أن أغادرها، وذلك حال كثير من الشباب، فاليوم قلة هم الشباب الذين بقيوا في دير الزور، وغالبية من بقيوا هم من النساء والأطفال، الذين يعانون من سوء الأوضاع المادية، فتكلفة خروج الفرد من مناطق التنظيم اليوم لا تقل عن 1000 دولار أمريكي، إضافة إلى أن الأخير يصادر أملاك من يغادر مناطقه، ويحوّلها لمقرات له ولمقاتليه، ما يجعلها هدفاً للقصف من قبل التحالف لمحاربة الإرهاب”.

ويلفت أبو محمد إلى أن “كثيرًا من الشباب الذين التحقوا بالتنظيم كان هدفهم الحصول على الراتب، وأن يكونوا في مأمن من بطشه، إضافة إلى الحصول على المساعدة من التنظيم”.

خيارات

يعيش حسام.ع في قلق حالياً، جراء احتمال بدء معارك طرد “داعش”، ويوضح لـ “صدى الشام”: “ما تزال عائلتي في الدير، ولا نعلم أين المفر، أخي الصغير والذي لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره التحق بالتنظيم، يريد الانتقام لمقتل والدتنا وأختنا في إحدى الغارات الجوية، أما أخي وزوجته وباقي إخوتي فهم يستعدون للنزوح إلى مناطق الأكراد، بالرغم مما قد تتعرض له من عذاب في مخيمات باتت معروفة بأنها مخيمات الموت، لكنها تبقى أرحم من الوقوع بيد الميليشيات الإيرانية وقوات النظام التي لن تدخل إلى مناطقنا حتى تدمرها عن بكرة أبيها”، ولفت إلى أنه حتى لو دخلت “قسد” أو الفصائل المعارضة، فإنها لن تستطيع التقدم إلا بعد أن تقصف المناطق بشدة، فإما يغادرها مقاتلو التنظيم أو يقتلوا فيها.

وأضاف “هناك أشخاص قرروا البقاء في منازلهم، كأولئك الذين لا تساعدهم أوضاعهم الصحية أو المادية على المغادرة، وأعتقد أنهم قرروا الموت في منازلهم بكرامتهم، على أن يقاسوا مرارة النزوح وما قد يتعرضوا له من إهانات وجوع وتعب”.

ضحية الجميع

 مع سيطرة “داعش” على دير الزور عام 2014، نزح أكثر من نصف أهالي المحافظة، ومنهم من لجأ إلى تركيا وآخرون إلى إدلب وريف حلب، إضافة إلى من لجأ إلى مناطق النظام.

ومنذ ذلك الوقت عانى أهالي دير الزور من الإهمال حيث تُركوا يواجهون التنظيم وحدهم، فقتل واختفى آلاف الشباب من أبنائها، إضافة إلى الانتهاكات اليومية بحقهم عبر التدخل بتفاصيل حياتهم، من إلزامهم بإطالة اللحى والشعر وتقصير الثوب إلى منع التدخين، وسوى ذلك من تضييق على الرجال للنساء، في حين أغلقت المدارس ومُنع التعليم، واكتفى التنظيم بالدورات الشرعية والحفلات الدعوية الهادفة إلى تجنيد الأطفال في صفوف مقاتليه، مستغلين حاجة السكان وإغرائهم بالسلاح والسلطة، بحسب ناشطين مطلعين على ظروف الحياة في المحافظة.

وأضافوا أن “هناك عائلات تستعد للجوء إلى البراري هرباً من القصف، بالرغم من أننا نقترب من فصل الشتاء، ولن يكون العيش هناك سهلاً إن كان من جهة البرد أو تأمين الماء والمواد الغذائية”.

وبالنتيجة فإن صحّ ما يحكى عنه من فتح عدة جبهات على دير الزور من النظام و”قوات سوريا الدمقراطية” وفصائل المعارضة فإن الأهالي سيكونون محاصرين بشكل تام.




المصدر