الفرّوج المُستورد ينافس المحلّي في إدلب ويهدّد استمراره




بأسعار منخفضة وكميات كبيرة، غزا الفروج المثلج المستورد عبر تركيا أسواق المناطق المحررة، وحلّ على موائد السوريين بديلاً عن المنتج المحلي الذي واصل ارتفاعه مع غلاء المواد الغذائة عموماً، ما أدى إلى تراجع أعداد المداجن وإغلاق قسم كبير منها بسبب الخسائر.

ويدخل الفروج المستورد بأنواعه المختلفة (صدر، كامل، دبوس، فخاذ) إلى الأسواق بشكل نظامي عبر المعابر الحدودية، من خلال شاحنات تبريد تقوم بتوزيع حمولتها على الأسواق. ويتميز عن المنتج المحلي بأسعاره المنخفضة، حيث يباع الكيلو الواحد منه بسعر أقل بـ 200 إلى 500 ليرة وسطياً مع اختلاف يومي في الأسعار.

أرباح وفروق

ووفق مطلعين على هذا الموضوع تدرّ تجارة الفروج المستورد أرباحاً كبيرة للمستوردين، نتيجة رخص أسعارها من المصدر، حيث يباع الكيلو غرام منها بضعف سعره.

ووفق أبو سعيد، وهو تاجر وموزع فروج في إدلب، يتمّ تحضير تلك اللحوم في الداخل التركي، حيث يتم تنظيفها وتغليفها ووضعها في أكياس خاصة، ثم توضع في ثلاجات كبيرة، وتنقل إلى المعابر بسيارات شحن مكشوفة (قاطرات)، وتستغرق ساعات طويلة وربما أكثر من يوم حتى يتم إيصالها إلى مراكز التخزين في الداخل بعد فحصها من قبل لجنة مختصة في معبر باب الهوى.

وحول خطورة تضرر اللحوم وفسادها أثناء رحلتها الطويلة حتى وصولها إلى المستهلك، أوضح أبو سعيد أنّ هذه الفراريج “لا تدخل إلى البلاد إلا بعد التأكد من صلاحيتها، ونظافتها، لكن وبسبب حاجتها إلى درجات حرارة منخفضة قد يصاب بعضها بالأذى أثناء نقلها وتخزينها عند التجار، بسبب عدم مراعاة البعض للشروط الصحية اللازمة”.

ويبرز الاختلاف بين المحلي والمستورد ظاهرياً في كون لحم الفروج المحلي متماسكاً، ورائحته جيدة، ولون العظم أحمر، ولون اللحم زهري. أما الفروج المثلج فإنّ لون لحمه معتم، ولون عظامه رمادي.

دواعي اقتصادية

رغم عدم جودة هذه اللحوم من حيث المذاق ووجود تحذيرات اقتصادية وصحية لتناولها إلا أنّ شريحة كبيرة من المستهلكين تُقبِل على شراء اللحوم المثلجة في محافظة إدلب لأسباب تتعلق بضعف القوة الشرائية.

ويفسر أنس خوجة، وهو تاجر مواد غذائية في مدينة كفرنبل، هذا الأمر بأنه نتيجة طبيعية لارتفاع الأسعار، حيث نجد معظم المستهلكين يتوجهون لشراء السلع رخيصة الثمن على اختلاف جودتها ومواصفاتها. فالمستهلك مثلاً بحسب الخوجة “لن يُقدِم على شراء السلع التي تحمل علامة تجارية مشهورة، بل سيتوجه للبدائل الأقل سعراً، لذا نجده يشتري الأصناف التي تباع على الأرصفة لتلبية حاجته الاستهلاكية التي تناسب دخله على حساب اهتمامه بالجودة”.

وتكمن المشكلة الأساسية في اللحوم المستوردة بأنها غير طازجة، وقد تبقى أياماً قبل وضعها في الأسواق، ما يعرضها للتلف أحياناً، كما أن طريقة عرضها في الاًسواق تخالف القواعد الصحية أحياناً كونها قد تعرض في بسطات مكشوفة معرضة للشمس خارج البرادات المخصصة، والتي تغيب عن معظم البائعين بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي.

من الناحية الصحية يؤكد الطبيب البيطري محمد عواد، أنّ هذه الفراريج قد تكون سليمة من حيث المبدأ، كونها تخضع لفحوص سابقة قبل إدخالها، إلا أن الخطر الأكبر يكمن فقط في سوء التخزين عند زوال الثلج عنها.

وينصح عواد المستهلكين بالتأكد من لون الفروج ورائحته قبل شراءه، حيث يطغى على الفاسد منها اللون الأزرق، وتكون رائحته ظاهرة بشكل واضح.

ويلفت عواد إلى أن هذه اللحوم بحاجة لفحص تأثيراتها على المدى البعيد لأنّ “الأضرار قد لا تظهر سريعاً على المستهلكين، وقد يصاب البعض بأعراض كالإسهالات والحمى التيفية”.

وحول الحل الأمثل لتفادي هذه المشاكل يشير عواد في تصريحه لـ “صدى الشام” إلى دور الرقابة التموينية على الأسواق في ضبط التجار المخالفين لطريقة التخزين الصحيحة، بالإضافة إلى تفعيل دور وزارة الصحة في إجراء الفحوصات اللازمة.

خسائر

في المقابل برزت آثار الاعتماد على استيراد الفروج من الخارج على مربي الدواجن المحليين، حيث أصيب هذا القطاع الذي كان رائجاً بصورة كبيرة في محافظة إدلب قبل الثورة، بخسائر كبيرة.

ووفق إحصائيات سابقة يوجد في محافظة إدلب نحو 1200 هنكار تستخدم كمداجن تابعة للقطاع الخاص، تقلصت مساحتها بشكل كبير نتيجة لخروج بعضها عن الخدمة بسبب القصف وعوامل اقتصادية.

ويفسّر عبد الإله عربش، وهو أحد العاملين السابقين في قطاع الدواجن بمدينة معرة مصرين، أسباب انحسار هذا القطاع وتراجع إنتاجه بأسباب عدة، أولها “غلاء مواد الانتاج الأولية كالعلف، والأدوية، والمحروقات، والنقل، وأجورالعمال”.

ووفق عربش فإن ارتفاع التكاليف أدى لارتفاع الأسعار، وفي ظل منافسة الفروج المستورد للمحلي، وعدم وجود حماية للمنتج الوطني تكبّد العاملون في هذا القطاع خسائر كبيرة، وفضّل معظهم الاتجاه لقطاع عمل جديد.

وطرح المربي مشكلة اضافية تتمثل بمضاربة التجار في سوق الدواجن، حيث يختلف سعر الفروج يومياً بفروق تتراوح بين 200 إلى 300 ليرة للكيلو الواحد بحسب المعروض، وفي حين يضطر المربي لشراء مستلزماته بسعر ثابت، فإن تقلب السوق يسبّب له خسائر إضافية عند هبوط الأسعار.

وعن الحلول الممكنة لإنقاذ قطاع تربية الدواجن في إدلب رأى عربش أنّ الحل الأمثل يكون بتشجيع أصحاب المداجن على العمل من خلال توفير الشروط الأساسية لنجاحهم مثل “تخفيض اسعار المواد الأولية، ومراقبة الأسواق، والتخفيف من الاستيراد”.

يشار إلى أن محافظة إدلب تعتبر من المحافظات الرائدة سابقاً في قطاع تربية الدواجن نظراً لما تتمتع به من مناخ ملائم، وأراضٍ واسعة، وفنيّين مختصين.




المصدر