‘تقرير: 48 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في آب 2017’
12 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
فؤاد الصافي: المصدر
نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الدوري الخاص بتوثيق حوادث الاعتداء على المراكز الحيوية المدنية من قبل أطراف النزاع في سوريا.
أشار التقرير إلى اتفاق خفض التصعيد في سوريا، الذي دخل حيِّزَ التنفيذ في 6/ أيار/ 2017، بعد أن تمّ الإعلان عنه في ختام الجولة الرابعة من مفاوضات أستانة المنعقدة بين ممثلين عن روسيا وتركيا وإيران كدولٍ راعيةٍ لاتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار، وقد تضمَّن إقامة أربعة مناطق لخفض التَّصعيد في سوريا توقف فيها الأعمال القتالية ويُسمح بدخول المساعدات الإنسانية ويُسمح أيضاً بعودة الأهالي النازحين إلى تلك المناطق التي حددها الاتفاق بـ: محافظة إدلب وما حولها (أجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية)، وشمال محافظة حمص، والغوطة الشرقية، وأجزاء من محافظتي درعا والقنيطرة جنوب سوريا، على أن يتم رسم حدودها بدقة من قبل لجنة مُختصة في وقت لاحق.
كما ذكر التقرير أنَّ مباحثات واسعة بدأت في أيار/ 2017 في العاصمة الأردنية عمَّان بين كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والأردن، أسفرت عن إعلان كل من الرئيسَين الأمريكي والروسي على هامش قمة دول الاقتصاديات العشرين الكبرى في هامبورغ التَّوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا، في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، ودخل الاتفاق حيِّز التَّنفيذ عند الساعة 12:00 من يوم الأحد 9/ تموز/ 2017. وقد نصّ على السماح بدخول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة (قوات النظام السوري وحلفاؤه من جهة، وفصائل المعارضة المسلحة من جهة ثانية) على أن يقع أمن هذه المنطقة على عاتق القوات الروسية بالتّنسيق مع الأمريكيين والأردنيين. وذكر التقرير أنّ المناطق المشمولة بالاتفاقات قد شهدت تراجعاً ملحوظاً وجيداً نسبياً في معدَّل القتل -منذ دخول الاتفاقات حيِّزَ التنفيذ- مقارنة مع الأشهر السابقة منذ آذار 2011 حتى الآن.
كما أشار التقرير إلى انعقاد اتفاقيات محليّة أخرى كاتفاق الغوطة الشرقية بين فصائل المعارضة المسلحة فيها من جهة، وأفراد من الجانب الروسي من جهة ثانية، واتفاق مُشابه مع فصائل المعارضة في ريف حمص الشمالي، لكنَّ هذه الاتفاقيات لم تُنشر نصوصها الرسمية على مواقع للحكومة الروسية، كما لم تنشرها فصائل المعارضة المسلحة، باستثناء فصيل فيلق الرحمن الذي نشر نصَّا للاتفاق وردَ في نهايته توقيع لضامن روسي دون ذكر الاسم الصريح؛ الأمر الذي ذكر التقرير أنّه يُسهل على الطرف الروسي الضامن التخلص من أي التزامات أو تبعات قانونية أو سياسية لاحقة.
وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية يوم السبت 22/ تموز/ 2017 عن توقيع اتفاق لخفض التَّصعيد في الغوطة الشرقية في ختام المفاوضات بين أفراد عسكريين روس من جهة، وبين فصيل جيش الإسلام من جهة ثانية، في العاصمة المصرية القاهرة، على أن يدخل الاتفاق حيِّزَ التَّنفيذ في الساعة 12:00 من اليوم ذاته. وفي يوم الأربعاء 16/ آب/ 2017 وقّع ممثل عن فيلق الرحمن وممثل عن الحكومة الروسية في مدينة جنيف اتفاقاً ينصُّ على انضمام فيلق الرحمن إلى منطقة خفض التَّصعيد في الغوطة الشرقية، على أن يدخل هذا الاتفاق حيِّزَ التَّنفيذ عند الساعة 21:00 من يوم الجمعة 18/ آب/ 2017.
ونوّه التقرير إلى توقيع اتفاق لخفض التَّصعيد في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي في القاهرة يوم الإثنين 31/ تموز/ 2017، بين فصائل في المعارضة المسلحة في المنطقة والنظام السوري ممثلاً بالحكومة الروسية كطرف ضامن، على أن يدخلُ الاتفاق حيِّز التَّنفيذ عند الساعة 12:00 من يوم الخميس 3/ آب/ 2017. وشملت أهم بنود الاتفاقين الأخيرين وقفَ جميع الأعمال القتالية بين الأطراف المتنازعة في المناطق المذكورة -باستثناء مناطق وجود تنظيم داعش وهيئة تحرير الشام- والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى تلك المناطق والإفراج عن المعتقلين -محلَّ اهتمام كل طرف. فيما أشار التقرير إلى أنَّ حصيلة الضحايا المدنيين على يد النظام السوري وانتهاكاته واسعة النطاق إلى عدم التزامه بالاتفاقين الأخيرين الموقَعَين.
ونوّه التقرير إلى أنه رغم اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار وما تبعه من اتفاقات خفض التصعيد فإن الخروقات لم تتوقف، وبشكل رئيس من قبل النظام السوري، الذي يبدو أنه المتضرر الأكبر من استمرار وقف إطلاق النار، وخاصة جرائم القتل خارج نطاق القانون، والأفظع من ذلك عمليات الموت بسبب التعذيب، وهذا يؤكد وبقوة أن هناك وقفاً لإطلاق النار فوق الطاولة نوعاً ما، أما الجرائم التي لا يُمكن للمجتمع الدولي -تحديداً للجهات الضامنة للاتفاقات- أن يلحظَها فهي مازالت مستمرة لم يتغير فيها شيء.
سجل التقرير في آب المنصرم، وللشهر الرابع على التوالي، انخفاضاً في حصيلة اعتداءات قوات الحلف السوري- الروسي على المراكز الحيوية المدنية مقارنة بالأشهر السابقة لاتفاق خفض التصعيد الذي دخل حيِّز التنفيذ في 6/ أيار/ 2017 ، لكن حسب التقرير بقي النظام السوري يتصدّر الأطراف الرئيسة الفاعلة في ارتكاب حوادث الاعتداء على المراكز الحيوية المدنية. فيما ذكر التقرير أنّ حوادث الاعتداء التي استعرضها على يد قوات التحالف الدولي هي فقط الحوادث التي تمّ التَّحقق منها، وأن هناك العشرات من الحوادث في المنطقة الشرقية عموماً ومدينة الرقة خصوصاً ما زالت قيد التحقق.
وقد وثَّق التقرير 594 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية منذ مطلع عام 2017، في حين سجّل 48 حادثة في آب، توزعت حسب الجهة المستهدفة إلى 21 حادثة على يد قوات النظام السوري، و5 على يد القوات الروسية، و11 على يد قوات التحالف الدولي، و3 على يد فصائل المعارضة المسلحة، و1 على يد قوات الإدارة الذاتية، و7 على يد جهات أخرى.
وفصَّل التقرير في المراكز الحيوية المُعتدى عليها في آب، حيث توزعت إلى 17 من البنى التحتية، 10 من المراكز الحيوية التربوية، 8 من المراكز الحيوية الدينية، 6 من المربعات السكانية، 6 من المراكز الحيوية الطبية، 1 من المخيمات.
ويُشير التقرير إلى أن كل ما تم توثيقه من هجمات على هذه المراكز الحيوية، هو الحد الأدنى، ذلك بسبب المعوقات العملية العديدة أثناء عمليات التوثيق.
كما أكد التقرير أن التحقيقات التي أجرتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان أثبتت عدم وجود مقرات عسكرية في تلك المراكز سواء قبل أو أثناء الهجوم، وعلى النظام السوري وغيره من مرتكبي تلك الجرائم أن يبرروا أمام الأمم المتحدة ومجلس الأمن قيامهم بتلك الهجمات.
ونتيجة للتحديات التي تواجه فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان يتفاوت كمُّ ونوعية الأدلة بين حادثة وأخرى، وتبقى الحوادث خاضعة للتحقيق المستمر وجمع الأدلة والقرائن؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى تغيير التوصيف القانوني في كثير من الحوادث نظراً لحصول الشبكة على أدلة أو قرائن جديدة لم تكن متوفرة لدى نشر التقرير، إضافة إلى أن العديد من الحوادث قد لا تُشكلّ انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، لكنَّها تضمَّنت أضراراً جانبية، ما يدفع الشبكة لتسجيلها وأرشفتها من أجل معرفة ما حدث تاريخياً، وحفاظاً عليها كسجلٍ وطني، مع عدم وصفها بأنها ترقى إلى جرائم.
ووفق التقرير فإن القانون الدولي الإنساني يعتبر الهجمات العشوائية أو المتعمدة أو الغير متناسبة، هجمات غير مشروعة، وإن اعتداء قوات النظام السوري على المدارس والمشافي والكنائس والأفران هو استخفاف صارخ بأدنى معايير القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن الدولي.
ويذكر التقرير أن القوات الروسية وقوات التحالف الدولي، وقوات الإدارة الذاتية، وفصائل في المعارضة المسلحة، وجهات أخرى قامت بالاعتداء على بعض تلك المراكز. ويُشكل القصف العشوائي عديم التمييز خرقاً للقانون الدولي الإنساني، ويرقى الفعل إلى جريمة حرب.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بإلزام النظام السوري بتطبيق القرار رقم 2139، وبالحد الأدنى إدانة استهداف المراكز الحيوية التي لا غنى للمدنيين عنها، وشدد على ضرورة فرض حظر تسليح شامل على الحكومة السورية، نظراً لخروقاتها الفظيعة للقوانين الدولية ولقرارات مجلس الأمن الدولي.
كما طالبَ الضامن الروسي بضرورة ردع النظام السوري عن إفشال اتفاقيات خفض التصعيد، والبدء بتحقيق اختراق في قضية المعتقلين عبر الكشف عن مصير 76 ألف مختفٍ قسرياً.
وأخيراً أوصى التقرير الدول الداعمة للمعارضة المسلحة بإيقاف دعمها للفصائل عديمة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
[sociallocker] [/sociallocker]