مخيم اليرموك بعيد عن “تسويات” محيط دمشق


مهند شحادة

أكد ناشطون من مخيم اليرموك، جنوب العاصمة دمشق، لـ (جيرون) أن “قضية تسوية ملف المخيم، وإنهاء الحصار المتواصل منذ أربع سنوات مؤجلة إلى موعد غير معروف، إذ لا بوادر أمل في المدى المنظور، لإنهاء مأساة المدنيين هناك”.

كانت عدة مصادر فلسطينية مقربة من نظام الأسد، قد شددت، في تصريحات سابقة، على أن “ملف مخيم اليرموك سيجد طريقه إلى الحل، بعد عيد الأضحى”، وأن “التسوية ترتكز على خروج تنظيمي (داعش، وتحرير الشام) من المنطقة”، وتسليم أمن المخيم لميليشيات موالية للأسد، تمهيدًا لعودة المهجرين.

في هذا السياق، قال الناشط باسل أبو عمر لـ (جيرون): “لا يوجد أي مؤشر إلى أن ملف المخيم ذاهب إلى الحل، بل على العكس تمامًا، المعطيات الميدانية وما لدينا من معلومات تؤكد أن المسألة ستطول، وقد تشهد صراعًا بين عدد من الأطراف المتنازعة في المنطقة”. وأشار إلى أن “الحراك النشط، خلال الأشهر الماضية، لإنهاء وجود (تحرير الشام، وداعش) في جنوب دمشق، عاد ليخبو مجددًا، وتأجلت كافة الملفات، من دون أسباب واضحة”.

مسألة تحييد المخيم عن الصراع الدائر في سورية قديمة، بدأت مع صيف العام 2013، إلا أنها لم تحرز أي تقدم، وبقي اليرموك ساحة صراع مفتوح لقوى عسكرية متنازعة داخل الجنوب الدمشقي، وعلى الرغم من أن معظم بلدات وأحياء المنطقة وصلت إلى اتفاقات تهدئة مع النظام السوري، في صيف عام 2014، إلا أن كل الجهود الرامية لإبرام اتفاق مماثل في المخيم فشلت.

تُرجع مصادر ميدانية إخفاق الجهود الرامية لإيجاد حل للمخيم، إلى أسباب عديدة، أبرزها عدم وجود قيادة موحدة، وإحجام فصائل المعارضة المسلحة عن دعم اليرموك، إبّان معاركه مع (داعش) في ربيع 2015، إضافةً إلى الخلافات الحادة، بين الفصلين الفلسطينيين الأكبر (فتح، وحماس) والتي كانت لها ارتدادات كبيرة داخل اليرموك.

من جهة ثانية، قال الناشط رائد عماد لـ (جيرون): إن “أسباب فشل إيجاد حل في مخيم اليرموك، على غرار ما حدث في بقية مناطق جنوب دمشق، كثيرة ومعقدة، منها أن النظام السوري، من موقع أنه وكيل خدمات في المنطقة، يريد طي ملف اللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب أن بقية المناطق كانت تحت سيطرة فصائل متفقة على موضوع التهدئة، وأنهت وجود الرافضين لهذا الموضوع آنذاك، كما أن المخيم سقط ضحية معارك فصائل متناحرة، عبّر عنها الصراع المكتوم بين (جبهة النصرة) و(أكناف بيت المقدس)، ومن ثم الثانية مع (داعش) مدعومة بالأولى، وانتهى هذا الصراع بسيطرة (داعش) على معظم اليرموك؛ ما أنهى أي أمل في إنهاء المأساة المتواصلة”.

الآن، هناك تخوف لدى أهالي اليرموك من موت ملف التسوية بشكل نهائي، وذهاب النظام وحلفائه باتجاه عمل عسكري شامل، بذريعة محاربة الإرهاب المتمثل بـ (داعش)، أو تكليف الأخير بتهجير ما تبقى من مدنيين داخل المخيم، وافتعال صراع مفتوح مع (تحرير الشام)؛ ما يقود إلى تصفية المخيم سياسيًا واجتماعيًا.

جاءت هذه المخاوف تزامنًا مع معلومات، كشف عنها (أنس الطويل) أحد وجوه المصالحة في بلدة ببيلا جنوب دمشق، خلال خطبة يوم الجمعة الماضية، وتفيد أن نظام الأسد وحلفاءه يُعِدون لعمل عسكري كبير، لإنهاء وجود (تحرير الشام، وداعش)، طالبًا من فصائل المعارضة المسلحة، في البلدات الثلاث، “اليقظة وعدم التدخل في الصراع القادم”.

في هذا الصدد، قال الناشط بشار أبو حسام لـ (جيرون): “كل الاحتمالات مفتوحة، لا سيّما أن مخيم اليرموك بات مفتاح الحل -إن صح التعبير- في كامل جنوب دمشق، لوجود (داعش، وتحرير الشام) التنظيمين اللذين يتحركان وفق أجندات إقليمية معروفة، لطهران اليد الطولى فيها”.

وأكّد أن “لا مؤشرات حتى اللحظة على عمل عسكري قريب، وأعتقد أن كلام الطويل جاء بهدف الضغط على الفعاليات المدنية والعسكرية، في البلدات الثلاث، ودفعِها إلى القبول ببعض طروحات النظام، للدخول في معارك حاسمة مع (داعش وتحرير الشام)، بتنسيق وإشراف من الأسد وحلفائه، في حال فشلت مفاوضات إخراجهما من المنطقة”.

بدوره قال الناشط بلال عدنان: “العمل العسكري مستبعد حتى الآن، وكلام الطويل يأتي في سياق محاولات لجان المصالحة، لاستعادة صدارة الموقف في جنوب دمشق، والحديث في هذا التوقيت يحمل رسائل واضحة عن نيّات الأسد وإيران بالاستفادة من الخزان البشري الكبير في بلدات جنوب دمشق؛ وبالتالي تشكيل ميليشيات موالية تقاتل تحت قيادة النظام، استباقًا لإمكانية ضم المنطقة إلى اتفاقات خفض التصعيد التي تبدو إيران غير مرتاحة لها، حتى اللحظة”.

من جهة ثانية، قال مصدر من (تحرير الشام) لـ (جيرون): “لا معطيات ميدانية أو سياسية حتى الآن تشير إلى أن الأمور ذاهبة نحو التصعيد، وفي الوقت نفسه لا توجد ضمانات بعدم حدوث ذلك، خصوصًا أن الأطراف التي نواجهها لا تحترم العهود والمواثيق، ولا ننسى أن إيران ومخابرات الأسد تُحرك (داعش)، في أي وقت، لنسف أي اتفاق أو تهدئة لا تتفق مع مصالحهم”.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أنّ “بند خروج الهيئة من اليرموك، ضمن اتفاق المدن الأربعة، لم يُلغ”، مشيرًا إلى أن “النظام وميليشيات إيران يماطلون في التنفيذ، لضمان مصالح الثانية في محيط دمشق الاستراتيجي، بالنسبة إلى طموحات طهران في سورية”. وأضاف أن “ملف مخيم اليرموك وكامل الجنوب الدمشقي مرتبط بما قد ينتج من تفاهمات وصراعات، بين قوى دولية وإقليمية فاعلة في مناطق أخرى من سورية”.




المصدر