تحرّكات دولية تسبق أستانة 6 والمعارضة لمنع الكارثة عن إدلب




تشهد الساحة العديد من التحركات الدولية قبيل انعقاد مؤتمر أستانة 6، الذي تسعى من خلاله روسيا إلى إقناع الدول الإقليمية الفاعلة في القضية السورية، على صيغة تفاهم تؤمّن من خلالها الحدّ الأدنى من العنف من خلال مناطق “خفض التوتر”، تمهيداً للدخول في مفاوضات حل سياسي على الطريقة الروسية.

في هذا السياق، قام وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بجولة إلى كل من السعودية والأردن، مشيداً بدعم السعودية لعملية أستانة واستعدادها للتعاون في إقامة مناطق تخفيف التوتر، ومشيراً إلى “وجود توافق بالمواقف بين موسكو والرياض حول ضرورة وقف إراقة الدماء وإطلاق العملية السياسية”. وبعد ضمانه لموقف أردني متماهٍ مع الرؤية الروسية للحل، قام رئيس هيئة الأركان الأردنية الفريق الركن محمود عبد الحليم فريحات، أمس الثلاثاء، بزيارة نظيره التركي الفريق أول خلوصي آكار، بهدف مناقشة آخر التطورات في المنطقة والتعاون العسكري بين البلدين، مع العلم بأن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، أكد أن “وزير الخارجية محمد جواد ظريف سيزور سوتشي الروسية اليوم الأربعاء، على رأس وفد سياسي رفيع المستوى للقاء المسؤولين الروس، من أجل بحث عناوين تتعلق بملفات التعاون الثنائي والإقليمي ولا سيما ما يتعلق بسورية وتفاصيل مرتبطة باجتماع أستانة”.

ومهّدت وزارة الدفاع الروسية للخطوات السياسية، أمس الثلاثاء، بإعلانها أن قوات النظام السوري “تمكّنت بدعم الطيران الروسي في الأسبوع الماضي من تحقيق نجاحات كبيرة في وسط سورية وشرقها”، مؤكدة “تحرير 85 في المائة من أراضي البلاد من المسلحين”. وأشار بيان صادر عن رئيس أركان القوات الروسية في سورية، الجنرال ألكسندر لابين، إلى أن “القضاء الكامل على تنظيم داعش الإرهابي في الأراضي السورية يتطلب تحرير حوالى 27.8 ألف كيلومتر مربع من مساحة البلاد”.

وبدا أن التوافق الروسي الأميركي حول أخذ موسكو الدور الأكبر في إنتاج حل سياسي في سورية سبقه تطبيق اتفاق تخفيف التصعيد، مع بعض التحفظات الأميركية على الدور الإيراني في المنطقة الجنوبية، من أجل ضمان أمن إسرائيل، دفع باتجاه حراك دولي تضمن من خلاله الدول الإقليمية دوراً لها ضمن العملية السياسية المقبلة، تلخّص بتشكيل موقف موحد متوافق مع الرؤية الروسية للحل تتمكن فيه تلك الدول من ضمان دور لها يحقق مصالحها، الأمر الذي انعكس على تغير في مواقف بعض تلك الدول، خصوصاً السعودية، التي تحوّل دورها من دور “الراعي للمعارضة” إلى دور “الضاغط على المعارضة” لتقديم تنازلات وإنتاج معارضة تقبل بالرؤية الروسية التي تسعى لإعادة إنتاج النظام والراغبة بالدخول في مفاوضات من دون التطرق للحديث عن مصير بشار الأسد.

ويسبق مؤتمر أستانة، المقرر غداً وبعد غد، اجتماعاً للخبراء، اليوم الأربعاء، بهدف رسم خرائط مناطق تخفيف التصعيد المتفق عليها. وأكد رئيس “حركة وطن” العقيد فاتح حسون، المشارك في اجتماعات أستانة أن “جدول أعمال أستانة 6 المحضّر مسبقاً سيتم خلاله تثبيت حدود مناطق خفض التصعيد الأربع (الجنوبية والغوطة وحمص والشمالية)”. وأضاف حسون في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أنه “سنطرح نحن كقوى معارضة بعض الملفات التي تتعلق بقضايا تخدم الثورة السورية وتدين النظام وداعميه ومتابعة آليات تطبيق بنود القرار 2254، القاضي بوقف إطلاق النار وبإدخال المساعدات الإنسانية وبفك الحصار وإخراج المعتقلين”. وتابع “نصرّ على أن تكون مناطق خفض التصعيد شاملة المساحات الجغرافية المحررة، بما فيها حمص وإدلب بغض النظر عن وجود هيئة تحرير الشام في جزء من هذه المناطق، على أن يتم علاج قضية هذا التواجد لاحقاً”.

من جهته، أوضح المستشار السياسي لوفد المعارضة السورية المسلحة في أستانة، يحيى العريضي، أن “المعارضة تريد من مسار أستانة عودة الحياة إلى سورية ووقف شلال الدم، ورفع الحصار عن آلاف السوريين، وإطلاق سراح عشرات المعتقلين من سجون النظام”. وأشار في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “الجولة لا تتضمن أي تفاوض مع النظام، بل مع الروس الذين باتوا المتصرفين بالنظام”، مضيفاً أن “هدفنا هو تجنيب إدلب، التي تضم ملايين السوريين، التدمير والمجازر تحت ذريعة محاربة الإرهاب”. ولفت إلى أن “التحرك الإيراني قبيل جولة أستانة 6 يأتي في سياق استراتيجية طهران الخبيثة، في القيام بالمزيد من عمليات التطهير العرقي في سورية عبر مبادلة إدلب بجنوب دمشق”، مشيراً إلى أن “مناطق خفض التوتر تثير قلق إيران، وهو ما يفسر الاختراقات المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار في هذه المناطق”.

كما أبدى رئيس الهيئة السياسية في “جيش الإسلام” محمد علوش، تفاؤلاً بنجاح الجولة السادسة من مباحثات أستانة، في “ترسيخ وقف إطلاق النار، وتثبيت حدود مناطق خفض التوتر، فضلاً عن ضمّ مناطق جديدة إليها”. وأكد علوش في حديث مع وكالة “الأناضول” التركية أن “موضوع إدلب سيأخذ حيزاً كبيراً من النقاش كونه موضوعاً حساساً”، مرجّحاً أن “يتم التوصل إلى اتفاقية بشأن إدلب تشبه المناطق الأخرى، ومنطقة القلمون (في ريف دمشق) أيضاً ضُمّت إلى مناطق خفض التوتر”. كما توقع أن “يتمّ ضمّ منطقة جديدة، وهي جنوب العاصمة دمشق”. وحول ترسيم حدود مناطق خفض التوتر بين الأطراف الضامنة، أجاب علوش بأن “رسمها في بعض المناطق أنجز بالفعل، وبعضها الآخر قيد التفاوض”. ورداً على سؤال بشأن احتمال أن تقود مباحثات “أستانة 6” إلى إنهاء الحرب في سورية، أجاب: “نحن بين مرحلتين، الأولى هدنة وليست نهاية الحرب، فطالما هناك محتل إيراني (قوات إيرانية تقاتل بجانب النظام) ومليشيات طائفية، وعصابات الشبيحة، فوضع الحرب أوزارها غير صحيح”. واعتبر أن “مفاوضات أستانة خطوة باتجاه السلام والحل، وتحرير الأراضي السورية من الإرهاب، والمليشيات الطائفية التي دخلت البلاد”.

وعن مصير محافظة إدلب، قال علوش: “دعوت وأدعو إلى أن يتولى المدنيون في إدلب زمام المبادرة، وأن يضغطوا على أمير جبهة النصرة أبو محمد الجولاني وجماعته”. واعتبر أن “الحل يكمن في حلّ جماعة الجولاني نفسها، وأن تكون إدلب تحت إدارة مدنية، ويعود الجيش الحر إلى قيادة الوضع هناك، لحين الانتهاء من تأسيس الجيش الوطني”.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد أعلن يوم الأحد الماضي، أن “الأسبوع المقبل (الحالي) سيشهد اتفاقات لإنشاء منطقة خفض توتر جديدة في ريف إدلب (شمال)”، مضيفاً أن موسكو “تدعم جهود السعودية لتوحيد فصائل المعارضة السورية، ما من شأنه المساهمة في تقدم المفاوضات المقبلة في جنيف”.




المصدر