المؤتمر السوري العام في إدلب هل يُبعد العسكر؟


أحمد مظهر سعدو

يجري التحضير لعقد (المؤتمر السوري العام)، في محافظة إدلب، من أجل تشكيل هيئة مدنية تتولى إدارة المحافظة، بعيدًا عن العسكر. جاء هذا الحراك كمخرج أساسي للمبادرة التي أطلقها (مؤخرًا) بعض الأكاديميين كحلّ لأزمة إدلب، وللتخلص من التخوفات المتصاعدة التي يعيشها ما ينوف عن ثلاثة ملايين سوري يعيشون في المحافظة. ويبقى السؤال حاضرًا: هل سيُبنى على مبادرة الأكاديميين السابقة من دون تدخلات من هنا أو هناك؟ وهل يمكن أن تكون مخرجًا واقعيًا لكل هذا العثار الكبير الذي تعيشه المناطق المحررة؟ وهل سترتبط بمخرجات أستانا وتتوافق مع منطقة “خفض التصعيد” المزمع تحديدها في إدلب؟ كل هذه الأسئلة والتساؤلات طرحتها (جيرون) على أكاديميين وناشطين في بعض الفاعليات التي تتحرك في المحافظة وصولًا إلى ما أسموه (المؤتمر السوري العام).

الدكتور محمد الشيخ رئيس جامعة إدلب، وهو أحد المساهمين في صياغة هذا المؤتمر الذي سيعقد قريبًا جدًا، قال لـ (جيرون): “لقد عقدنا مؤتمرًا لإطلاق مبادرة الإدارة المدنية في المناطق المحررة، ودعونا إلى مؤتمر سمّي (المؤتمر السوري العام)، يضم جميع الفاعليات الثورية والهيئات السياسية والنقابات والمجالس، التي تؤمن بمشروع القيادة الثورية على أرض سورية، والتي لا ترتبط بأي أجندة خارجية، وتبتعد عن التجاذبات الفصائلية، والهدف من ذلك هو خدمة أهلنا في المناطق المحررة، واستلام الملفات المدنية والأمنية بحكومة في الداخل، وبرلمان مصغر أو مجلس شورى في الداخل، والأمر الأهم هو أن يكون القرار السياسي للشعب السوري وللداخل، وليس لمن وضعهم الخارج، لتحقيق مصالحهم”.

أضاف الشيخ مؤكدّا: “لن نتنازل عن مبادئ الثورة التي خرجنا من أجلها، ولن نعترف بأي جهة تتنازل عن أهداف الثورة، وتقبل بحلول فيها ضياع للحقوق، من أجل الكرامة والعدالة، وإسقاط نظام الأسد وتحرير كامل سورية من كل محتل، لأن شعبنا ومعتقلينا هم من دفعوا دماءهم”.

القيادي في حركة (الإخوان المسلمين) في إدلب محمد صالح أحمدو قال لـ (جيرون): “بالنسبة للمؤتمر السوري العام الذي سيقام في محافظة إدلب، نرى فيه الخير لبلدنا عامة، إن تحققت فيه عدة أمور: أولاها إقصاء الفصائل وتأثيرها على الشأن العام بشقه المدني، فثورتنا كانت ضد الظلم وسطوة العسكر، ولا يمكن أن نقبل أن يكون أحد منجزات ثورتنا عودة تحكّم فصيل أو فصائل بحياتنا المدنية التي ستفرز لاحقًا سيطرة عناصر غير مؤهلين لقيادة الدولة المدنية بصفة عسكرية كما هو الحال، فنحن مؤمنون أن نتاج الثورة سيكون لمصلحة الأمة، وليس لمصلحة فصيل ما. ولولا تكامل المعادلة القاضية بأنه لولا الشيوخ والأمهات والمعلمون والتجار وأصحاب رؤوس الأموال وصغار الكسبة والفلاحون، وغيرهم من جميع مكونات بلدنا ممن دعم ثورتنا؛ لما تحررت أرضنا، فهم من دفعوا أبناءهم للوقوف في وجه الطغاة، ومنهم من استشهد ومنهم من لا يزال يجاهد؛ ولذا لا يمكن لفصيل أن يبقى مسيطرًا على الحياة المدنية، فالفصيل وعناصره موقعهم الحقيقي هو أرض المعركة في نقاط الرباط، ولا مانع للمثقفين فيه وأصحاب الخبرات الذين لحقوا بالتنظيمات والفصائل من التخلي عن صفاتهم العسكرية واستلام مواقع قيادية مدنية، بما يتناسب مع خبراتهم، وبتطبيق الرجل المناسب في المكان المناسب”.

أضاف أحمدو مشددًا: “إن اختيار الكفاءات المدنية الأكاديمية لقيادة البلد هو الحل الأمثل والمخرج لأزمة المناطق المحررة، طبعًا بعد التنسيق مع الدول الداعمة لثورتنا وفكرها، وما طرحه الأكاديميون هو خريطة طريق، لتجنيب المدنيين كارثة ثانية في المحافظة، وهو عين الصواب، بعد أن عاد عدد كبير من الأسر إلى أماكنهم، وبعد أن تم استيعاب عدد كبير من المجاهدين الذين هجّروا قسرًا من المحافظات كافة، لتكون إدلب ملاذهم الأخير، لذا كان واجبًا على الأكاديميين وعلينا وعلى العسكر، وجميع الفصائل التخلي عن فكر السيطرة، لأجل الكرسي والحكم، والنظر بعين المصلحة العامة لا الخاصة، فحياة هؤلاء حياة آمنة وتأمين سبل العيش الكريم هو الهدف الذي يجب على الجميع البحث عنه”.

جمال سليمان عضو المجلس المحلي في مدينة أريحا قال لـ (جيرون): “الشخصيات المدعوة إلى المؤتمر تمتلك القدرات والكفاءات العلمية الأكاديمية، مع الكفاءة الثورية، والمشهود لها بالعمل الثوري والأخلاق العالية، لذلك نتفاءل بهذا المؤتمر، ونتمنى له النجاح إن شاء الله”.

الناشط الإدلبي ياسر أبو خالد أكد “يجب أن تكون الإدارة بعيدة كل البعد عن حكم العسكر، والقوة التي تحمي البلاد بشكل فعلي هي قوة القانون وجدية تطبيقه على الجميع، كما يجب التركيز على الإعلام الممنهج لما يحتاجون إليه عمليًا لواقعهم، بما يحقق المصلحة المشتركة للأغلبية المطحونة، وذلك من خلال وعيها لحقوقها وواجباتها تجاه البلد والشعب، وأن تمتلك قوة تنفيذية قادرة على فرض القانون الذي يجب أن يطبق بلا تهاون أو مراعاة، وإلا نكون قد عدنا إلى ما قبل المربع الأول”.

رضوان الأطرش رئيس الهيئة السياسية في إدلب قال: إن “المؤتمر السوري العام هو الاسم الذي تم التوافق عليه من قبل اللجنة التحضيرية المنبثقة عن مبادرة الأكاديميين، وهذه اللجنة ما زالت تواصل عملها، وتحضر لعقد هذا المؤتمر الذي سينبثق عنه جسم خدمي جديد، حتى اللحظة غير معروف اسمه”. ونفى الأطرش ارتباط المؤتمر بمخرجات أستانا قائلًا: “أما عن ارتباطه في مخرجات أستانا سابقًا أو لاحقًا، فلا أعتقد ذلك، علمًا أن طلائع القوات الروسية وصلت إلى ريف إدلب الجنوبي، ولا نعلم إن كان تنفيذ بنود أستانا، قد بدأ قبل انعقاده”.

الدكتور إبراهيم البش ابن سلقين قال: إن “كل الأمور التي تجري في منطقة خفض التصعيد، في إدلب كلها، ترتبط بمخرجات أستانا، والذي سيحصل، والذي تم الاتفاق عليه سابقًا، هو أن محافظة إدلب هي خفض التصعيد رقم واحد، والآن هي خفض التصعيد بالترتيب، أخدت رقم 4، وأعتقد أن كل ما يجري من مؤتمرات يجري بالارتباط بمخرجات أستانا الحالي”.




المصدر