تقرير: قوات النظام نفذت مجزرة (الجورة) في دير الزور


سامر الأحمد

طالبت منظمة (العدالة من أجل الحياة) بإحالة المتورطين، من ضباط وعناصر جيش النظام، في مجزرة حيي الجورة والقصور في مدينة دير الزور، إلى محكمة الجنايات الدولية؛ لثبوت تورطهم بارتكاب جرائم حرب.

كشفت المنظمة في تقرير، بعنوان (الجورة والقصور الجريمة المنسية)، صدر أمس الأربعاء، عن شهادات موثقة تثبت تورط قوات النظام بعمليات إعدام ميداني ومجازر جماعية، راح ضحيتها المئات، خلال اقتحام حيي الجورة والقصور في مدينة دير الزور، في أيلول/ سبتمبر 2012.

نقل التقرير 16 شهادة حية، أثبتت تورط قوات النظام بعمليات إعدام جماعي، وحرق عشرات الجثث لمدنيين، ودفن الجثث في مقابر جماعية في المساجد والحدائق. نقل التقرير عن المدني بهاء سليمان أنه شاهد “قوات الحرس الجمهوري تجمع عمّال فرن النعمة، وترش عليهم بودرة بيضاء، ثم تقوم بإحراقهم، وهم أحياء”.

مناف الحمد، الباحث في مركز (حرمون) للدراسات المعاصرة، وهو أحد سكان حي القصور في تلك الفترة، أكد في شهادته لـ (جيرون) ما جاء في التقرير، وأشار إلى أنه سمع “أصوات التعذيب الصادرة من أحد الأبنية المجاورة لمنزله، بينما كان عناصر الحرس الجمهوري يعذبون شبانًا من الحي، بحضور عائلاتهم”. وأضاف: “حاول أحد أصدقائي نقلَ جثة رجل في أحد شوارع القصور، بعد حصوله على إذن رسمي من النظام؛ وعند اقترابه من الجثة، استهدفه قناصة الحرس الجمهوري، فقُتل على الفور”.

التقرير نقل عن شهود استمرار انتشال الجثث من الحيين، مدة عام كامل، نتيجة اكتشاف جثث جديدة لمدنيين، أعدمتهم قوات النظام داخل المنازل. ولم يوثق التقرير عددًا دقيقًا للضحايا الذين زادت أعدادهم عن 400 مدني، بحسب ما وثق ناشطون في تلك الفترة.

جلال الحمد مدير منظمة (العدالة من أجل الحياة) بيّن لـ (جيرون) أن هذا التقرير يتزامن مع حلول الذكرى الخامسة “لتلك المجزرة المروعة التي ارتكبتها قوات الحرس الجمهوري التابعة للنظام، وكانت بقيادة العميد علي خزام وعصام زهر الدين، ويسلط الضوء على تفاصيل ما جرى خلال أيام قليلة في حيي الجورة والقصور”.

عزا جلال الحمد التأخرَ في إصدار هذا التقرير إلى “الخوف على حياة الشهود الذين رفض معظمهم الكشف عن اسمه الحقيقي، لخشيته من ملاحقة النظام مجددًا”، مؤكدًا أن الشهادات تم “الاحتفاظ بها، لتكون ذات فعل خلال التحقيقات المستقبلية”.

يضاف تقرير (الجورة والقصور الجريمة المنسية) إلى تقارير بالعشرات، أصدرتها منظمات حقوقية سورية أو دولية، بخصوص مختلف الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري، منذ انطلاقة الثورة، ولكن الحمد أكد أن أهمية هذا التقرير تنبع من كونه “يضع خطوة أخرى على طريق إدانة النظام الذي ارتكب العديد من الجرائم بحق السوريين، ويحث كل من له صلة على أن يسعى لتحقيق العدالة، لأنه لن يكون استقرار في سورية، من دون تحقيق العدالة”.

اختتمت منظمة العدالة تقريرها، باستنتاجات بيّنت أن النظام، بارتكابه هذه المجزرة، يخالف مبادئ القانون الدولي الإنساني، ونظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، واتفاقيات مناهضة التعذيب. وطالبت المنظمة مجلسَ الأمن الدولي بإحالة الملف إلى محكمة الجنايات الدولية، وفتح تحقيق خاص بمجزرتي الجورة والقصور، كما طالبت المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، بعدم إهمال محافظة دير الزور، ومراعاة وضعها خلال اجتماعات جنيف وأستانا.

أشار جلال الحمد إلى “استمرار التواصل مع المنظمات المختصة ومراكز القرار؛ لوضعهم بصورة الوضع الخاص بهذه الحريمة وغيرها من الجرائم؛ ليكون ما يحدث في دير الزور ضمن الاهتمام، ولتكون الانتهاكات في دير الزور من القضايا ذات الأولوية”.

يشار إلى أن منظمة (العدالة من أجل الحياة) منظمة مجتمع مدني سورية مستقلة، تضم عددًا من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتعمل، منذ تأسست في عام2013، على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، من أجل استخدامها في المستقبل في موضوع العدالة الانتقالية.




المصدر