معارضون: (قسد) تنتهك حريات المدنيين وتعمل كبندقية مستأجرة


أحمد مظهر سعدو

انتقد كثير من المعارضين الأنباءَ المتداولة، عن عمليات نهب وقمع واعتقال، وتعديات على الناس المدنيين، من قِبل قوات (قسد) في مناطق سيطرتها، وبخاصة منبج وما حولها، وعدّها البعض ممارسات قمعية، ورأى آخرون أنها مخالفة لكل القوانين الإنسانية.

عضو الهيئة العليا للمفاوضات وعضو الهيئة العامة في الائتلاف جورج صبرا قال: إن (قسد) و (ب ي د) “يمارسون دور السلطة القمعية الاستبدادية، في المناطق التي يسيطرون عليها، لذلك ليس غريبًا أبدًا أن يقوموا بأعمال النهب والقمع والاعتقال، والتعديات على أملاك الناس وحرياتهم وكراماتهم”.

صبرا اعتبر -خلال حديث مع (جيرون)- أن “سلطة القمع تشبه بعضها، ولو اختلفت بالأشكال والأسماء، هنا وهناك، ولا أدلَّ على ذلك من أن عددًا كبيرًا من ضحايا هذه السلطة، أعني سلطة (قسد) و (ب ي د) هم من إخوتنا المواطنين الأكراد، ومن القادة السياسيين في المجلس الوطني الكردي”، مؤكدًا أن “المعلومات التي يقدمها لنا الإخوة في المجلس الوطني الكردي أكثر من كافية، لإدانة سلوكيات هذا التنظيم الإرهابي بالفعل، خصوصًا أن علاقاته لم تنقطع مع النظام السوري، وله علاقات وطيدة مع النظام الإيراني”.

وأضاف أن (قسد) “تمثل، في علاقتها مع الطرف الأميركي، دور بندقية للإيجار، فهي تنفّذ الخطة الأميركية، بغض النظر عن مآلاتها وانعكاساتها على مستقبل سورية، وعلى حياة الشعب السوري، وعلى حياة الكرد ومستقبلهم في الوطن السوري، على وجه الخصوص”.

عدّ صبرا أن هذا “المسار الهمجي هو مسار الهبوط”، وأوضح: “ما يؤكد أنها بندقية للإيجار هو أنها كانت متصالحة مع النظام، وتتبادل معه المنافع في تسليم الأراضي والأشخاص، وما شابه ذلك، إضافة إلى أن قيادتها تتعامل مع إيران”، ولفت إلى أن: “القيادة الموجودة في وادي قنديل، والعديد من قيادات (قسد) و(ب ي د) ليسوا سوريين على الإطلاق، ولا يتكلمون اللغة العربية، هم أتراك أو إيرانيون، والبندقية التي تؤجر نفسها لا تملك مصيرها، وستمضي إلى حيث يريد لها السيد الأميركي، في طريق أهدافه الإقليمية، وأهدافه الدولية أيضًا”.

حول المخرج، قال صبرا: إنه “ليس بيد أحد، القضية أصبحت إقليمية ودولية بامتياز، وما لم يحصل توافق دولي حقيقي، بين الروس والأميركيين، يستجر بعده توافقًا إقليميًا بين القوى الأساسية؛ فستبقى المرحلة -مهما طالت- مرحلة إدارة العملية السياسية، إدارة الصراع دون التوجه بشكل حقيقي إلى حلّ سياسي”، وعقّب: “بالنسبة إلينا، يمكن أن نعد هذا الأمر فرصةً لأنْ يستجمع السوريون أنفسهم، على الصعد العسكرية والسياسية والمدنية، وراء رؤية واحدة، وهدف مشترك، تقوم بتنفيذه الهيئة العليا للمفاوضات، عبر مفاوضات جنيف، وتلتزم به القوى العسكرية”.

وأضاف: “نحن بحاجة الآن إلى قضيتين، كما أرى: الأولى هي استنهاض الوطنية السورية بعيدًا عن الأيديولوجيات، بعيدًا عن الفصائلية، بعيدًا عن الانتماءات السياسية، مهما كانت. والثانية هي القرار الوطني السوري المستقل الذي يجب أن نحافظ عليه، وأن ننتزعه من بين أيدي الأصدقاء، ومن بين أيدي الأعداء، أو الأوساط الدولية المحايدة”.

من جهة ثانية، اعتبر وزير الصحة السابق في الحكومة السورية المؤقتة، محمد وجيه جمعة أن “ما يتم من تغيير لقدَر بعض المناطق الجغرافية السورية، والذي يبدأ بالديموغرافية ولا ينتهي باغتيال تطلعات الناس، واغتصاب حقوقهم وقهرهم، هو عبثٌ بالتاريخ والديموغرافية والمستقبل”، وشدد، في تصريحات لـ (جيرون)، على أن “كل الذين أجبِروا على ترك بيوتهم، ومسقط رأسهم، ومأوى أحلامهم، وأحلام أطفالهم، لن ينسوا ولن يصمتوا. وكل الذين سُلبت ممتلكاتهم لن يتنازلوا، وفاعلو هذه الأعمال الشنيعة، وبدعم مرحلي ولأغراض رخيصة، يزرعون بذور الشر والاضطراب للمستقبل، يريدونها كرةَ نار تتغذى على ما بذروه من اعتداء وتهجير وسلب للحقوق، وهو ما ينطبق على أفعال وممارسات (ب ي د)”.

في السياق ذاته، قال الكاتب السوري المعارض حسن النيفي: إن “وجود (قسد) في المناطق التي تسيطر عليها كان وفق قانون القوة والقدرة على حيازة الأرض، ولم يكن وفق مشيئة سكان أهل تلك المناطق، وبناء عليه؛ فإن جميع المحاولات التي يحاول حزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د) تعزيزها في أذهان الناس، والتي تهدف إلى شرعنة وجود (قسد)، لن تصمد كثيرًا، ولن تقنع أحدًا”.

النيفي رأى، في تصريحات لـ (جيرون)، أن “ممارسات (قسد) بحق المواطنين المدنيين يشوبها الكثير من الفوضى وعدم الانضباط، حيث تصادر (الأسايش) -جهاز شرطة (قسد)- أملاك العديد من الناشطين، وتستولي على بيوتهم تحت ذرائع وحجج مختلفة، لا تخضع لمعايير ثابتة، والمعيار الوحيد الذي يحكمها هو المعيار الأمني”.

عبّر النيفي عن اعتقاده أن “بقاء (قسد) في مجمل المناطق ذات الأكثرية السكانية العربية مرهون بتحالفهم مع الجانب الأميركي.. واعتقد أيضًا أن بقاء أو ذوبان (قسد) و(داعش) مرهون بإيجاد حل سياسي شامل للقضية السورية، كما هو مرهون أيضًا بوجود سلطة وطنية، تحظى بتأييد السوريين وتلبي تطلعاتهم”، وتابع: “إذا استمرّ غياب هذه السلطة الوطنية؛ فإن الأرض السورية سوف تبقى مرتعًا للمشاريع السياسية العابرة للحدود، والتي تخدم (بمجملها) مصالح إقليمية بعيدة عن المصلحة الوطنية السورية”.

من جانب آخر، قال الناشط السوري فواز المفلح: إن “حزب (ب ي د) الإرهابي يقوم بكل الأعمال المخالفة للقوانين الدولية والمواثيق والأعراف الإنسانية، من اعتقال وتجنيد قسري للشباب، واعتقالات عشوائية للمدنيين؛ وذلك بهدف إرهاب الناس وإجبارهم على الصمت عن جرائمهم”.

أشار المفلح، في تصريحات لـ (جيرون)، إلى أن عناصر (ب ي د) قاموا باعتقال أحد الشبان، “لأنه كان مع الجيش الحر، وترك القتال عندما سيطرت (داعش) على المنطقة، وبقي لديهم أكثر من ثلاثة أعوام”، مؤكدًا في الوقت عينه “وجود المئات من المعتقلين، للسبب ذاته، بعضهم لم يحمل السلاح مطلقًا، وهناك اعتقالات عشوائية لأعداد يتم تقديرها كل فترة، من على الحواجز، فقط لإرهاب الناس، وإبعاد تفكيرهم عن أي حركة أو ممارسة أي نشاط ضدهم، حتى لو كان سلميًا، عبر تنظيم تظاهرات أو مراسلة منظمات حقوقية وإنسانية، لنقل الصورة الحقيقية”.

ونبّه إلى أن قوات (ب ي د) قامت “بفرض ضرائب على جميع الأسر، قبل شهرين، وذلك بأن يدفع كل من يحمل دفتر عائلة 1300 ليرة سورية شهريًا، سميت ضريبة إغاثة، عدا الضرائب التي تفرض على نقل المواشي والمنتجات الزراعية والحيوانية، من مكان إلى آخر، وكذلك الضرائب التي تُفرض على المحال التجارية في المدن والقرى. كما فرضت تسعيرة جديدة للكهرباء (مع أنها تأتي مرة واحدة، في اليوم، ولا تتجاوز ثلاث ساعات)، بحسب مساحة البيت وملحقاته، وهي تراوح بين 6000 إلى 8000 ليرة سورية، كل شهرين”.

المفلح قال أيضًا: “إنهم يقومون كذلك بإرغام النازحين في مخيمات الموت على إحضار كفيل ودفع كفالة، يتم تقديرها حسب وضع النازح، ما بين 500 إلى 1500 دولار للشخص الواحد، وتعمل على بث شائعات في المخيمات (عبر عملاء لهم) بأن النازحين سيبقون رهن الاعتقال في هذه المخيمات فترات طويلة”.

وختم حديثه بالقول: “على ما يبدو أن الـ (ب ي د) ذاهبون في سياستهم تلك، لأنهم يعتمدون على سياسة الداعمين -الأسد سابقًا والتحالف حاليًا- وسيبقى الحال على ما هو عليه حتى يتخلى عنهم الداعمون، وتأتي قوة أخرى تتصدى لهم، وتخرجهم من تلك المنطقة، بقوة السلاح، أو تقوم ثورة حقيقية ضدهم، تجبر الداعمين على التخلي عنهم”.




المصدر