تركي علي الربيعو



باحث ومفكر سوري، وُلد في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، عام 1951، واهتم منذ صغره بالمطالعة والثقافة، وتابع تعليمه ليحصل على إجازة في العلوم الاجتماعية، وقد أبدى اهتمامًا خاصًا بالبنية القبلية والعشائرية العربية والكردية في المنطقة، وتركيبتها.

ساعدت ثقافته الاجتماعية ودراسته في صقل أفكاره، ودفعه باتجاه التعمق بالدراسات الإنسانية والاجتماعية، وتفاعل الإنسان مع بيئته وأثر بنيته الفكرية وإرثه الثقافي على سلوكه، ونشر مقالاته الصحافية ودراساته في عدد من الصحف والمجلات العربية.

ألف الربيعو خلال مسيرة حياته القصيرة (55 عامًا)العديدَ من الكتب منها (المحاكمة والإرهاب) و(الإسلام والغرب الحاضر والمستقبل)، و(من الطين إلى الحجر) و(العنف والمقدس والجنس) و(الإسلام وملحمة الخلق والأسطورة) و(أزمة الخطاب التقدمي العربي في منعطف الألف الثالث) و(الحركات الإسلامية في منظور الخطاب العربي المعاصر)، و(الأرض اليباب)، وغيرها.

أصبح الربيعو من أهم الباحثين والنقاد في علم (الأنتروبولوجيا)، على الرغم من أن هذا النوع من الدراسات لم يأخذ حقه في المنطقة، إن كان في الجامعات أو في المراكز البحثية المحدودة العدد أصلًا. قدّم الربيعو، من خلال بعض مقارناته واطلاعه على العلوم الاجتماعية الحديثة، فهمَه الخاص لعلاقة الدين بالإنسان، وسلوكه وأثره وتأثره بمعتقده.

يعتقد الربيعو أيضًا أن القبائل والعشائر -على اختلافها- تمتلك بنية متماسكة، ولها نظامها وشروطها وأسسها، ولهذا يمكن عدّها ذات هيكلية تنظيمية وسياسية في الوقت نفسه، وقد استند في رؤيته إلى أصوله، كناقد وباحث اجتماعي، وقد لقبه البعض بصفة (البدوي المثقف).

درس التاريخَ الإسلامي، من خلال رؤية حداثية، وحاول نقد التركيز على الأساطير في الاعتقاد الديني، واجتهد من خلال المقارنات لتوضيح ذلك، حيث إن تناقل الأسطورة مع الزمن يضعها ضمن المقدس، وهذا خطأ، لكونها تشكلت بنسج للخيال.

يرى الربيعو أن التفاعل بين الأفكار المختلفة يساعد في البناء في حال تم التعامل معه بطرق بناءة، لكنه يصبح هدامًا إذا كان من باب المعاندة من دون الاستناد على معايير حقيقية، وأشار إلى ذلك بقوله: “الاختلاف مطلوب، فهو إغناء لواقع نريده هكذا، أما القراءة التي تقود إلى الخلاف، وتؤول إلى أحضان العقلية التآمرية، وتستمد وجودها من إرادة نفي تتحكم فيها، فهي بدورها تدمير لواقع وطموح”، وقد دعا المثقفين إلى فتح “حوار حقيقي يقطع مع سجالاتنا العقيمة التي مهدت لاغتيال العقل”، ويؤسس “لبداية جديدة لعقل عربي يقظ ونقدي”.

توفي الربيعو عام 2007، وهو في قمة عطائه في مشفى الجامعة الأميركية ببيروت، بعد صراع طويل مع مرض عضال، لكنه لم ينكسر أمامه بل بقي مثابرًا وثابتًا، وتابع نشاطه وكتاباته إلى آخر يوم في حياته.




المصدر
حافظ قرقوط