آثار كارثية في طيات أعاصير أميركا

18 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
4 minutes

على الرغم من وجود الولايات المتحدة في منطقة جغرافية معرضة للأعاصير والكوارث الطبيعية، حيث تتعرض سنويًا لنحو 1000 إعصار، وعلى الرغم من كل التقنيات المتطورة التي تساعد على التخفيف من آثار هذه الكوارث، إلا أن سلسلة الأعاصير التي تعرضت لها، في الآونة الأخيرة، كانت غير مسبوقة، وحملت العديد من الآثار الكارثية على جميع الأصعدة، ولا سيّما الصعيد الاقتصادي.

في 25 آب/ أغسطس 2017، وصلَ الإعصار الاستوائي من الدرجة الرابعة (هارفي) إلى ولاية تكساس، حيث بلغت سرعته 215 كيلومترًا في الساعة، وانخفضت سرعته نسيبًا عند دخوله اليابسة، لكن الأمطار الغزيرة المتواصلة التي رافقت الإعصار أدّت إلى فيضانات كارثيّة غير مسبوقة، في مدينة هيوستن شرق تكساس، وهي رابع أكبر مدينة أميركية، بعد نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو، حيث تحولت شوارعها إلى أنهار جارفة، وقد غرقت المناطق المنخفضة في المدينة التي باتت معزولة عن العالم، بعد إغلاق مطاراتها وطرقها السريعة؛ وصعد السكان إلى الأسطح هربًا من الغرق.

وشارك آلاف من المنقذين ورجال الإطفاء وخفر السواحل مع ثلاثة آلاف من الحرس الوطني، إضافة إلى آلاف من المتطوعين تساندهم مروحيات لإنقاذ الناس، كما انقطع التيار الكهربائي عن مئات آلاف السكان، وتم إغلاق بعض المشافي بسبب تسرب المياه إلى طبقاتها السفلى، واستمرت هذه الحال قرابة أسبوع؛ وأدّت إلى وفاة 64 شخصًا، وخسارة مالية تقدر بـ 180 مليار دولار، تغطي شركات التأمين 10 أو 20 بالمئة منها فقط، أما المبلغ المتبقي فيتحمل خسارته المواطنون.

لم تكد ولاية تكساس تسير باتجاه تجاوز صدمة إعصار (هارفي)، حتى ظهرت بوادر إعصار آخر أكثر قوة، يتجه نحو ولاية فلوريدا، حيث بلغت سرعة الرياح في إعصار (إيرما) أكثر من 300 كلم في بداياته؛ ولذلك تم إصدار تعليمات حكومية بإخلاء سكان كامل الجزء الجنوبي من ولاية فلوريدا، وبالفعل غادر أكثر من ستّة ملايين شخص منازلهم باتجاه الشمال، وقد وثّقت وكالات الأنباء هذا النزوح الجماعي، بصور نادرة غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن سرعة الرياح قد انخفضت نسبيًا، عند اقترابها من ولاية فلوريدا، لكنها كانت كافية لتدمير آلاف المنازل وإلحاق أضرار متفرّقة بعشرات آلاف المنازل الأخرى، كما انقطع التيار الكهربائي عن أغلب المنطقة الجنوبية من ولاية فلوريدا، وما زال الانقطاع مستمرًا حتى اليوم.

تضررت بعض الجزر المجاورة لولاية فلوريدا والمتصلة بها، واقتلعت السفن من الرصيف البحري، وسويّت أشجار النخيل بالأرض، إضافة إلى تضرّر 90 بالمئة من المنازل، فضلًا عن أن الأمطار الغزيرة التي رافقت الإعصار أدت إلى فيضانات كارثية، في المناطق المنخفضة.

لا يوجد إحصاء نهائي للخسائر البشرية حتى الآن، لكن تم تقدير الخسائر المالية بـ 150 مليار دولار، ستتحمّل شركات التأمين جزءًا كبيرًا منها.

من المرجّح أن هذين الإعصارين قد لعبا دورًا كبيرًا في الانخفاض الحاد في سعر الدولار الأميركي، إلى أدنى مستوى له منذ عام 2014، كما أنّ هذين الإعصارين تسببا برفع سعر مزيج برنت إلى أكثر من 55 دولار للبرميل.

في هذه الأجواء، تستمر حالة الشد والجذب بين الإدارة الأميركية الحالية ومعارضيها الذين يقولون إنّ التغيّر المناخي والاحتباس الحراري هما سبب قوّة هذين الإعصارين، ويؤكّدون على ضرورة العودة إلى اتفاقية باريس للمناخ، بينما ما زالت إدارة الرئيس ترامب متمسّكة بموقفها الذي ينكر وجود دور للنشاط البشري في هذه التغيرات المناخية.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

روشان بوظو