الاقتصادات العربية بدأت مرحلة التعافي … لكن التحديات باقية




اتفق عدد من محافظي المصارف المركزية العربية، على أن الاقتصادات العربية غير النفطية بدأت «تتعافى»، فيما اعتبر محافظ المصرف المركزي الموريتاني عبدالعزيز بن داهي، أن الاقتصادات العربية «لا تزال تواجه تحديات كثيرة، ناتجة عن ضعف الاقتصاد العالمي وتأثيراته على اقتصادات الدول الناشئة».

وبرز خلال اجتماع عقده محافظو المصارف المركزية في أبو ظبي أمس، تحذير من التداول الواسع في عملة «البتكوين» والمقدّرة قيمتها بـ100 بليون دولار خلال هذه السنة. وأكد المدير العام لصندوق النقد العربي عبدالرحمن الحميدي، أن «التحولات المتسارعة الناتجة عما يعرف بالثورة الرقمية وتنامي استخداماتها، باتت تشكل متغيراً مهماً في الصناعة المالية والمصرفية والخدمات والمنتجات المرتبطة بها، ومنها استخدام العملات الافتراضية». إذ قدّر أن «تتجاوز تداولات عملة البتكوين ما قيمته 100 بليون دولار خلال هذه السنة»، مشيراً إلى أن «تنامي استخدام العملات الافتراضية يفرض تحديات على المصارف المركزية».

وأكد الحميدي في افتتاح الاجتماع السنوي للدورة 41 لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، «وجود بشائر تعافي نسبي للنشاط الاقتصادي العالمي، إذ تفيد تقديرات معدلات النمو لعامي 2017 و2018 بأنها ستكون أفضل من تلك المسجلة عام 2016 والتي بلغت 2.6 في المئة، في وقت يواجه هذا التعافي عدداً من التحديات، أبرزها ضعف الإنتاجية واستمرار الغموض في مسارات السياسات الاقتصادية في الاقتصادات المتقدمة».

وشدد على «تأثر اقتصادات الدول العربية بالتطورات الاقتصادية العالمية، خصوصاً تلك المتعلقة بتباطؤ التجارة الدولية، وبقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة نسبياً، وتأثر تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى الدول النامية، إلى جانب تواصل عودة المسارات التقليدية للسياسة النقدية الأميركية».

ولفت إلى أن تقديرات صندوق النقد العربي «تشير إلى تسجيل الاقتصادات العربية معدل نمو نسبته 1.9 في المئة هذه السنة و2.9 في المئة عام 2018، بفضل جهود الإصلاح الاقتصادي والمالي وسياساته في الدول العربية وتوقع تحسن أسعار النفط، إلى جانب تحسن الطلب العالمي». وأكد أن «معدلات النمو المتوقعة للدول العربية، لا تزال دون المستوى الذي يساعد على خفض معدلات البطالة والفقر في المنطقة العربية».

ولم يغفل الحميدي «أهمية مواصلة دعم فرص الوصول إلى التمويل والخدمات المالية، ومتابعة جهود تطوير أسواق المال المحلية وتعزيز فرص الاندماج المالي الإقليمي»، لافتاً إلى أن «استراتيجية الصندوق لعامي 2015–2020، أخذت في الاعتبار التغيرات في الحاجات الراهنة والمستقبلية والأولويات الاقتصادية للدول العربية».

ونوّه بالمبادرة الإقليمية لـ «تعزيز الشمول المالي في الدول العربية، التي أطلقها «صندوق النقد العربي» الأسبوع الماضي وتهدف إلى تقديم المشورة الفنية لمساعدة السلطات في الدول العربية، على تعزيز فرص الوصول إلى التمويل والخدمات المالية».

ولاحظ محافظ مصرف الإمارات المركزي مبارك راشد المنصوري في كلمة، أن «الاقتصاد العالمي بدأ يتعافى، إذ سجل النمو نحو 3.2 في المئة عام 2016، ويُتوقع أن يحقق 3.5 في المئة هذه السنة و3.6 في المئة العام المقبل، ولو كان ذلك في إطار نسبة تضخم دون المستهدف بالنسبة إلى الدول المتقدمة الرئيسة».

وتطرق المنصوري إلى التطورات الاقتصادية والمصرفية في الإمارات، مؤكداً أن الاقتصاد الوطني «تمكّن من الحفاظ على نمو النشاطات غير النفطية، على رغم تداعيات الانخفاض المستمر في أسعار النفط، وذلك بفضل التنوع الاقتصادي وتلافي أثر تراجع الإنفاق العام واستمراره في مجالات الخدمات الأساسية». وقال: «بقي نمو النشاطات غير النفطية عند نحو 3.2 في المئة عام 2015 و2.7 في المئة عام 2016»، معلناً أن «الاقتصاد الوطني بدأ يتعافى»، مرجحاً «نمو القطاع غير النفطي 3.1 في المئة هذه السنة و3.5 في المئة أو أكثر بدءاً من العام المقبل».

وشدد المنصوري على «أهمية إرساء قواعد لدعم أجندة الشمول المالي وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، لأهميتها في تحقيق النمو الشامل». وأشاد بفعاليات المؤتمر الأخير للشمول المالي في شرم الشيخ بمشاركة 94 دولة و119 مؤسسة دولية، ما يرسخ أهمية الموضوع.

ولكن بو داهي خالف توقعات الصندوق في شأن النمو، موضحاً أن «الاقتصاد العالمي لا يزال يواجه تحديات كثيرة، نتيجة استمرار ضعف الاقتصادات في الدول المتقدمة، بما ينعكس سلباً على اقتصادات الدول الناشئة». ولفت إلى «التأثير السلبي للسياسات الحمائية في التجارة العالمية التي تلوح بها بعض الدول، تحديداً الولايات المتحدة»، مشدداً على أن «الاجتماع يشكل فرصة لمناقشة التحديات التي تواجه الاقتصادات العربية».




المصدر