المناهج الدراسية: احتجاج افتراضي “يُسقط” تربية النظام




لقّنت “مواقع التواصل الاجتماعي” حكومة نظام الأسد درساً في تأثير هذه الوسائل عبر رصدها التقصير والخلل الذي تجلّى مؤخراً بالمناهج المدرسية السوريّة لهذا العام.

وأصدر النظام منهاجاً دراسياً جديداً كان قد تحدّث عنه سابقاً باستطراد، وسوّق له على أنّه سيكون نقلةً نوعية في التحصيل العلمي للطلّاب، غير أن النتائج كانت عكس ذلك تماماً، إذ أن تلك المناهج احتوت على كثيرٍ من الأخطاء العلمية والتصميم السيء، ما أثار موجة غضبٍ في أوساط السوريين، الذين يعيشون في مناطق النظام ويدرسون مناهجه.

متجانسة

وجدَ وزير تربية النظام “هزوان الوز” نفسه في موقفٍ محرج بعد صدور المناهج الجديدة، إذ لا يمكن إخفاء هذا المنهاج السيء “وفق وصف السوريين” ولا سيما مع وجود مواقع التواصل الاجتماعي ومنها “فيسبوك”.

وانهالت مئات المنشورات التي تنتقد هذه المناهج، وصور من صفحات تلك الكتب، تُظهر المتسوى الُمتدنّي لها، واحتواءها على أخطاء في الصياغة وطرق تلقين “مثيرة للسخرية”.

واعتبر أحد المعلّقين أن ” المناهج مُتجانسة كما سوريا التي تحدّث عنها بشّار الأسد مُتجانسة”، فيما استجد آخرون بالشاعر السوري “سليمان العيسى” المُلقّب بـ “شاعر الطفولة” والذي تعرفه الأجيال السابقة من السوريين.

وكتبت مرام، وهي أحد مستخدمي موقع “فيسبوك”: “للأسف التعليم صار هابط .. ولازم تكون في لجنة متابعة لهل موضوع ولازم ما ينضاف للمنهاج إلا لي بيكون بالمستوى الثقافي والبيئي للطالب”.

وعلّق آخر، أن “المنهاج لم يعد تعليمي وإنّما أصبح عبارة عن كتب دون أي فائدة، وهو ما سيؤدّي إلى تخريج جيلٍ لا يعرف شيئاً عن العلم”.

تجاوب ولكن!

بعد الغليان السوري عبر الانترنت، تجاوبت حكومة النظام لكنها لم تحقّق أي من مطالب السوريين بتعديل المنهاج، وكان جلّ ما فعلته أنّها حذفت قصيدة لشاعر لأنّه “معارض للنظام”، وضمّنت خريطة سوريا “لواء اسكندرون” في كتب الجغرافية، بينما أبقت على جميع الأخطاء دون أي تعديلات.

وقررت وزارة التربية التابعة لنظام الأسد، تشكيل لجنة خاصة لدراسة الملاحظات والمقترحات الواردة إلى الوزارة، من قبل المواطنين حول المناهج المطوّرة.

وجاء في نص الوثيقة المنشورة السبت الفائت، على الموقع الرسمي للوزارة، أن مهمة اللجنة دراسة تلك الملاحظات والمقترحات واتخاذ الإجراءات اللازمة حولها.

كما اتخذت الوزارة قراراً باستبدال القصيدة الواردة في درس “يومي الأول” في كتاب التربية الموسيقية للصف الأول الصفحة 6 بقصيدة “وطني” للشاعر سائر إبراهيم.

إضافة إلى إصدار قرار باستبدال الخريطة السورية الموجودة في الصفحتين 169-204 في مادة علم الأحياء والبيئة؛ كتاب الطالب والأنشطة والتدريبات للصف الأول الثانوي من المنهاج المطور 2017-2018، وذلك لإسقاطها لواء اسكندرون.

ولكن على ما يبدو أن تعنّت وزارة تربية النظام، وعدم اعترافها بالأخطاء، دفع برلمان الأسد للتدخّل، حيث أعلن رئيس مجلس الشعب المؤقت، نجدة إسماعيل أنزور، أن جلسة الأربعاء المقبل ستكون مخصصة لوزارة التربية.

واعترف رئيس الحكومة بوجود أخطاء، مضيفًا أنه “سوف نحاسب من أخطأ لكن الوزارة تقوم بجهود كبيرة، ولا يمكن أن نبني على هذه الأخطاء استراتيجية كاملة”، حسب قوله.

ثغرات واضحة

ومنذ اليوم الأول لإطلاق المناهج الدراسية السورية، بدأت صور من صفحات الكتب تتسرّب عبر السوشال ميديا.

واحتوى المنهاج على ثلاثة أخطاء رئيسية، ولكنها كانت كارثية، وتمثّل الخطأ الأول بصور أغلفة هذه المنهاج وتحديداً التماثيل مرعبة الشكل، ما جعلها مادة للسخرية.

أما الخطأ الثاني، فهو الأغاني الشعبية للمناهج، ومنها أغنية للفنانة اللبنانية صباح، وأخرى للفنانة سميرة توفيق.

واحتوت المناهج المدرسية أيضاً، على أغنية أخرى غريبة المعاني جاء فيها “طش طش انهمر الماء .. أش أش قال المحار الجبل انهار”. لكن وزير التربية في حكومة النظام دافع عن هذه الأغنية الأخيرة قائلاً: “إن كلمتي طش وأش هما موجودتان في اللغة العربية الفصيحة” على حد قوله.

أما المشكلة الثالثة في المناهج، فتمثّلت بوجود أحد الدروس، الذي يُعطي إيحاءات جنسية مباشرة، وجاء في الكتاب قصّة أحد الأولاد الذين يشترون أغراضاً من البقالية قرب منزلهم، وكان البائع يقوم بإعطاء الطفل قطعة حلوى عندما يشتري، ولكن في أحد الأيام قام بمنحه قطعة حلوى باهظة الثمن، وطلب منه ألّا يُخبر أحداً بالأمر، ثم جاء في ملحق النص، أسئلة تعبّر عن إيحاءات جنسية، وهو ما أثار انتقادات لاذعة لم توقفها تبريرات وزارة التربية.




المصدر