عروة الأحمد: ذاكرة مالحة قيد التصوير



“ذاكرةٌ مالحةٌ كطعمِ البحر الذي لم يسألنا عن ديننا، أو طائفتنا، أو توجّهنا السياسيّ؛ فساوى ما بيننا لأوّل مرّةٍ، قُبيلَ اغتياله أحلامنا الصغرى.. ذاكرةٌ مالحةٌ كطعمِ الدَّمع الذي حفر فوق وجوهنا أخاديدَ نسترها كلّ حينٍ بابتسامة”.

بهذه الكلمات، عرّف الكاتب والمخرج السوري عروة الأحمد فيلمَه الجديد (ذاكرة مالحة)، وقد بدأ تصويره مؤخرًا، وسيُعلن عن إطلاقه رسميًا في “لاهاي” المدينة الهولنديّة، في 21 سبتمبر 2017، في المعهد الدولي للدراسات الاجتماعية.

كان لنا مع عروة الأحمد مخرج الفيلم هذا اللقاء الخاص:

– صيام ستّ سنين عن السينما، منذ تكريمك في مهرجان الدوحة 2010، عن فيلمك (لاعب النرد)، تنقلت فيه ما بين المسرح وشاشة التلفاز. لماذا عدتَ إلى السينما؟

= عدتُ لأجل توثيق ما استفزّني: دموع محمد، حين يروي ذكرياته في رحلة البحر التي قطع فيها عرض المتوسط. وجود شخصٍ مثل راتب، أمضى 16 عامًا في المعتقل من أجل رأي وحلمٍ سوريّ، ثم يعيش اليوم في فرنسا! أحلام فرح التي تبخّرت في الهواء. هلوسات “س” بكلّ ما رأته قبيل الوصول إلى بلجيكا. نجاة عماد وعائلته. طموح إدريس، والكثير من القصص.

مهمّتي في هذا العمل توثيق آلام الآخرين، وعرضها أمام المُشاهد تحت عبارةٍ مفادها: ها نحنُ بعيدًا عن شاشات الأخبار. كما لم تعرفنا من قبل.

– عمّ يتحدث فيلمك (ذاكرة مالحة)؟

= يعود الفيلم بذاكرة أبطاله إلى سورية، مستعرضًا الأسباب التي دفعتهم إلى الخروج منها، والطرق التي سلكوها للوصول إلى أوروبا، ثمّ ينتقل إلى الحاضر المُعَاش في أوروبا، بحلوه ومرّه.

– تنوّعٌ ملحوظ في الشخصيات المختارة. إلامَ ترمي؟

= الفيلم وثائقي عن السوريين، وحين نقول عن السوريين، فذلك يعني مختلف الشرائح العمريّة، والانتماءات، والتوجّهات السياسيّة، من المعارض إلى المؤيد إلى الصامت إلى الـ لامعنيّ بالسياسة، وحين نقول وثائقي، فذلك يعني توثيق الواقع من دون توجّه معيّن للموثِّق.

– ولكنك معارض للنظام، أليس كذلك!

= أنا ضدّ القمع والأنظمة الديكتاتورية، وضدّ الظلم الممارس من قبل أي طرفٍ كان، ولا أظنّ أن موقفي هذا سيؤثر على مسار الفيلم. سأكون أمينًا في رصد مختلف الآراء.

– كيف سيكون العمل من حيث الصورة والإخراج؟

= الفيلم سينمائي طويل يتجاوز الساعة ونصف؛ وهو ذو إضاءة طبيعية 100 بالمئة، ولا ينتمي إلى السينما الوثائقية الكلاسيكية من حيث الصورة، وسيتم تصويره بكاميرا سينمائية 35 mm ودقة 4k.

– كانت مفاجأة غير متوقعة أن يكون الموسيقي العالمي “مارك إلياهو” هو المؤلف الموسيقي لـ (ذاكرة مالحة). من اختار مارك، ولماذا؟

= بعد أن انتهيتُ من كتابة النصّ؛ راسلتُ مارك وأخبرته بالمشروع، وأبدى سعادته واستعداده للمشاركة فيه.

أستمع إلى مؤلفات مارك منذ عام 2012، ويعجبني ما يقوم به، ووجود هذا النوع من الموسيقى الشرقية المتجدّدة يلائم ما أسعى إليه في (ذاكرة مالحة).

– هناك، كما لاحظت، مواهب شابة في الفيلم أيضًا؟

= نعم في البطولة فرح يوسف، ومحمد إدريس، وفي الأداء الصوتي نينا العسافين، وفي التصميم شريف جابر. أؤمن بموهبة كلّ اسم منهم، وسعيدٌ بوجودهم معي في هذا الفيلم.

– عروة الأحمد في الختام. ماذا عن مسلسل (بلكون) الذي تكتبه؟

= (بلكون) يُطبخ على نارٍ هادئة، وفق تطوّرات المرحلة المتغيّرة، وهذا ما ارتأيتهُ بالاتفاق مع شركة الإنتاج، لأن العمل مقرّر أساسًا لعام 2018.

الجدير بالذكر أن (ذاكرة مالحة) فيلم سينمائي وثائقيّ، عن الشتات السوريّ.

بطولة: محمد الأحمد، راتب شعبو، فرح يوسف، خديجة حديد، عماد أبو دهن، محمد إدريس، السيدة س، وآخرين.

موسيقى: مارك إلياهو، أداء صوتي: نينا العسافين، تصاميم: شريف جابر، مساعد المخرج: جون جاكوب.

إنتاج: ليو برودكشن، نص وإخراج: عروة الأحمد.

عروة الأحمد من مواليد حمص 1988. خريج كلية الفنون في بيروت – قسم الإخراج المسرحي. حاصل على ذهبية (الكونسرفتوار) عن مونودراما الثعلب 2009، وتكريم مهرجان (ترايبيكا) الدوحة 2010 عن فيلم (لاعب النرد). مخرج كرنفال دبي كأس العالم 2015. كاتب ومخرج للعديد من العروض المسرحية: (الثعلب- ما في أمل- نايلون- هو الحب). معدّ ومقدم برامج تلفزيونية: Zero -Facing The Hundred-Share.




المصدر
هدى زيتون