مخيم زيزون ..حياة “من قلة الموت”




ما إن تدخل مخيم زيزون حتى تلمس سوء حال ساكنيه، فالأرض ترابية والخيام في غالبيتها عبارة عن تجميع من بعض الشوادر وأكياس الخيش وبطانيات المعونة.

ومن غرقٍ إلى غرق ينتقل المخيم دون بصيص أمل بالخروج من هذا الواقع، فبالإضافة إلى واقع خدمي مرير ومزمن لم يترك متنفساً للسكان كي ينعموا بحياة كريمة، يقترب موسم الأمطار حاملاً معه هواجس جديدة لأزمات مرشحة للتفاقم. وأمام كل ذلك لا يبقى لهؤلاء الأهالي سوى المناشدة حيناً والتندر المرير مما آلت إليه ظروفهم حيناً آخر، بعد أن أصبحت حياتهم بلا معنى سوى البقاء أحياء دون انتظار أي مقومات.

وضع مأساوي

على طرقات المخيم التي مهدتها أقدام ساكنيه تشاهد أطفالاً حفاة بملابس رثة. يصف الناشط الإعلامي أبو عمر الجنوبي، لـ “صدى الشام” معاناة قاطني هذا المخيم، مشيراً إلى أن “هناك عائلات تطهو في العراء على موقدة ويستخدمون القصب مع غياب الحطب والمازوت والغاز المنزلي، وإن توفرت فأسعارها مرتفعة حيث يصل سعر اسطوانة الغاز إلى نحو 10 آلاف ليرة سورية”.
ويضيف ” في المخيم من لا يمتلك خيمة أو غطاء وحتى أبسط أدوات الطهي، حيث يعتمد على ما قد يقدم له من مساعدة”.

لا مساعدات

 ويشكو سكان المخيم قلة المساعدات الإنسانية، حيث تمر أشهر طويلة قبل أن تصلهم سلة من المواد الغذائية، في حين يتوافد نازحون جدد من حوض اليرموك إلى المخيم، وتزداد الحاجة معهم إلى خيام مقاومة للمطر وعوازل للأرضيات وبطانيات وفرشات للأرض وثياب للشتاء وخاصة للأطفال، إضافة إلى المدافئ والمازوت أو الحطب.

ويفتقد المخيم لوجود مدرسة أيضاً، كما أن المدارس القريبة تطلب أوراقاً رسمية للطلاب. هذا الأمر يشكل معضلة للعائلات هنا “فغالبيتها خرجت نازحة بما عليها من ثياب، ما حرم الكثير من الأطفال من التعليم منذ عدة سنوات مضت، فيما تبرز مساعدات خجولة خاصة بالتعليم، فإحدى المنظمات قدمة مؤخراً لأطفال المخيم بضعة دفاتر وأقلام، لكن كيف لهم أن يستفيدوا منها بغياب المدارس والمعلمين”. طبقاً لما ذكره أبو عمر الجنوبي.

ويلفت إلى أن “أهالي المخيم وبلدة زيزون القريبة منه، يعتمدون على نقطة طبية صغيرة لا تفي باحتياجات الأهالي، ما يجعلهم يقصدون المشفى الميداني الذي يبعد عنهم نحو 8 كم، بالرغم من عدم توفر المواصلات”.

ويتابع الجنوبي أنه ” يقطن في المخيم نحو ألف عائلة أي ما يزيد عن 8 آلاف شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، بينهم من كان قد نزح من حمص وريف دمشق ودمشق وريف درعا الغربي التي تحولت إلى مناطق عسكرية منذ عام 2013″.

مناشدة

 يعاني الأهالي من البطالة بشكل عام، فجزء منهم قد يحالفه الحظ ويعمل في المواسم الزراعية، في حين يعيشون بقية العام على ما قد يصلهم من مساعدات إنسانية كل 3 أو 4 أشهر.

وخلال السنوات الماضية مرّت على السكان هنا تجارب غاية في السوء، فكثير من الخيام كانت تقتلعها الرياح، وغالباً ما كانت تغرق أيضاً بمياه المطر. هذا الواقع قد يتغير نسبياً إذا ما تحققت الوعود “بأن يتم رفع الخيام قليلاً عن الأرض”، على ما يؤكده الناشط الإعلامي أبو عمر الجنوبي. لكن هناك نحو 500 عائلة نزحت من حوض اليرموك مؤخراً، وهذا الرقم قد يرتفع في حال نشبت معارك ضد “جيش خالد بن الوليد” في تلك المنطقة.

ونقل الناشط الاعلامي عبر “صدى الشام” مناشدة سكان المخيم المنظمات الإنسانية والدولية للالتفات إليهم وتوفير حاجاتهم، وخاصة حليب الأطفال المنقطع منذ نحو عام عن المخيم، إضافة إلى مستلزمات فصل الشتاء من شوادر وخيام لا تسرب الماء وعوازل أرضية ومدافئ ووقود، وخزانات مياه للشرب، وصرف صحي أو حتى جور فنية غير مكشوفة، وألبسة وغيرها من الاحتياجات الأساسية للعيش.

إهمال

يرى ناشطون في درعا أن الإهمال الذي تعاني منه مخيمات النزوح وخاصة من قبل المنظمات الدولية، سيجر الكوارث على الشعب السوري، حيث، ستترك الظروف المأساوية جرحاً عميقاً داخل كل سوري، يعيش في تلك الظروف، محملة إياه الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، إضافة إلى أجيال لم ترَ إلى اليوم سوى التشرد والبؤس والعنف والقهر.

واتهم ناشطون تلك المنظمات بالتقصير في أداء واجباتها، في ظل حجج واهية، وخاصة فيما يخص قضايا الصحة والتعليم، لافتين إلى أن مخيم “زيزون” ليس الوحيد في سوريا فهناك مثله الكثير من المخيمات.




المصدر