ميليشيات القامشلي.. استقطاب محلي وإقليمي



أفادت مصادر خاصة من القامشلي لـ (جيرون) أن المدينة شهدت توترًا كبيرًا، أمس الثلاثاء، بين ميليشيات “الإدارة الذاتية” من جهة، وقوات النظام والميليشيات الداعمة لها من جهة أخرى؛ على خلفية اعتقال فرع الأمن العسكري التابع للنظام ما يسمّى وزير البيئة في “الإدارة”، في تصعيد عدّه مراقبون مخالفًا للتفاهمات السابقة بين الحليفين.

اتهمت “الإدارة الذاتية” ميليشيات “الدفاع الوطني” التابعة للنظام، بتدبير تفجير دراجة نارية، في شارع السياحي وسط المدينة، مساء الإثنين الماضي، أدّى إلى مقتل طفل وإصابة أربعة مدنيين، على الرغم من تبني تنظيم (داعش) للتفجير، عبر بيان رسمي.

بدأت الخلافات تظهر على العلن، بعد تصريحات متواترة من مسؤولي النظام حول نيته التقدم، بعد معركة دير الزور، إلى الحسكة، واستعادة الأراضي التي تسيطر عليها ميليشيات “الإدارة الذاتية”.

يدير النظام، عبر فرع الأمن العسكري في القامشلي، عشرات الميليشيات التي ينحدر عناصر كل منها من عشيرة معيّنة، وتشغل هذه الميليشيات مقارّ في أحياء سريانية وأخرى ذات غالبية عربية، ويحمل عناصرها السلاح الخفيف والمتوسط.

مهمة عناصر المقارّ مساندة قوات النظام في الحواجز المنتشرة على مداخل القامشلي، وداخل بعض الأحياء. ولعب أفرادها دورًا في تقدم النظام في ريف القامشلي الجنوبي إلى مسافة، تجاوزت 40 كليومترًا، بعد انسحاب تنظيم (داعش) من المنطقة عام 2015.

عرفت هذه الميليشيات بتسلطها على السكان، ونفذت عمليات “تعفيش” في معظم القرى الواقعة جنوب المدينة، وسرقت أملاكًا للمواطنين تقدر بعشرات الملايين، وفرضت إتاوات على سكان هذه القرى مقابل دخول القامشلي، وساهمت إلى حد بعيد في اعتقال عشرات الشباب والناشطين وتسليمهم للنظام، وقتل بعض المعتقلين تحت التعذيب.

يستخدم النظام هذه الميليشيات تحت عدة أسماء منها “الدفاع الوطني”، و”كتائب البعث”، وكان يشرف على تدريبها إشرافًا مباشرًا ضباطٌ من النظام وعناصرُ من ميليشيا “حزب الله” اللبناني، داخل الفوج 154 قوات خاصة المعروف بفوج “طرطب”، كما سجلت زيارات لضباط من الجيش الروسي إلى مطار القامشلي ومقار بعض هذه الميليشيات.

مضر حماد الأسعد عضو التجمع الوطني لقوى الثورة في الحسكة يعزو سبب انخراط عدد من أبناء العشائر ضمن هذه الميليشيات، إلى “سياسة النظام التي أجبرت هؤلاء على الانخراط فيها، بسبب تسليمه معظم مناطق الحسكة إلى ميليشيات (الإدارة الذاتية) والتغاضي عن انتهاكاتها الكبيرة بحق سكان المنطقة؛ فكانت ردة فعل العشائر الانخراط في صفوف هذه الميليشيات”.

وصف الأسعد ما يجري في القامشلي بـ “البركان الذي يوشك أن ينفجر؛ بسبب تعدد الميليشيات الكردية والعربية في المدينة، وتحكم أجهزة النظام بالوضع الأمني هناك”، وأضاف: “وضع الحسكة بالكامل سيئ، بسبب إرهاب ميليشيات الإدارة والتنكيل بالأهالي، إضافة إلى ممارسات النظام المعروفة؛ وهذا ما قد يدفع إلى انفجار كبير، بات يشكل هاجسًا مخيفًا لدى أهالي الحسكة عمومًا، والقامشلي خصوصًا”.

في حي الوسطى ذي الغالبية السريانية، تنتشر مقار ميليشيات “السوتورو” التي تدعي أنها تحمي المسيحيين السريان، في حين أن عناصرها يساندون قوات النظام في عدة أماكن، أبرزها ريف حمص الشرقي.

استخدم النظام هذه الميليشيات بشكل كبير للضغط على ميليشيات “الإدارة الذاتية”، وسُجلت عشرات الاشتباكات بين الطرفين، أبرزها في حي (طي)، وهو أكبر الأحياء العربية في المدينة، سقط فيها قتلى من الطرفين وجُرح مدنيون.

الخلافات يتكفل بحلها في الغالب رئيس فرع الأمن العسكري في القامشلي، أو رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة، ودخل على خط المصالحة بين الطرفين أخيرًا مركزُ المصالحة الروسية في مطار حميميم.

وكان مصدر خاص من مدينة القامشلي كشف لـ (جيرون) أن الأمن العسكري ألغى مؤخرًا عدة مقار، مقابل تشجيع عناصرها على الانضمام لـ “جيش العشائر” الذي يديره نواف البشير شيخ قبيلة البكارة والذي “تمكن من استقطاب العديد من عناصر هذه الميليشيات، ونظمها بإشراف الأمن العسكري، وبدعم إيراني، ويقاتل عددٌ كبير منهم حاليًا إلى جانب قوات النظام في دير الزور”، وأضاف المصدر: “ترك عشرات العناصر مقار الدفاع الوطني ملتحقين بميليشيات البشير، لأنه يقدم امتيازات إضافية، ويعدهم بالانتقال إلى القامشلي لطرد ميليشيات (الإدارة الذاتية) منها”.




المصدر
سامر الأحمد