ترامب يثير مخاوفَ فلسطينيي “دول الطوق”



أعادت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حول إعادة توطين اللاجئين في البلدان التي يقيمون فيها، مخاوفَ قديمة مستمرة عند الفلسطينيين، خصوصًا أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تشهد أوضاعًا ميدانية متفجرة، سواء في لبنان أو سورية.

دعا ترامب، الثلاثاء الماضي، إلى إعادة توطين اللاجئين في البلدان التي يقيمون فيها، مضيفًا -خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة- أنه “لا بد من معالجة الأسباب التي تدعوهم إلى النزوح من مناطقهم الأصلية، وذلك أقل تكلفة مما تتطلبُ استضافتهم في بلدان جديدة”.

اقتصرت الردود على تصريحات ترامب -حتى اللحظة- على الجانب اللبناني، حيث أعرب رئيسا المجلس النيابي والحكومة عن رفضهما المطلق لمثل هذا المشروع، مشددين على أن الدستور اللبناني يمنع اتخاذ مثل هذه الخطوة.

ناشطون فلسطينيون اعتبروا أن الصمت الفلسطيني الرسمي، واستمرار تبني الشعارات العامة، من قبيل “لن نقبل إلا بحل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار الأممي 194″، هو أمر مثير للدهشة.

يرى الناشط بشار عمرو أن “استمرار اختباء القيادات الفلسطينية، وراء هذه الشعارات المعلبة والفضفاضة، دليلٌ واضح على أنهم يعرفون أنْ لا سبيل لإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القرارات الأممية، واستمرارٌ للنهج السياسي الفلسطيني ذاته المرتكز على المواربة والكذب؛ حفاظًا على مكتسبات سلطة هزيلة، أصبحت مجرد أداة أمنية لـ “إسرائيل” وغيرها من القوى الإقليمية الدولية، من دون أي مشروع وطني”.

أضاف عمرو في تصريحات لـ (جيرون) أن “المسألة ليست مخاوف فحسب، ثمّة شواهد حقيقة على الأرض، تؤكد أن العمل جار لإنهاء ملف اللاجئين الفلسطينيين. ما يحدث في عين الحلوة الآن في جنوب لبنان والترويج على أنه عاصمة الإرهاب في المنطقة، مع أن مساحته لا تتجاوز 1 كم، يدلل على أن هناك حربًا قادمة ستعيد سيناريو نهر البارد، مرة أخرى”، وتابع: “مخيم اليرموك وما حصل فيه من تدمير وتهجير أكثر من 90 بالمئة من سكانه، وبقية المخيمات في سورية، أيضًا دليل على مشروع سياسي، باتت معظم الأطراف تتوافق عليه، ويقود إلى سحق ملف اللاجئين الفلسطينيين”.

تقدر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن عدد الفلسطينيين في دول الطوق، وتحديدًا في سورية، بلغ حتى العام 2011 نحو 500 ألف فلسطيني، بينما تؤكد معظم الإحصاءات الآن أن أقل من نصف هذا العدد فقط موجود.

كما تؤكد مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، في تقاريرها الدورية، أن نسب الدمار في المخيمات الفلسطينية تجاوزت 80 بالمئة، وتقدّر عددَ من هُجر من الفلسطينيين في سورية بنحو 150 ألف شخص، بينما ضعف هذا العدد نزح داخليًا، في الوقت الذي يستمر التضييق عليهم؛ بهدف دفعهم إلى الخروج من البلاد.

من جهة ثانية، اعتبر الناشط باسل أبو عمر أن “معظم الإحصاءات غير دقيقة. تقديراتنا نحن -الناشطين- على الأرض أن أكثر من 50 بالمئة من فلسطينيي سورية هم الآن مهجرون، سواء داخليًا أو خارجيًا، وباعتقادي، الأهمُّ هو المؤشرات السياسية التي تؤكد أن أي تسوية للقضية الفلسطينية لم تعد تأخذ ملف اللاجئين، كأحد نقاط الحل النهائي، كما نص (أوسلو)”.

وقال خلال حديث لـ (جيرون): إن “القيادة الفلسطينية الآن -في كل تصريحاتها- تتحدث عن حل الدولتين، مصير القدس، الترتيبات الأمنية وغيرها، وتلتزم الصمت حيال قضية اللاجئين، بل أكثر من ذلك؛ محمود عباس لعب أدوارًا في قضايا شديدة التعقيد في سورية، ولكنه لم يبادر بشكل جدي، لإيجاد مخرج لمأساة مخيم اليرموك المتواصلة منذ أكثر من 4 سنوات”، وعقب بالقول: “باختصار؛ قيادتنا أكثر الأطراف ارتياحًا للخلاص من ملفنا”.

أكد أبو عمر أن “هناك مشاريع سياسية تُعدّ -الآن- لهذه القضية، وليس مصادفة أن يعاد الحديث، في الآونة الأخيرة، عن المشروع الكندي الخاص باستضافة اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها”، موضحًا أن “هذا المشروع طُوي منذ ولادته، إبان محادثات مدريد عام 1991. لكن كيف ستنتهي الحال في هذه القضية، وهل ما تزال هناك إمكانات لتغيير مثل هذه المسارات الجارية، كل ذلك من الصعب الإجابة عليه الآن، لكننا نرى أن المنطقة ستشهد -على المدى القريب- نهاية لقضية اللاجئين الفلسطينيين التي شكلت، على مدار أكثر من سبعين عامًا، العنوانَ الأساس للصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.

تجدر الإشارة إلى أن (جيرون) حاولت الاتصال بأطراف من منظمة التحرير الفلسطينية، لأخذ رأيهم في هذه القضية؛ إلا أنها لم تتلق أي رد.




المصدر
جيرون