مستقبل الجنود الأطفال و”أشبال الخلافة”



عرض الأمين العام للأمم المتحدة في 2016، على مجلس الأمن، تقريرًا بشأن الأطفال في النزاعات المسلحة، لافتًا إلى أن تجنيد الأطفال للقتال في سورية صار “أمرًا شائعًا”، علمًا بأن تجنيد الأطفال، استنادًا إلى القانون الإنساني الدولي العرفي ونظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، يُعدّ جريمةَ حرب[1].

والسؤال هنا: ما مصير هؤلاء الأطفال بعد انتهاء الحرب؟

ما مصير الجنود الأطفال، ولا سيّما الأطفال الذين جندتهم (داعش)، وأُطلق عليهم وصف “أشبال الخلافة”، بعد دحر تنظيم الدولة؟ سؤال يُطرح حاليًا في الأوساط الشعبية والسياسية والاجتماعية وعلى شاشات التلفاز، وتناقشه الصحف والمؤتمرات.

يتساءل الكثيرون عن مصير هؤلاء الأطفال، ويطرحون عدة سيناريوهات ما بعد سقوط (داعش). يناقشون مستقبل الأطفال الذين وُلدوا وتربوا في كنف (داعش)، من دون أوراق أو وثائق رسمية تثبت نسبهم، وأولئك الذين نشؤوا -عقائديًا وعسكريًا- ليتحولوا إلى مقاتلين صغار منتمين إلى التنظيم ومتشبعين بأفكاره.

الخوف من أطفال الخلافة (قنابل موقوتة)

حذرت وكالة تطبيق القانون الأوروبية (اليوروبول)، في تقريرها السنوي حول وضع الإرهاب واتجاهاته في الاتحاد الأوروبي، من أن أطفال المقاتلين الأجانب الذين يعيشون تحت حكم (داعش) في العراق وسورية، يشكلون “تهديدًا كبيرًا”. وذكر التقرير أنهم يتأثرون بحملة التلقين التي يجريها التنظيم، ويتم تدريبهم ليصبحوا “الجيل التالي” من الإرهابيين. وأشار التقرير إلى أن “(داعش) غالبًا ما أظهرت -في حملاتها الدعائية- أنها تدرب هؤلاء القاصرين؛ ليصبحوا الجيل الجديد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب؛ الأمر الذي يشكل تهديدًا أمنيًا مستقبليًا للدول الأعضاء”. قال المدعي العام البلجيكي فريديريك فان لوف: “سبق أن اتصل أشخاص بالسفارات، ليتمكنوا من العودة، أغلبهم نساء وأطفال”، مشددًا على الحاجة إلى آليات مناسبة للتعامل مع عودة القاصرين “الذين تربّوا على العنف”. وتخشى أجهزة مكافحة الإرهاب أن يصبح هؤلاء الأطفال -سواء الذين جُندوا بالقوة أو بإيعاز والدَين جهاديين- “قنابل موقوتة حقيقية”، بحسب قول المدعي الفرنسي فرنسوا مولانس.

كما تتزايد المخاوف في العديد من الدول التي ترى في هؤلاء الأطفال تهديدًا أمنيًا مستقبليًا، حيث تخشى إمكانية قيامهم بتنفيذ عمليات إرهابية، في حال عودتهم إلى بلادهم، بخاصة أنهم يحملون جنسيات ذويهم من المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم؛ وقد أدى ذلك إلى وجود مطالبات عديدة، بوضع برامج تأهيل وإعداد للتعامل مع الأطفال العائدين من (داعش).

ما هي الأعداد الحقيقية لأشبال الخلافة؟

لا توجد أرقام دقيقة عن عدد الأطفال الجنود في صفوف (داعش)، ويكاد يكون من المستحيل تحديد أعداد هؤلاء الأطفال، بل إن الأمم المتحدة نفسها لم تعد تعطي أرقامًا دقيقة لهم. وبحسب (نيك سكاربورو)، المسؤول الإداري للمنظمة الدولية المعنية بقضايا الأطفال المجندين، فإن “كل الأرقام التي نذكرها هي مجرد تقديرات، بل إن التقديرات ليست متاحة في جميع حالات الصراع”. وقد وثق مركز (المستقبل) للأبحاث والدراسات المتقدمة بعض أعداد الأطفال المقاتلين، كما يلي في دراسة عن أشبال الخلافه[2]:

وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان أن هناك “أكثر من 1100 طفل انتموا إلى ما يعرف بـ “أشبال الخلافة”، منذ مطلع العام 2015 وحتى مطلع شهر تموز/ يوليو، بعد تجنيدهم عبر مكاتب افتتحها التنظيم في مناطق سيطرته” في سورية. كشف معهد أبحاث التطرف (كيليام) في لندن، في عام 2016، أن هناك 31 ألف سيدة حملت، داخل مناطق سيطرة تنظيم (داعش) في العراق وسورية وليبيا، خلال الفترة 2015 -2016. وأفاد المعهد بأن عدد أطفال (داعش) من ذوي الجنسية البريطانية قد بلغ نحو 50 طفلًا. رصدت الأجهزة الأمنية الفرنسية ما يزيد على 450 طفلًا، وُلدوا من آباء فرنسيين، في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم (داعش)، ويُقدّر عدد آبائهم بنحو 750 مقاتلًا. أفاد تقرير صادر عن مركز مكافحة الإرهاب التابع للجيش الأميركي، في (ويست بوينت) في 2016، أن نحو 89 طفلًا وصبيًا، تراوح أعمارهم بين 8 و18 سنة لقوا حتفهم في معارك لتنظيم (داعش) في 2016. كشف تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة، 2016، أن عدد أطفال (داعش)، في مدينة الموصل خلال عام 2015، تراوح بين 800 و900 طفل. تؤكد مصادر التنظيم عن استقبالها نحو 4500 “شبل متطوع”، خلال عام ونصف العام من حكم التنظيم لنينوى وأجزاء واسعة من غرب العراق. ووثقت دراسة لمركز مكافحة الإرهاب مشاركة 16 جنسية لأطفال في عمليات انتحارية، وكان أكثرهم أطفال من السوريين والعراقيين واليمنيين والمغربيين، إضافة إلى جنسيات أخرى كما يبين الشكل التالي[3]:

كيف يتم تجنيد الأطفال؟

تحدد الكثير من الدراسات[4] الآليات التي تمّ فيها تجنيد الأطفال، وتتمثل هذه المصادر في أبناء المقاتلين في صفوف (داعش)، وأبناء أسرى التنظيم، والأطفال المشردون واليتامى الذين يفتقرون إلى المأوى، حيث يتم تجنيدهم من خلال توفير مأوى بديل وإغرائهم بالهدايا، وإشباع احتياجاتهم المختلفة، إضافة إلى  شراء الأطفال من ذويهم بمقابل مادي، وهو ما يقوم به تنظيم (داعش) مع العديد من الأسر التي تفتقر إلى المال وسُبل المعيشة، بسبب الحروب والصراعات، حيث يقوم بدفع مقابل مادي مجزٍ للأسر مقابل السماح لأطفالهم بالالتحاق بصفوف التنظيم.

يتم تأهيل هؤلاء الأطفال عسكريًا، ويتم تجنيدهم وفق مرحلتين (المرحلة الشرعية لفئات الأعمار من 5 إلى 10 سنوات) يتم تدريبهم على الأمور العقائدية إضافة إلى المناهج التعليمية التي تبث أفكار التنظيم، يتم فيها تحضير الأطفال نفسيًا، من خلال عمليات الـتأثير النفسي للسيطرة عليهم. ثم تأتي (مرحلة التأهيل والتدريب والتجنيد العسكري) حيث يتم تدريب الأطفال عسكريًا على استعمال الأسلحة وخوض المعارك والاشتباكات، وتصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة، ونصب الكمائن وتنفيذ عمليات الاقتحام، والتخطيط والقيادة.

بحسب ما تمّ التأكيد عليه، في تقرير الأمم المتحدة عن أثر النزاع المسلح على الأطفال (دراسة ماشيل، 1996)، فإن الأطفال المرتبطين بالقوات المسلحة أو الجماعات المسلحة يتعرضون لعنف هائل ويضطرون غالبًا إلى مشاهدة وارتكاب أعمال العنف، ويتعرضون للإيذاء أو الاستغلال أو الإصابة أو القتل. ويحرمهم هذا الوضع من حقوقهم، وتصاحبه غالبًا عواقب جسدية ونفسية قاسية.[5]

معسكرات التدريب

يقوم تنظيم الدولة بإنشاء معسكرات لتدريب الأطفال، حيث أفادت تقارير لجنة مكافحة الإرهاب في هولندا؛ أن تنظيم (داعش) قام بإنشاء معسكرات تتسم بتنظيم عال، معدة خصيصًا لتدريب الأطفال، وتهيئتهم نفسيًا وجسديًا لخوض غمار الحرب. وأوردت الصحيفة، بحسب بعض الخبراء، أن الأطفال يتمتعون بحماسة كبيرة مقارنة بالبالغين، ولذلك يستغل التنظيم هذا العامل لتجنيدهم للقتال. وأضافت: “في معسكرات التدريب الخاصة بالتنظيم، هناك نظام كامل من المكافآت؛ لتحفيز الأطفال وتشجيعهم حتى يواصلوا التدريب ويتفوقوا على أقرانهم”. وفي هذا الإطار؛ صرح أحدُ “أشبال الخلافة” بأنه “يتم تنظيم مسابقات داخل هذه المعسكرات، يشارك فيها الأطفال، وتكون الجائزة أن تتاح للفائز فرصة أن يصبح انتحاريًا”.

لا تخرّج معسكرات التدريب بالضرورة مقاتلين، إذ إن كثيرًا من أولئك الصغار يتولون مهمات استخبارية لمصلحة (داعش)، ويُطلق عليهم اسم “العيون”.

كيف سيُعالج هذا الخطر الذي يلوح في الأفق؟ هل يمكن قتل الأطفال أو اعتقالهم؟

من العنوان؛ نجد أن قتل الأطفال عمليه وحشية وغير إنسانية وغير قانونية، وتُعدّ انتهاكًا جسيمًا لحقوق الطفل قد تصل إلى جريمة حرب. وعلى الرغم من وحشية تصور هذا الاقتراح الدموي؛ إلا أن هناك بعض الصحف التي اعتبرت “قتلهم هو أحد الاحتمالات القاتمة، قتل أكبر عدد ممكن من الجنود الأطفال في ميدان المعركة”[6].

يقترح البعض إنشاء سجون خاصة للأطفال الجنود (غوانتانامو) للأطفال! وهو اقتراح مثير للسخرية الإنسانية، فبعد النضال لإغلاق (غوانتانامو) الكبار، يقترحون (غوانتانامو) للأطفال! ولكن بالتأكيد ليس هذا حلًّا يعالج المشكلة؛ ذلك أن خبرة التاريخ تقول إن ذلك سيحوِّل السجون إلى أرض خصبة لتكاثر الجيل القادم من المتشددين. فمثلًا يوجد في العراق نحو 2.000 صبي[7] يقبعون في السجون، متهمين بالعمل مع (داعش). وتتسم مراكز الاعتقال هذه بسوء التجهيز للتعامل مع الصغار المتطرفين. وبعيدًا عن تلقي عناية متخصصة، يقول الأطفال المعتقلون الذين قابلتهم مجموعات حقوق الإنسان: إن قوات الأمن العراقية قامت بتعذيبهم. إن تعرّض هؤلاء الأطفال للإيذاء والعنف الجسدي والنفسي؛ سيكون عاملًا في تحولّهم فعليًا إلى إرهابيين، عندما يكبرون، بسبب العنف والتعذيب الذي عاشوه.

يجب حماية حقوق الأطفال

بالرغم من حظر القانون الدولي الإنساني لمشاركة الأطفال في النزاعات، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك؛ لذلك يتمتع الأطفال المقاتلين بحماية خاصة كفلها لهم البروتوكول[8] الدولي بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، حيث ينص بهذا الخصوص على أنه: “إذا حدث، في حالات استثنائية، أن اشترك الأطفال، ممن لم يبلغوا بعدُ سن الخامسة عشرة، في الأعمال العدائية بصورة مباشرة، ووقعوا في قبضة الخصم؛ فإنهم يظلون مستفيدين من الحماية الخاصة التي تكلفها هذه المادة، سواء أكانوا أسرى حرب أم لم يكونوا”. فلا يجب إدانة الأطفال المقاتلين دون الخامسة عشرة الذين اعتقلوا، لمجرد أنهم حملوا السلاح، ولا يتحملون أي مسؤولية، نتيجة مشاركتهم في الأعمال العدائية، وتقع المسؤولية في هذه الحالة -وفق (البروتوكول)- على عاتق الطرف المشارك في النزاع الذي جند هؤلاء الأطفال.

لكن الحماية العامة والخاصة القانونية للأطفال المقاتلين، لا تمنع من تطبيق الأحكام الجنائية عن المخالفات الجسيمة التي يرتكبها هؤلاء الأطفال، والمخالفة لأحكام القانون الدولي الإنساني، ولا سيّما جرائم الحرب، أو المخالفات التي تخل بالقانون الوطني للدولة الحاجزة؛ لكن مع تقدير مسؤولياتهم حسب أعمارهم، وعمومًا تُتخَذ في حقهم إجراءات تربوية، مع إمكانية فرض عقوبات جنائية، وفقًا لضمانات قضائية، أهمها عدم تطبيق حكم الإعدام بحق الأطفال دون الثامنة عشر. فلا يجوز معاملة الطفل المجند كالمجرم البالغ، فالطفل -بسبب طبيعة تكوينه العقلي والجسدي الذي لم يكتمل بعد- يستلزم معاملة خاصة، تستهدف تأهيله وإصلاحه، فمرحلة الحداثة تتدرج من حيث المسؤولية إلى عدة مراحل، بحيث تطبق في كل مرحلة الإجراءات التي تتناسب معها. وبصرف النظر عن كيفية تجنيد الأطفال، وعن الأدوار التي توكَل إليهم، فالأطفال الجنود هم ضحايا، فيما تؤدّي مشاركتهم في النزاع إلى آثار مترتبة خطرة، بالنسبة إلى صحتهم الجسمية والنفسية. وغالبًا ما يكونون خاضعين لضروب الأذى، ومعظمهم يواجهون الموت والقتل والعنف الجنسي بل إن كثيرًا منهم يُجبَرون على ارتكاب هذه المجازر لدرجة أن بعضهم يعاني من آثار سيكولوجية خطيرة، في الأجل الطويل؛ ومن ثم فإن عملية إعادة دمج هؤلاء الأطفال تمثل أمرًا بالغ التعقيد.

من المبادرات المهمة الأخرى، على المستوى السياسي، الالتزام الراسخ الذي أعربت عنه 78 دولة، من بينها عدد من البلدان متأثرة بالصراعات، بالتقيد بالتزامات باريس وبالمبادئ والمبادئ التوجيهية بشأن حماية الأطفال المرتبطين بقوات أو بجماعات مسلحة. وقد قام الأمين العام بان كي مون، عام 2012، بتعيين السيدة ليلى زروقي ممثلة خاصة للأمين العام معنية بالأطفال والنزاع المسلح. وتعمل، بهذه الصفة، لأنها داعية مستقلة للتوعية وإعطاء أهمية قصوى لحقوق وحماية الأولاد والفتيات المتضررين من النزاعات المسلحة. وتقدم ممثلة الأمين العام تقريرًا سنويًا بشأن الأطفال في النزاعات المسلحة. ويطلب مجلس الأمن من أطراف النزاعات التي ترد ضمن التقرير السنوي أن تضع خطط العمل اللازمة للتصدي للانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها الأطفال. وهذه الالتزامات الخطية والموقَّعة تمثل خطوة تؤدي إلى حمل الجناة على الامتثال للقانون الدولي وأداة لحماية الأطفال من ضروب الأذى الذي يلحق بهم في الحاضر والمستقبل، كما أنها ترسم معالم أنشطة عملية المنحى، ومنضبطة زمنيًا يتعيَّن على أي طرف أن يقوم بها، حتى لا تضمه هذه القائمة.

وقد قامت (يونيسف) بدعم خطة عمل وطنية للتعامل مع الأطفال ضحايا التجنيد في سورية والذين تم إشراكهم في الأعمال القتالية، وتتضمن خطة العمل الأولويات التالية:

سد الثغرات القانونية لمنع جميع أشكال تجنيد الأطفال، وتنظيم إعادة تأهيل الأطفال ضحايا التجنيد؛ من أجل إعادة إدماجهم في المجتمع. بناء قدرات العاملين في مجال رعاية وحماية الأطفال وتوحيد جهودهم في سبيل إعادة تأهيل الأطفال الذين تم تجنيدهم وإشراكهم بالأعمال القتالية؛ لإعادة إدماجهم في المجتمع ليشاركوا في إعادة الإعمار. وضع برنامج عمل واقتراح أدلة وتدريب (قضاة، محامين، شرطة، مقدمي خدمات في مراكز الحماية)، لإعادة تأهيل الأطفال الذين تم تجنيدهم وإشراكهم في الأعمال القتالية. اتخاذ إجراءات تعافي سليمة مع الأطفال الذين تم تجنيدهم وإشراكهم في الأعمال القتالية، يشمل الدعم القانوني وإتاحة التعليم والتدريب المهني. تخصيص مركز أو أكثر وإعادة تأهيله، ليكون نموذجًا للتعامل مع الأطفال الذين سبق تجنيدهم وإشراكهم في الأعمال القتالية مع مراعاة الأطفال من ذوي الإعاقة الخاصة والفتيات. اتخاذ تدابير خاصة لتلبية احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة مع التأكيد على الفتيات واحتياجاتهن. رفع وعي المجتمع بظاهرة تجنيد الأطفال وإشراكهم في الاعمال القتالية، وما ينجم عنها من مخاطر وآثار سلبية. الاستفادة من المصالحات الوطنية، بالاشتراك مع الفاعليات الرسمية والاجتماعية للوصول إلى معلومات موثوقة عن الأطفال الذين تم تجنيدهم وإشراكهم في الأعمال القتالية؛ لتشميلهم بالخطة الوطنية بهدف حمايتهم. وضع نظام لإدارة المعلومات، بشكل يؤكد على سرية هذه المعلومات في وحدة حماية الأسرة.

إعادة تأهيل الجنود الأطفال وإعادة إدماجهم

نجد مما سبق أن هذا الخيار اكتسب أهمية ملحة الآن، ليس فقط إزاء إعادة تأهيل الأطفال الجنود، بل أيضًا نحو إعادة دمج ما يقرب من مليوني طفل، كانوا يخضعون لنفوذ التنظيم في المدارس التي كان يديرها (داعش). ومع قرب هزيمة التنظيم، تطل التساؤلات عن كيفية إعادة دمج العدد الضخم من الأطفال الذين ظلوا تحت نفوذه لعامين أو أكثر، إلى جانب القضية الأصعب المتمثلة في إعادة تأهيل “الأشبال”.

علينا العمل على الابتعاد -ما أمكن- عن النموذج التقليدي للجنود الأطفال الذين تعمل معهم وكالات حماية الطفل وبخاصة أنه لا يعالج بشكل ملائم التلقين الديني أو السياسي المهم الذي يستخدمه تنظيم الدولة. فقد تميل البرامج التقليدية إلى التركيز على الاحتياجات الصحية البدنية المباشرة. فهناك ضرورة لإجراء تقييم الوضع والاحتياجات الفريدة لكل طفل؛ بهدف إعادة الإدماج الناجح والآمن. كما أن هناك حاجة إلى “بناء إجراءات إعادة التعليم التي تركز على تفكيك صدقية أيديولوجية “الدولة الإسلامية”، والاستعاضة عن هذه الروايات ببدائل إيجابية.

إن عملية إعادة تأهيل الأطفال الجنود ستتطلب مستوى عاليًا من التنسيق والإبداع، لم يشهده -حتى الآن- أي برنامج لنزع التطرف؛ وهو يتطلب نهجًا متعددَ الأوجه يعالج الصدمة النفسية التي تعرّض لها الأطفال. إن موضوع الأطفال المجندين من قِبل (داعش) لا تتطرق إليه العديد من المنظمات الدولية والمانحين، وهناك خطورة حقيقية؛ لكوننا فيما بعد (داعش) سنجابه معركة جديدة، تتمثل في مواجهة الفكر المتشدد والعنف الذي زرعه (داعش) في أدمغة الأطفال. ولعل المشكلة الأبرز التي سيواجهها المجتمع الدولي، في مرحلة ما بعد (داعش)، هي وجود جيش من الأطفال الذين تعرضوا، خلال أكثر من عامين من سيطرة التنظيم على مدنهم، إلى عمليات غسيل الدماغ وزراعة الفكر المتشدد في مخيلتهم، وتدريبهم على تنفيذ أعمال العنف. وكما أن الخطرَ الذي يشكله التنظيم والجماعات الشبيهة به عالمي؛ فإن الرد على تحدي إعادة التأهيل ينبغي أيضًا أن يكون عالميًا في تعبئة الأموال والخبرات، وإلا؛ فإننا سنكون سببًا في ميلاد جيل آخر من الإرهاب.

[1] تقرير الأمين العام للأمم المتحدة: الأطفال والنزاع المسلح

http://www.un.org/ga/search/view_doc.asp?symbol=A/70/836&Lang=A&Area=UNDOC

[2] آليات مزدوجة: سُبل التعامل مع “أشبال الخلافة” في مرحلة ما بعد “داعش، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة

https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/2641/%D8%A2%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B2%D8%AF%D9%88%D8%AC%D8%A9-%D8

[3] Depictions of Children and Youth in the Islamic State’s Martyrdom .

https://ctc.usma.edu/posts/depictions-of-children-and-youth-in-the-islamic-states-martyrdom-propaganda-2015-2016

[4] تجنيد الأطفال | من مكتب الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال …https://childrenandarmedconflict.un.org/ar/%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9/%D8%A3%D8%AC%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%83%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84/

[5] From Cubs to Lions: A Six Stage Model of Child Socialization into the Islamic State

http://www.radicalisationresearch.org/research/horgan-2016-cubs-to-lions/

[6] Tomorrow’s lions?

What to do with Islamic State’s child soldiers

https://www.economist.com/news/middle-east-and-africa/21723416-cubs-caliphate-are-growing-up-what-do-islamic-states-child

[7] “أشبال الخلافة يكبرون”: ما العمل مع جنود “داعش” الأطفال؟

http://www.alghad.com/articles/1693662-%D8%A3%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A

[8] البروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة الملحق باتفاقية حقوق الطفل

https://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5ynhwu.htm




المصدر
شذى ظافر الجندي