الفنانة هالة شكري القوتلي: “مسيرة في رحاب الفن التشكيلي”  (لوحات عابرة للأرشفة وذاكرة التوثيق)



نحن أمام ألبوم يحمل عنوان (مسيرة في رحاب الفن التشكيلي) المصوّر، والذي طبعته الفنانة على نفقتها، وصدر في طبعته الأولى عام 2016، ويحتوي صورًا أنيقة ومُخرجة بعناية ملحوظة. يضم الألبوم مجموعة مختارة من لوحات الفنانة التشكيلية السورية هالة شكري القوتلي تكريسًا وحصادًا لتجربتها الفنية التشكيلية، كنوع من الأرشفة والتوثيق والتعريف بنماذج من فنها. هي لفتة ضرورية ومهمة في أزمنة التيه العربي، وفورة فنون ما بعد الحداثة الشيئية غير التشخيصية، والتي أصابت الفنون التشكيلية العربية بمقتل. وهي فرصة وفسحة تشكيلية لفنانة، رغبت في أن تكون لها مكانة في مساحات التشكيل السوري المعاصر، تُمكنّها من فتح كوة ثقافية تفاعلية مع جمهور افتراضي من ذوي الاهتمام والتخصص.

هالة القوتلي فنانة لم تلق الاهتمام الكافي واللائق، من إعلام بلدها وصحافته وكتّابه، حتى إنها وأعمالها ولوحاتها غير معروفة، عند كثير من أجيال الفنانات والفنانين التشكيليين السوريين. وهذا الألبوم/ الكتاب يشكل مبادرة شخصية للتعريف بأعمالها.

الجدير بالذكر أن الفنانة هالة القوتلي تنتمي إلى جيل التيارات المدرسية الأكاديمية، من كلاسيكية وواقعية في الفن، وهي من المتخرجات الأوائل من قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، الحافلة ذاكرتهن بمشاهد ومرئيات جميلة مرتبطة بمحيطها الاجتماعي الأسري والمديني، في سياق ترجمات حسية حميمية لأمكنة وشخوص، والمفتوحة على جماليات الطبيعة الخلوية والصامتة والإنسان.

كتابها “الألبوم” هو من القطع الكبير (A4)، يحتضن في طياته نحو 59 لوحة تصويرية موزعة، حسب تقنياتها بنحو 28 لوحة زيتية، ونحو 31 لوحة “إكرليك” فيها ما فيها من جماليات الذاكرة البصرية السورية للأمكنة التي عاشت فيها. تلك التي تربطها بوشائج ود ومحبة وعاطفة صادقة في توليفات أوصافها التعبيرية، وواقعية اللقطات التعبيرية التصويرية، ومفاتن البنية الشكلية والتكونية الموزعة اشتغالًا تقليديًا ومدرسيًا وحداثيًا، والمتوافقة ومراحل اشتغالها وأزمنتها المعايشة.

لوحاتها المأخوذة بمناظر طبيعية وخلوية وصامتة، متناسلة من مدينتها دمشق العريقة التي ولدت في أحضان بيوتها القديمة التي عايشتها ورافقتها، طوال سنين يفاعتها وشبابها. كما دونت ريشتها الرهيفة مناظرَ تصويرية مستوحاة من مدن سورية متعددة، لها مكانة وخصوصية، تلائم اهتمامها الشخصي وذاكرتها البصرية التسجيلية. لوحاتها المسرودة موزعة ما بين اللمسات الواقعية، والواقعية التعبيرية المتشحة في مسحة تصويرية من انطباعية ورمزية، وبالتجريد المكاني لبنائية التكوين المؤتلفة من متواليات السطوح والعمائر الهندسية التراثية المتداخلة والمستعارة من البلدات القديمة، سواء في دمشق أو دبي. تفوح منها حيوية اللون وحركيته وتجانسه، في رسم جماليات الطبيعة والكائنات الحية والبشر.

ثمة لوحات توثّق الذاكرة البصرية السورية المُجسدة بشخوص من أفراد عائلتها الصغيرة والوطنية الكبيرة، مُستلهمة من شخوص مختارين من دائرة معارفها وذويها، يتقدمها لوحات تصويرية لوالدها الرئيس الراحل شكري القوتلي، في أكثر من صورة وموقف ومكان. فضلًا عن مجموعة من الساسة والمناضلين في الحركة الوطنية، في فترة ماجدة من تاريخ سورية.

نجد أيضًا، في ألبومها المصور، مُتسعًا لشعورها القومي الموصول بفلسطين الشعب والقضية، وحضورًا في لوحاتها، من خلال ثلاث لوحات معبرة عن مدينة القدس، لأهميتها وخصوصيتها ومكانتها كمدينة، تظهر من خلالها حقيقة حسها القومي المنتمي والمنحاز إلى قضيتها العادلة، وإلى عروبتها وما تجسده في الوجدان الشعبي العربي والإنساني.

كما يشتمل كتابها “الألبوم” على مجموعة من اللوحات التصويرية، لأماكن إقامتها الحالية في دولة الإمارات العربية، ناقلة لمسات تصويرية في طريقة لحمتها البنائية، وهندسة عمارتها التصويرية المتسعة لرقص المساحات الملونة وغواية الخطوط المتناغمة، مع جودة اللقطة وحسن التكوينات المتناثرة لعمائر بنيتها التشكيلية.

كتاب “الألبوم”، للفنانة هالة شكري القوتلي، يُعدّ وثيقة تشكيلية مهمة، وشاهدًا على مرحلة زمنية، عاشتها الفنانة وعايشت تفاصيلها، في ظلال الزمن السوري الجميل.

مقتبسات من سيرة الفنانة الشخصية:

* الفنانة هالة شكري القوتلي من مواليد مدينة دمشق.

* 1961 أقامت معرضًا شخصيًا لها في المركز الثقافي بدمشق.

* 1962 درست في أكاديمية روما للفنون الجميلة سنة واحدة.

* 1963 أكملت دراستها في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق.

* 1965 حصلت على شهادة بكالوريوس من كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق.

* 1965 أقامت معرضًا شخصيًا لها في غاليري “فينيسيا” بمدينة بيروت.

* 1968 أقامت معرضًا شخصيًا في غاليري “فينيسيا” ببيروت، تخليدًا لذكرى والدها شكري القوتلي.

* 1971 أقامت معرضًا شخصيًا لها في فندق كارلتون بدبي.

* 1976 أقامت معرضًا شخصيًا في فندق شيراتون بدبي.

* 1979 أقامت معرضًا شخصيًا في غاليري دروانت في مدينة باريس.

* 1991 أقامت معرضًا مشتركًا مع فنانين سوريين في غاليري روشان في مدينة لندن.

* 1995 أقامت معرضًا مشتركًا مع فنانات عربيات في نادي الأردن بعمان.

* 1996 أقامت معرضًا شخصيًا في جاليري دار التصميم الداخلي بدبي.

* 2001-2013 أقامت معارض مشتركة بمدينة دبي.




المصدر
عبد الله أبو راشد