‘“التعدد الوظيفي” يُغضب أهالي تلبيسة’

26 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
6 minutes

في رد فعل هو الأول من نوعه في سوريا، ندد متظاهرون بمدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، بتفشي ظاهرة التعدد الوظيفي للشخص الواحد، متهمين بعض منظمات المجتمع المدني الناشطة في المدينة بالفساد واعتمادها على المحسوبيات كمعيار وظيفي بدل الاعتماد على المؤهلات العلمية والخبرات العملية.

وفي التفاصيل، تظاهر العشرات من أهالي المدينة، الأسبوع الماضي، أمام مقر المجلس المحلي في المدينة، رفضاً لظاهرة التعدد الوظيفي (أكثر من وظيفة لشخص واحد) في المنظمات وفي المكاتب المحلية الثورية.

وطالب المتظاهرون المنظمات بإرسال قوائم بأسماء الموظفين لديها كخطوة أولى في سبيل الحد من انتشار من هذه الظاهرة، في الوقت الذي تعاني فيه تلبيسة من أوضاع اقتصادية متردية، ناجمة عن الحصار الذي تفرضه قوات النظام على المدينة وعلى المناطق المجاورة في ريف حمص الشمالي.

انتشار ملحوظ

ويشتكي أهالي تلبيسة، من انتشار ملحوظ  لظاهرة التعدد الوظيفي، في حين يعاني غالبية الشباب من عدم تواجد فرص عمل وخصوصاً خريجي الجامعات منهم.

وقال الناشط الإعلامي محمد طه، من مدينة تلبيسة، إن غالبية المنظمات والجمعيات الخيرية تتنقي كوادرها بناءاً على القرابة والعلاقات الشخصية والمصلحة، دون النظر إلى مؤهلات الشخص الذي يتم توظيفه.

وأصاف لـ “صدى الشام” أنه لم يبقَ أمام الشباب المؤهل الباحث عن العمل إلا التظاهر على أمل أن يحقق نتيجة ما.

وكمثال على انتشار ظاهرة التعدد الوظيفي، أكد طه أنه على معرفة شخصية بموظف يعمل لصالح جهتين مختلفتين، إلى جانب عمله الرئيسي في مكتب التربية في المدينة.

واستدرك قائلاً “لكن هذا لا يعني أن هذه الظاهرة منتشرة بشكل كبير، لأن الوظائف محدودة أساساً”.

أعداد محدودة

وفيما قدرت وسائل إعلام محلية عدد الذين يشغلون أكثر من وظيفة في ريف حمص الشمالي بحوالي 700 موظف، اعتبر رئيس المجلس المحلي في تلبيسة، نضال دير بعلباوي، أن الحديث عن انتشار واسع لظاهرة التعدد الوظيفي في ريف حمص الشمالي “أمر مبالغ فيه”، مؤكداً أن العدد في تلبيسة يكاد لا يتجاوز العشر حالات في كل المدينة.

وقال لـ”صدى الشام”، وهو المكلف حديثاً برئاسة المجلس، “إن الظاهرة موجودة بالفعل، والمجلس بدأ فعلياً في التعامل الجدي مع هذه الحالات على قلتها”.

وحمّل رئيس مجلس تلبيسة المحلي، مجلس محافظة حمص الحرة، مسؤولية الفوضى التي تعاني منها المجالس المحلية في ريف حمص الشمالي، وقال “لو كان المجلس قائماً بأعماله كما يجب لما عانينا من كل هذه الإشكاليات، لأن المجلس قادر على جمع المعلومات من كل المنظمات”.

صعوبات

تنص النظم الداخلية لبعض المنظمات على عدم الكشف عن أسماء موظفيها الذين يعملون في مناطق النزاعات، لضرورات أمنية، وحرصاً من إدارة المنظمة على عدم تعريض الموظف للخطر.

وفي هذا السياق، أكد دير بعلباوي أن المجلس بصدد مطالبة المنظمات والجمعيات بلوائح بأسماء الموظفين من تلبيسة، وأشار بالمقابل إلى احتمال عدم تجاوب بعض المنظمات مع طلب المجلس، بسبب تعارض هذا الطلب مع القوانين المتبعة في المنظمة.

وقال “إن ضبط هذا الأمر ليس بالأمر السهل”، مشدداً على جدية المجلس في معالجة هذه الظاهرة التي تؤرق الأهالي، وخصوصاً من يعانون من البطالة.

أسباب الغضب

من جانب آخر، تحدث دير بعلباوي عن مساهمة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أهالي تلبيسة في زيادة الغضب من ظاهرة التعدد الوظيفي.

وإلى جانب الفقر التي يعاني منها السكان، عزا رئيس مجلس تلبيسة المحلي تظاهرات الأهالي إلى ما وصفها بـ”العشوائية” التي تسيطر على عمل بعض المنظمات.

ورأى أنه من الضروري أن يكون المجلس المحلي مشرفاً على المشاريع الخدمية التي تنفذها منظمات المجتمع المدني، وكذلك على المشاريع الإغاثية التي تنفذها الجمعيات الخيرية.

واختتم دير بعلباوي حديثه لـ”صدى الشام”، متمنياً على المنظمات توحيد العمل وتنسيقه فيما بينها عبر منصة المجلس المحلي، حتى يستفيد من خدماتها أكبر عدد ممكن من الأهالي.

ليست استثنائية

لا يبدو أن التعدد الوظيفي حكر على ريف حمص الشمالي، فهو منتشر في غالبية المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، التي تعاني من غياب الرقابة المؤسساتية.

ولغياب التنسيق فيما بين المنظمات التي تدار غالباً من خارج البلاد، وبين المؤسسات الخدمية والمجالس المحلية في الداخل، الدور الأكبر في هذا الخلل، الذي يتسبب بحرمان أشخاص من العمل، على حساب استفادة مضاعفة لآخرين.

وأبعد من ذلك كشف مصدر خاص لـ”صدى الشام”، عن وجود وظائف شبه وهمية، يتقاضى الموظف لقاءها أجراً بدون أن يقدم خدمات بالمطلق.

وقال المصدر العامل في إحدى منظمات المجتمع المدني، طالباً عدم الكشف عن اسمه، “من الطبيعي أن يجد ذلك الموظف وقتاً لوظيفة ثانية، وثالثة لربما، في ظل غياب الرقيب، والإجراءات التي تمنعه من ذلك”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]