السوريون في ألمانيا.. هل نجحت برلين في تحقيق الاندماج؟



توفر الحكومة الألمانية للاجئين السوريين عدةَ أنواع من المساعدات، منها تأمين السكن، وتقديم مبلغ شهري يغطي احتياجاتهم اليومية، والسماح لهم بلمّ شمل عائلاتهم، مع منحهم الإقامة الدائمة أو المؤقتة في البلاد. وبحسب الإحصاءات الرسمية، يوجد في ألمانيا نحو 400 ألف لاجئ سوري، ينتشرون في مختلف المدن والمقاطعات الألمانية.

قال المحامي مصطفى سليمان، وهو لاجئ يقيم مع عائلته، في مدينة (جوخ) في ولاية (شمال الراين)، لـ (جيرون): “توفر الحكومة لكل لاجئ مبلغًا ماليًا يصل إلى نحو 670 يورو شهريًا، متضمنًا تكاليف السكن، ويعدّ هذا المبلغ كافيًا لتغطية المصاريف الرئيسة من طعام ولباس”. مشيرًا إلى أن المجتمع الألماني “مُنفتح، وينشط فيه المجتمع المدني الذي يقدم مساعداته للاجئين”.

تهدف السياسة التي تتبعها الحكومة الألمانية، بالنسبة إلى اللاجئين -بحسب سليمان- إلى “تشجيع اللاجئين على الاندماج الاجتماعي؛ ليكونوا جزءًا من المجتمع الألماني، وتحفيزهم على الانخراط في سوق العمل، لتغطية العجز في التنمية الذي حذّر منه صندوق النقد الدولي، حيث أشار إلى أنّ على ألمانيا أن ترفع سن التقاعد، وتحّقق انخراطًا أكبر في سوق العمل، وإلا؛ فستتوقف عجلة التنمية”.

سجّل السوريون في ألمانيا تجاوبًا كبيرًا مع هذه السياسة الحكومية، وهم يتميزون عن غيرهم من اللاجئين الأفغان والأفارقة، ويعزو سليمان ذلك التميز إلى “الفارق في المستوى التعليمي والحضاري”.

افتُتحت محال ومطاعم سورية في مختلف المدن الألمانية، لكن السوريين -كما أوضح سليمان- “لم يشكلوا جالية ذات كيان حتى الآن، كما هو حالهم في مصر وتركيا، ولم يسجلوا -إلا نادرًا- حالات من التجمع والتكتل، بعكس الجالية التركية التي باتت تشكل في ألمانيا ثقلًا وكيانًا واضحين”.

أحمد. ع، لاجئ سوري، وصل إلى ألمانيا منذ عامين، أكدّ  لـ (جيرون) أن “الشباب السوري في ألمانيا يعيش استقرارًا اقتصاديًا، وأن كثيرًا منهم يرسل، من المعونة التي يحصل عليها من مكتب العمل، بعضَ المال إلى أهله في سورية، وإنْ لم يكن قد حصل على عمل بعد”.

وأضاف موضحًا: “الدخول في سوق العمل والاستغناء عن المعونة الممنوحة لغير العاملين، يساعد اللاجئ في تثبيت أقدامه في بلد اللجوء، وكسب احترام أهله، ويعزّز استقراره الاجتماعي والنفسي، لافتًا إلى “توفر فرص العمل المهنية بكثرة، إلا أن إتقان اللغة شرطٌ رئيس لمزاولة العمل”.

في السياق ذاته، أشار أحمد إلى أن “اللاجئ قد يصطدم بقوانين العمل والمؤهلات الواجب توافرها لدى العاملين، فعلى سبيل المثال، يحتاج عامل الكهرباء وميكانيكي السيارات في ألمانيا إلى شهادة مهنية، حتى يتمكن من ممارسة عمله، وتُمنح هذه الشهادة بعد إتمام تدريب مهني، يُشترط للالتحاق به إتقانُ اللغة، وينطبق ذلك على معظم الأعمال والمهن الأخرى”.

توفر الحكومة دورات اللغة لجميع اللاجئين مجانًا، ولكن لا يحق للاجئ الذي لم يحصل على الإقامة بعد، أن يسجل في المداراس المخصصة لتعليم اللغة، ويعاني اللاجئون من تأخر الإجراءات الخاصة بالإقامة، بسبب البيروقراطية، ويعلّل سليمان ذلك، بـ “الضغط الذي واجهته البلاد  منذ عام 2015، حيث استقبلت أكثر من مليون لاجئ”.

من جانب آخر، نبّه سليمان إلى مشكلة أخرى، تواجه السوريين في ألمانيا، وهي الاختلاف في نوع الإقامات الممنوحة، إذ إن “بعض السوريين حصلوا على إقامة لاجئ إنساني، لمدة 3 سنوات، والبعض الآخر حصل على إقامة حماية مدنية لمدة سنة واحدة، من دون الإفصاح عن المعايير الحقيقة لذلك التمييز”.

توفر الحكومة التعليمَ المجاني لأطفال اللاجئين، خلال المرحلة الابتدائية، التي تمتد حتى الصف الرابع، ولكنها “تُجبر الذين أتموا الابتدائية على الانخراط في المدارس المهنية التي يصعب بعدها الانتقال إلى التعليم الجامعي”، كما قال سليمان، وحذّر من “الانخراط غير القانوني في العمل بالنسبة إلى اللاجئين، أو ما يُعرف بالعمل (الأسود) بقصد التهرّب الضريبي؛ لأن ذلك سيفقدهم ميزات الحماية التي يضمنها القانون الألماني”.

من جانبه، أشار أحمد إلى أن “معظم اللاجئين السوريين يشتكون من غياب الاستقرار النفسي وصعوبة الاندماج مع المجتمع الجديد الذي يختلف كليًا عن المجتمع السوري، فضلًا عن القلق الذي يصيب مشتتي الشمل”. وأضاف: “يواجه الكثير من أرباب الأسر الذين قدِموا بمفردهم إلى ألمانيا مخاوفَ منعهم من لمّ شمل أسرهم مستقبلًا، وهذا الأمر هو موضوع جدل حاليًا، في دوائر القرار الألمانية”.




المصدر
سامر الأحمد