“حُبّ بلا حدود للاجئين” مشروع لدعم مواهب الأطفال



ترددت كايرا مارتينيز مضيفة الطيران الأميركية، كثيرًا -بحكم عملها- إلى اليونان، ومن ثمّ بدأت العمل التطوعي مع اللاجئين، بشكل رسمي، صيف عام 2015. في حديث لصحيفة (voice 0f America) ترجمَته (جيرون)، تصف مارتينيز مشاعرَها تجاه الأطفال في مراكز الإيواء، خلال أول زيارة لهم قائلةً: “كانت تلك المرة الأولى التي أرى فيها أطفالًا، بهذا الهدوء والرغبة في الحياة”.

تركز مارتينيز جهودَها ونشاطها الداعم للاجئين، في منطقة (نيو كافالا) شمال اليونان، وأصبحت الآن نقطة اتصال مهمة، بين العديد من الأسر المحتاجة والجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية المهتمة بشؤون اللاجئين، وهي تدير حاليًا مشروعًا لبيع رسومات الأطفال اللاجئين، وتستخدم الأموال، لدعم الأسر العالقة في اليونان.

قالت مارتينيز: “بدأت الفكرة، عندما أحضرتُ أقلامًا ملونة وأوراقًا بيضاء للأطفال، بهدف ملء وقتهم بأشياء مفيدة، ولاحظتُ أن هناك عددًا من الأطفال الموهوبين؛ فأخذتُ بعض اللوحات ووضعتها على صفحتي في (فيسبوك)، وخلال فترة وجيزة لاقت استحسانًا وانتشارًا كبيرين بين الناس، وبدؤوا بتناقلها، ومن هنا؛ جاءت فكرة بيع اللوحات، لتأمين دخل مادي لعائلات الأطفال”.

تجمع مارتينيز لوحات الأطفال، وتبيعها في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا، بحكم تنقلها خلال عملها، كمضيفة، وتراوح أسعار اللوحات بين 25 إلى 150 دولار، وعند عودتها إلى اليونان، تستخدم المال الذي جنته لمساعدة اللاجئين في المخيمات، من خلال منظمتها الجديدة التي أطلقت عليها اسم (حُبّ بلا حدود للاجئين)، ولفتت في هذا الشأن إلى أن “معظم اللوحات المباعة هي لأطفال، لا تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات”.

الرسم -كما ترى مارتينيز- هو وسيلة جيدة، لكي يُفرّغ الأطفال الطاقات والمشاعر التي يحملونها بداخلهم بسبب الحرب، وتضيف: “أنا أركز حقًا على ما يريد الأطفال رسمه، أكثر من إخبارهم بالأشياء التي يجب أن يرسموها، وأعتقد أن لديهم الكثير من المشاعر والصدمات النفسية، لذلك أنا أعطيهم كل الوقت، ليرسموا ما يشاؤون”.

نظمت مارتينيز مؤخرًا معرضًا صغيرًا في واشنطن، لعرض رسومات الأطفال اللاجئين، وكانت معظم اللوحات تجسّد المنازل المحروقة والمدمرة بسبب القصف، والعائلات الهاربة من الموت، وتحت كل لوحة، وضعت بطاقةَ تعريف بالطفل الذي رسمَها، وموجزًا عن قصته.

نياتي شاه، أحد زوار المعرض تحدث عنه قائلًا: “شاهدتُ كثيرًا من اللوحات لمبانٍ في سورية، تُقصَف بالقنابل والصواريخ. للأسف هذا ما يراه الأطفال في سورية بشكلٍ يومي، وعلى الرغم من أننا نرى هذا الدمار في الأخبار يوميًا، لكن رؤية تلك المشاهد مجسدة بلوحاتٍ، رسمها أطفال عايشوا هذا الواقع؛ تحرّك المشاعر الإنسانية أكثر”،  وأضاف: “بالمقابل، كانت هناك لوحات ملونة ومشرقة، تعبّر عن أمل هؤلاء الأطفال وتصوِّر حبّهم للحياة”.

تقول جولييتا جاكوبويسيز، التي زارت المعرض أيضًا: “من الجيد أن نكون في مكان ما، بحيث لا نرى الصور المأسوية للحرب فحسب، بل نعيش مشاعر الذين رأوها وصوروا بشاعتها بأشكال فنية. إنها طريقة أكثر إيجابية، وطريقة بناءة، للنظر إلى هذا الصراع من جانب إنساني، بعيدًا عن السياسة”.

باعت مارتينيز 122 قطعة فنية في ثلاث ساعات، أي نحو 60 في المئة من المجموعة التي جلبتها معها من اليونان، وحصلت على  مبلغ 17500 دولار، سيعود كله لدعم اللاجئين.

تعمل مارتينيز إضافة إلى توفير الدعم المالي للاجئين من خلال بيع لوحات الأطفال، على تعليم اللاجئين كيفية صنع المجوهرات وملابس الأطفال، حتى لا يضطروا إلى الاعتماد على الخدمات الحكومية والمنظمات غير الحكومية المتقلبة، وأوضحت، في هذا الجانب، بعض ما يعانيه اللاجئون، بقولها: “إنهم متعبون حقًا من الاضطرار إلى طلب كل شيء، فضلًا عن شعورهم بالخيبة، عند عدم الاستجابة لطلبهم من الحكومة اليونانية أو المنظمات الدولية”.

وصل مئات الآلاف من اللاجئين إلى اليونان، منذ بداية الحرب في سورية، تابع العديد منهم طريقه باتجاه أوروبا، لكن الكثيرين منهم ما زالوا عالقين في اليونان حتى الآن، وهو ما لم تكن اليونان مستعدة له.

على الرغم من المساعدات المالية التي قدمها الاتحاد الأوروبي، فإن معاناة اللاجئين مستمرة، تقول مارتينيز مبيّنة: “إن جزءًا كبيرًا من اللاجئين لم يحصل على أي نوع من أنواع الدعم. المتطوعون والمنظمات الصغيرة، بما فيهم منظمة (حُبّ بلا حدود للاجئين)، يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة العالقين في اليونان”. وأضافت: “نحن نقوم بالعديد من الأعمال التي لا تستطيع الكثير من المنظمات الكبيرة القيام بها، نحن مبتكرون جدًا، ولدينا الكثير من الأفكار، ونتمتع بقدر جيد من الاستقلالية التي تساعدنا في إنجاز بعض الأمور بشكل أسرع وأكثر مرونة”.




المصدر
نسرين أنابلي